الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

السعليتي : استغلال القاصرات شجع على رفع منسوب السياحة الجنسية نحو المغرب

السعليتي : استغلال القاصرات شجع على رفع منسوب السياحة الجنسية نحو المغرب الدكتور مصطفى السعليتي
أوضح الدكتور مصطفى السعليتي، أستاذ علم النفس الإجتماعي بجامعة القاضي عياض، أن من الحلول الممكنة للحد من ظاهرة اغتصاب القاصرات، الاشتغال على مقاربات تربوية وأمنية، منها الحفاظ على الاستقرار النفسي والعاطفي للقاصر، وعدم الإفلات من العقاب بالنسبة للمتهمين، سواء كانوا مغاربة أو أجانب. ودعا السعليتي في حواره مع"أنفاس بريس" أن يكون موضوع اغتصاب القاصرات من المواضيع الأساسية  في السياسة الحكومية للحد من  ظاهرة الدعارة والاغتصاب داخل المجتمع المغربي.
 
ما تعليقك على ظاهرة اغتصاب القاصرات، على هامش اغتصاب قاصر لا يتجاوز عمرها 14 سنة؟
موضوع الاغتصاب المتعلق باغتصاب القاصرات، موضوع يحتاج إلى كثير من النقاش. فعندما نقول القاصرات، فهذا يعني تحديد السن القانونية للفئات العمرية، وهو ما يعني أيضا أن القاصر بالمفهوم القانوني والشرعي هو الشخص المسؤول عن علاقاته الجنسية، أما بالمفهوم الثقافي فليس هناك ما يسمى بالقاصر، لأنه مفهوم غائب في ثقافتنا وفي العلاقة الجنسية. ومن هنا يمكن القول بالمفهوم القاصر قانونا، لأن المجتمع لا يعترف بهذا التعريف في العلاقات الجنسية، لأنها حاضرة وموجودة منذ سن المراهقة، بمعنى تاريخيا، كان هناك زواج في المجتمعات التقليدية، وإلى يومنا هذا هناك زواج شرعي يعترف بالقاصرات، و بالتالي لماذا لا نقول أنه هو زواج بالقاصرات؟ بمعنى أنه سيصبح زواجا عاديا ما دمنا نرى في مجتمعنا زواج فتيات ما بين 14 و 15 سنة... من هنا فالمعيار الثقافي يتناقض مع المعيار القانوني، وبالتالي إذا طبقنا هذا المعيار القانوني فسنقول إن كل المجتمعات عرفت اغتصاب قاصرات، ما دامت أنها اعتمدت المعيار البيولوجي الثقافي والديني.
ما هي قراءتك السوسيولوجية للدوافع التي قد تسوق القاصرين إلى دخول بيوت الدعارة؟
هي دوافع كثيرة ومتعددة، أولها انتشار ما يعرف بالسياحة الجنسية، على سبيل المثال لا الحصر بمراكش، أضف إلى ذلك ظهور مجموعة من العوامل الأخرى المرتبطة بما هو مادي واجتماعي في رغبة القاصرات في الحصول على مجموعة من الإغراءات المادية التي يقدمها أشخاص يستغلون الأوضاع الاقتصادية للقاصرات المغرر بهن، أيضا يعود استغلال القاصرات جنسيا إلى افتقارهن للتربية الجنسية وأيضا تنشئتهن داخل أوساط عائلية تعج بالمشاكل، ما قد يساهم في خروج القاصرات للشارع وبالتالي عرضتهن للاستغلال الجنسي مع أول فرصة، وبالتالي دخولهن بيوت الدعارة في سن مبكرة. والأكيد أن دوافع القاصرات إلى الانغماس في الدعارة مرتبطة بمدى احتياجاتهن المادية اليومية، في غياب الإمكانات التي لا تتوفر عليها العائلة. ومن ثم تكون الإغراءات سيدة كل المواقف التي تتعرض لهن القاصرات في العديد من الحالات، كحالة القاصر التي غرر بها سائح خليجي بالمال مادام أن هنا غياب للتربية الجنسية، كنتيجة لهذا المعطى الذي شغل بال الإعلام المحلي والوطني كثيرا.
لماذا نجد في نظرك دائما بمجتمعنا في مقدمة المغتصبين أشخاصا أجانب؟
ينبغي الاعتراف بأن الأجانب الذين يحلون بالمغرب، سواء كانوا أوربيين أو خليجيين، يأتون من أجل تفريغ مكبوتاتهم ونزواتهم الجنسية في استغلالهم للقاصرات، بعد أن وجدوا أرضا خصبة لذلك، خاصة أن هناك قاصرات يعرفن أن هناك طلبا عليهن من طرف هؤلاء، وبالتالي لابد من الإشارة إلى أن السياحة الجنسية التي تنامت مسبباتها في السنوات الأخيرة ساهمت بشكل كبير في انتشار هذه الظاهرة وفي نتائجها، أي ظاهرة استغلال القاصرات. فالفتاة القاصر لا تنظر إلى نفسها كقاصر، بل تنظر إليه كجسد أنثوي يمكن استغلاله من أجل الحصول على المتطلبات الضرورية للحياة بما فيها الكماليات، وبالتالي فجسدها هو رأسمال يمكن استثماره في أي وقت من أجل الحصول على كل ما تريد دون عناء. فالقاصر الممتهنة للدعارة لا يسيرها الجانب الأخلاقي أو القانوني، ولكن تسيرها الوضعية الاجتماعية التي تعيشها، فمادامت تملك جسدا يؤهلها للحصول على ما تريد، فهي لا تشعر بالحرج ولا بالذنب في حياتها اليومية، وخاصة عندما تكون بعيدة عن كنف العائلة، المراقبة لما تمارسه القاصر، من خلال سلطة ومراقبة أسرية واجتماعية عليها، كي لا تنساق نحو نزواتها ورغباتها، خاصة عندما تكون التربية ضعيفة من الناحية الأخلاقية، وأيضا غياب التربية الجنسية الضرورية التي تمكن الفرد من التعامل مع الحياة الجنسية بشكل سوي. أما على مستوى الحلول الممكنة للحد من ظاهرة اغتصاب القاصرات، فيكمن الاشتغال على مجموعة من المقاربات، منها ما هو تربوي ومنها ما هو أمني؛ التربوي هو خلق بيئة سليمة جدا، خالية من كل المطبات التي يمكن أن تزعزع الاستقرار النفسي والعاطفي للقاصر، والأمني من خلال عدم الإفلات من العقاب، بالنسبة للذين يستغلون القاصرات، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، فلا يمكن أن يطبق القانون على البعض ولا يطبق على الآخر. ومن هنا نتمنى أن يكون المجتمع المغربي مجتمعا ديمقراطيا، خاليا من الفوارق الاجتماعية وأن يكون موضوع اغتصاب القاصرات من المواضيع الأساسية في السياسة الحكومية حتى يكون لدينا مجتمع بدون دعارة واغتصاب.