الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

غزلان الشواي: الأستاذ الباحث هو الحلقة الأضعف في منظومة التعليم العالي

غزلان الشواي: الأستاذ الباحث هو الحلقة الأضعف في منظومة التعليم العالي غزلان الشواي مع وقفة احتجاجية للأساتذة الباحثين

ترى غزلان الشواي، منسقة جامعة محمد الاول وعضو المكتب الوطني لتنسيقية الكرامة المستقلة للأساتذة الباحثين، أن الوقفة الاحتجاجية التي ضمت أساتذة باحثين يمثلون كل الجامعات المغربية، هي تعبير عن غضب وسخط هؤلاء على الوضعية التي آل إليها الأستاذ الباحث؛ مشيرة إلى أن مطالب ما أسموه بتنسيقية الكرامة تتمثل في المطالبة بالزيادة في أجر الأستاذ الباحث، بدءا بإعفاء تعويضات البحث العلمي من الضريبة الذي ينفرد به النظام التعليمي المغربي عن باقي الدول، ووضع حد لتدهور وضعية الأستاذ المادية والمعنوية في ظل تزايد مهامه وانخراطه في كل أوراش إصلاح منظومة التربية والتكوين.

 

+ تم تنظيم وقفة احتجاجية مؤخرا أمام مقر البرلمان، على خلفية عرض ومناقشة الميزانية الفرعية لقطاع التربية والتكوين، ما هو سياق هذه الوقفة؟

- الوقفة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة للاحتجاج على وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، فهي محطة من المحطات النضالية التي سطرتها تنسيقية الكرامة للأساتذة الباحثين، ضمن برنامج نضالي تصعيدي لرفع الحيف الذي طال الوضعية الاعتبارية والمادية للأستاذ الباحث التي تجمدت منذ 20 سنة. وهي وقفة ناجحة ضمت أساتذة باحثين يمثلون كل الجامعات المغربية، حضروا ليعبروا عن غضبهم وسخطهم على الوضعية التي آل إليها الأستاذ الباحث. وقد تمت برمجة هذه الوقفة تزامنا مع عرض الميزانية الفرعية لقطاع التربية والتكوين للدفع بملفنا المطلبي والتعبير عن تضامن الأساتذة والتحامهم حول التنسيقية للدفاع عن هذا المطلب المشروع، خاصة وأنه يتزامن مع مشروع إصلاح التعليم العالي الذي سيزيد من أعباء الأساتذة.

 

+ ما هي أهم مطالب التنسيقية؟

- لدينا مطلب واحد هو صون كرامة الأستاذ الباحث، وحفظ مكانته الاعتبارية والمادية، ولهذا أطلقنا عليها اسم تنسيقية الكرامة، ماديا نطالب بالزيادة في أجر الأستاذ الباحث بدءا بإعفاء تعويضات البحث العلمي من الضريبة الذي ينفرد به النظام التعليمي المغربي عن باقي الدول، ووضع حد لتدهور وضعية الأستاذ المادية والمعنوية في ظل تزايد مهامه وانخراطه في كل أوراش إصلاح منظومة التربية والتكوين، من صدور القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي ومرورا بإصلاح 2003 الذي تم فيه تنزيل نظام LMD ووصولا للرؤيا الاستراتيجية لإصلاح التعليم العالي 2015-2030.

 

+ إلى ماذا ترجع أسباب تدهور الوضعية المادية للأستاذ الباحث، وما هي المهام المنوطة به؟

- يظهر تدهور الوضعية المادية للأستاذ الباحث من خلال عدة عوامل نذكر منها: مقارنة نسبة الميزانية الإجمالية المرصودة للتعليم العالي الجامعي في الثروة الوطنية (الناتج الداخلي الخام) التي لا تتجاوز 1 في المائة، بل تعرف تراجعا واضحا إذ انتقلت من 0.98 في المائة سنة 2001 إلى 0.97 في المائة سنة 2016 وذلك استنادا لمعطيات التقرير التقييمي الذي أنجزته الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين في 2018،

مؤشر آخر يؤكد تدهور الوضعية المادية للأستاذ الباحث هو أن مجموع أجور موظفي قطاع التعليم العالي الجامعي تطور ببطء شديد بل سجل انخفاضا سنتي 2014 و2015 فقد انتقل من5705 مليون درهم جاري سنة 2012 إلى5385 مليون، عند القيام بمقارنة بسيطة بين أجور عدد من هيئات الوظيفة العمومية والديبلومات المطلوبة لولوجها، يتضح بجلاء التدهور المتواصل للوضعية المادية والمعنوية للأستاذ الباحث رغم أنه يحمل أعلى شهادة علمية وهي الدكتوراه.

هناك أيضا ضغط متزايد على الأستاذ الباحث عند ممارسته لمهام التدريس جراء التدهور المستمر لنسبة التأطير البيداغوجي بمؤسسات التعليم العالي، إذ انتقلت هذه النسبة من 29 طالبا لكل أستاذ سنة 2010 إلى 83 طالبا لكل أستاذ سنة 2016 بالنسبة لمؤسسات الولوج المفتوح مقابل 30 طالبا لكل أستاذ حسب المعيار العالمي للتأطير. وهذا راجع لازدياد عدد الطلبة في التعليم العالي الذي بلغ نسبة 108 في المائة ما بين سنتي 2011 و2016 مقابل زيادة لم تتجاوز 12 في المائة خلال نفس الفترة في عدد الأساتذة الباحثين. ويجد أساتذة باحثون في مواقع جامعية عدة أنفسهم يدرسون أفواجا مكونة من 1000 طالب علما أن ميثاق التربية والتكوين وضع سقف 60 طالبا في كل فوج كحد أقصى.

أمام هذا الوضع تدهور التأطير البيداغوجي، بعد ارتفاع نسبته، نجمت عنه صعوبة متزايدة في إلقاء الدروس وعدم انضباط الطلبة وزيادة أعباء التصحيح التي تبلغ أكثر من 10 آلاف ورقة امتحان في السنة للأستاذ الواحد في أكثر من مؤسسة جامعية. وأمام زيادة وصعوبة مهام التدريس فلا يتلقى الأستاذ الباحث أي تعويض إضافي، خصوصا وأن ظروف العمل الصعبة هاته تتسبب باستمرار في أمراض نفسية وجسدية للكثير من الأساتذة الباحثين،

بالنسبة للنفقات والمصاريف العديدة فيتحملها الأستاذ الباحث من ماله الخاص من أجل القيام بأنشطة البحث العلمي والتأطير والتدريس نذكر منها: مصاريف التنقلات، مصاريف شراء المعدات والمستلزمات، مصاريف النشر، مصاريف الطباعة، مصاريف تأطير ومناقشة البحوث العلمية، مصاريف المشاركة في الملتقيات العلمية... مصاريف تنظيم الملتقيات العلمية، إضافة إلى ان هناك مهام جديدة للأستاذ الباحث دون مقابل مادي، نذكر منها مهام منسق وحدة، مهام منسق مسلك، ووجود أخرى دون تعويض رغم جسامة المسؤولية المتعلقة بها كمهمة رئيس شعبة.

وخلافا لأطر الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية، لا يستفيد الأساتذة الباحثون إلا في حالات استثنائية من تعويضات مناصب المسؤولية لسبب بسيط وهو أن عدد مناصب المسؤولية محدود بمؤسسات التعليم العالي إذ لا تتعدى 3 مناصب في كل مؤسسة (عميد أو مدير ونائبا العميد أو المدير)، تضم كثير منها أزيد من 100 أستاذ باحث وهو ما يشكل انحسارا للمسار المهني للأستاذ الباحث.

 

+ لماذا اللجوء لتنسيقية عِوَض الانخراط في نقابة التعليم العالي؟

- قطاع التعليم العالي يعاني من مشاكل متعددة، وبالتالي فالنقابات تدافع عن ملفات عديدة ومتعددة. وبعض الملفات لم تتم تسويتها لسنين عديدة، وهنا يجب الإشارة إلى أن التنسيقية تضم الأساتذة المنتمين نقابيا وغير المنتمين، فأنا مثلا عضو في المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالناظور. وعليه فتنسيقية الكرامة المستقلة حركة احتجاجية ليست بديلا عن النقابات، وهي مفتوحة في وجه كل الأساتذة الباحثين، وتضم في عضويتها وهياكلها أساتذة يؤمنون بأن إنجاح الإصلاح مقترن ورهين بتحسين الوضعية الاعتبارية والمادية للأستاذ.