الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

السينما العربية منغلقة على ذاتها والتوزيع يؤرق النقاد والمنتجين‎

السينما العربية منغلقة على ذاتها والتوزيع يؤرق النقاد والمنتجين‎ جانب من أشغال الندوة
شكل موضوع الإنتاج السينمائي العربي المشترك، وأزمة التوزيع في البلدان العربية، محور ندوة احتضنتها مدينة مكناس صباح اليوم الأربعاء 19 يونيو 2019 ضمن فعاليات مهرجان مكناس الدولي للفيلم العربي.
الندوة التي قام بتنشيطها المخرج والمنتج المغربي ادريس الإدريسي، سلطت الضوء على جملة من القضايا التي تؤرق المنتجين السينمائيين العرب، وأبرزها إشكالية التمويل السينمائي، وغياب سياسة سينمائية في البلدان العربية، بالإضافة إلى أزمة التوزيع، وهي المواضيع التي حاول المشاركون في الندوة بحث أسبابها وتداعياتها على الإنتاج السينمائي المشترك، ومن جملتهم الناقد السينمائي المغربي محمد اشويكة، الذي لفت الإنتباه إلى وجود بعض التجارب السينمائية المغربية المشتركة، مقدما على سبيل المثال تجربة المخرج الراحل عبد الله المصباحي، الذي استطاع تدشين تجربة كتابة سيناريوهات أفلامه باللغة العربية إلى جانب اللهجة الدارجة المغربية، كما كان يشرك نجوما مصريين في إنتاج أفلامه داخل المغرب. كما تطرق اشويكة إلى تجربة المخرج مومن السميحي الذي تمكن من إنتاج فيلم مصري برأسمال مغربي يحمل عنوان "سيدة القاهرة"، والذي منع عنه الدعم العمومي المغربي بعد ذلك، موضحا بأن مشكل إخراج الأموال واستثمارها في بلد آخر، في غياب حرية لنقل أموال التمويل السينمائي من بلد عربي إلى آخر، وهو المعطى الذي يظل مرتبطا – حسب رأي اشويكة – بالشروط السياسية والثقافية.
كما أشار اشويكة إلى إشكالية إنغلاق الأفلام السينمائية العربية على هوياتها المحلية، بخلاف بعض السينمات الصاعدة، مثل السينما الكورية وبعض البلدان الأسيوية أو سينما أوروبا الشرقية، حيث يتم إنتاج أفلام سينمائية ببعد إنساني، ليخلص إلى كون البلدان العربية لا تنتج أفلام سينمائية بقدر ما تنتج "متواليات بصرية" ترضي البعد الهوياتي المحلي قبل أن ترضي البعد الهوياتي العربي والإنساني.
من جهته توقف الناقد السينمائي المصري وليد سيف عند مشكل تمويل الإنتاجات السينمائية العربية المشتركة، مضيفا بأن الأمر يعد من "المستحيلات" إذ جرى التطرق للموضوع- يضيف- في لقاءات وندوات عديدة منذ أكثر من 20 سنة، دون أن تنجح السينما العربية في تجاوز إشكالية تمويل أعمال مشتركة.
لايمكن الحديث عن السينما المصرية دون الحديث عن مشاركات عربية منذ بداية السينما المصرية في مجالات الإخراج والسيناريو والتمثيل وفي كل مجالات السينما، وحاليا لايمكن الحديث عن الدراما المصرية دون الحديث عن فنانين من مختلف أنحاء الوطن العربي يشاركون في المسلسلات مصرية.
كما عرج هو الآخر على مشكل تمويل الإنتاجات الخاصة، مؤكدا بأن الحكومات العربية منشغلة أكثر بتمويل قطاعات الصحة والتعليم والغذاء..مؤكدا أن الثقافة وضمنها السينما لاتصنف ضمن أولويات الحكومات العربية باعتبارها أحد مكونات الرفاهية فقط، مقدما على سبيل المثال تجربة مصر في إطار تداعيات ما بعد ثورة 25 يناير 2011، حيث تنشغل الحكومة المصرية أكثر بتوفير المعونة لقطاعات عريضة من السكان، وهو الأمر الذي تسبب في تراجع الميزانية المخصصة للإنتاج السينمائي، مضيفا بأن الموضوع طرح على طاولة المسؤولين الحكوميين فكان الجواب أنه هناك أولويات، ولايمكن الرفع من الميزانية المخصصة للإنتاج السينمائي.
كما توقف عند إشكالية التوزيع، مشيرا إلى مفارقة وجود أفلام لا تتم مشاهدتها إلا في المهرجانات، بالمقابل هناك أفلام تحقق ايرادات مهمة في القاعات، ومع ذلك يجري إقصائها من المشاركة في المهرجانات السينمائية.
وهو المعطى المحزن الذي زكاه المخرج والمنتج جمال السويسي الذي أشار إلى أن المهرجانات تظل هي الموزع الحقيقي للأفلام في كل أنحاء البلدان العربية.
وفي ما يتعلق بضعف الإنتاج المشترك أشار السويسي أن المشكل الأساسي في البلدان العربية هو غياب سياسة سينمائية، والتي لايمكن تحقيق النجاح دون توفرها لو توفرت النوايا الحسنة، مقدما مثال بلدان الإتحاد الأوروبي التي استطاعت التغلب على تباين ثقافاتها ولغاتها ونجحت في بلورة أعمال مشتركة رائعة تجول كل أنحاء العالم سواء بلغاتها الأصلية أو عبر الدبلجة، مؤكدا أنه بإمكان الفيلم العربي الوصول إلى كل أقطار العالم شريطة توفر سياسة سينمائية.
وعن التجربة السينمائية المغربية، قال السويسي خلال الندوة إن الدولة لا تتدخل فقط في دعم المنتجين بل توفر أيضا قروض مالية لفائدتهم، لكن يبقى طموح المنتجين هو الوصول إلى ماهو أفضل من ذلك سواء من ناحية الميزانية المخصصة للسينما أو من حيث طريقة دراسة ميزانية الأفلام، بالإضافة إلى التغلب على مشكل التوزيع، مستحضر تجربة حكومة الأندلس في اسبانيا حيث يعد التوزيع أساس استراتيجية الإنتاج، مؤكدا أن توفر سياسة خاصة بالتوزيع من شأنه ايصال الأفلام العربية إلى كل بقاع العالم.