الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

لموير: أحذر من العواقب الوخيمة لحملات التجييش وتأليب الرأي العام ضد القضاة

لموير: أحذر من العواقب الوخيمة لحملات التجييش وتأليب الرأي العام ضد القضاة شريفة لموير، قيادية في الشبيبة الاتحادية

اتجه دستور 2011 إلى التنصيص على مجموعة من المكتسبات خاصة تلك التي تهم الحقوق و الحريات، وكما بوأ القضاء باعتباره حامي للحقوق و الحريات، وجعله سلطة على غرار السلطات الأخرى التشريعية والتنفيذية، و خول القضاء الحق في التعبير المعترف به  بموجب المواثيق الدولية وعلى رأسها الحق في ممارسة حرية التعبير، من خلال تنصيصه في الفصل 111 ا على أن"للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم ﻣع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية.

 ويمكن تأسيسا على ذلك للقضاة الانخراط في جمعيات، أو إنشاء جمعيات مهنية، مع احترام واجبات التجرد واستقلال القضاء، وطبقا للشروط المنصوص عليها في القانون. يمنع على القضاة الانخراط في الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية".

غير ان حرية التعبير يحدها واجب التحفظ و خلافا لما يفهمه البعض و يحاول توظيفه لإفراغ المكتسبات الدستورية من محتواها من قبل  أعضاء من العدالة و التنمية، و بعض  ممن يحسبون على الحركة الإتحادية أو بعض من المحسوبين على متطرفي الحداثة و الذين لطالما عرفوا بسلوكاتهم الشاذة.

فالتاويل المتصالح مع روح العصر حتى لا اقول الحداثي الذي  هو واجب التحفظ، بما تقتضيه المواثيق الدولية لا يعدو ان يكون  اسثتناء عن  الأصل الذي هو حرية التعبير، الذي يحقق التفاعل القانوني، فمشاركة القضاة في المشهد العام من خلال آرائهم هو أداة تقوي الثقافة القانونية و الحقوقية وحماية من مغالطات بعض السياسيين و هو أيضا وسيلة للرفع من المنسوب القانوني و ابعاد المغالطات، غير أن محدودية الفهم والفكر لدى البعض يجعل من تأويلهم للأمور ممارسة فيها نوع من  ترهيب القضاة لحثهم على الصمت و الركون، ويحرمون من المشاركة الفاعلة لأهل الإختصاص و بالتالي، جعل مثل هذه القضايا تخضع لمنطق رفع الصوت و مغالطة الرأي العام، و تكبيل يد  القاضي الذي يعد حامي الحقوق و الحريات وحرمانه من حقه في التعبير.

ان تعاطي بعض المتاجرين بالمواقف و معهم بعض محدودي التفكير من محاميي العدالة و التنمية، يريدون من النقاش القانوني في قضية حامي الدين، أن يكون سيفا على أعناق المجتهدين، غايتهم في ذلك تجيش سياسي، خاصة بعد خرجة المتهافت وزير الدولة في حقوق الإنسان، و هو نفسه الوزير السابق للعدل الذي اشرف على تنزيل استقلال النيابة العامة في سعي بدائي انتقامي للحشد السياسي الذي وصل إلى درجة تهديد المؤسسات في عملية ضغط غير مشهودة على القضاء و هيئة المحكمة، و يتنافى كل ذلك مع أبسط مبادئ احترام استقلالية القضاء وحرمة المحاكم ودولة القانون والمؤسسات.

إن حملة التهجم على القضاء والتجريح والتشكيك في استقلالية القضاء ونزاهته، واتهام القضاة بأبشع تهم التسييس الإنحياز. هو انحراف خطير من طرف الحزب الحاك، و هو لعمري انحراف خطير من قبل العدالة و التنمية و فريقيها في البرلمان، و مختلف نشطائها الذين فسحوا المجال لانتصاب المحاكمات الإعلامية، من دون أدنى احترام لمبادئ الحيادية، و رفضهم خروج الطرف القضائي ليقول كلمته و للرد والتوضيح.

إنني كحقوقية و يسارية متطلعة لدولة المؤسسات، أحذر من العواقب الوخيمة لحملات التجييش وتأليب الرأي العام ضد القضاة، و من تداعيات التوظيف السياسي لهذه القضية من دون إلمام بالملف وتفاصيل حيثياته.