الخميس 28 مارس 2024
خارج الحدود

تضييق إدارة ماكرون على تظاهرات " السترات الصفراء" يفضح نفاق الإعلام الفرنسي‎ (مع فيديو)

تضييق إدارة ماكرون على تظاهرات " السترات الصفراء" يفضح نفاق الإعلام الفرنسي‎ (مع فيديو) الرئيس الفرنسي،و مشهد من احتجاجات "السترات الصفراء"
دخلت احتجاجات "السترات الصفراء" ضد ارتفاع أسعار المحروقات يومها الخامس بفرنسا في مواجهة الرئيس ماكرون الذي تتهمه الحركة بالعزلة عن واقع الشعب الفرنسي و " إهمال الفقراء " في حين تراوحت ردود فعل السلطة التنفيذية بين الدعوة الى الحوار حينا وإطلاق اتهامات بالتطرف حينا آخر.
وكان المتظاهرون واصلوا تحركاتهم عبر إقامة حواجز لإبطاء حركة السير قرب نقاط دفع رسوم الطرقات السريعة وعند الساحات في مناطق عدة.
وشهدت حركة السير اضطرابا على عدة طرق عامة وعند نقطة دفع رسوم في فيرساك على الطريق بين بوردو وباريس بجنوب غرب فرنسا، ولم تتوفر أي أرقام رسمية عن أعداد المشاركين الثلاثاء 20 نونبر 2018، لكن مصدرا في الشرطة تحدث عن 10500 متظاهر في جميع أنحاء فرنسا بما فيها جزيرة " لارينيون " في المحيط الهندي حيث فرض حظر تجول جزئي في نصف البلدات، وقد أوقعت التظاهرات منذ بدء التحرك قتيلا و 528 جريحا بينهم 17 إصابتهم بالغة، وفق حصيلة أعلنتها وزارة الداخلية الفرنسية مساء الإثنين محذرة بأن عمليات فتح الطرقات التي أمرت بها السلطات " ستتواصل "، ويتوقع أن تستمر الحركة في الأيام المقبلة بينما تتزايد الدعوات على شبكات التواصل الاجتماعي إلى شل الحركة في باريس السبت، حيث أعلن 29 ألف شخص حتى الآن نيتهم المشاركة في التظاهرة في الحدث الذي تمت الدعوة إليه عبر فيس بوك.
بالمقابل صرح وزير الداخلية كريستوف كاستانير لشبكة " فرانس 2 " : " نحن أمام جنوح تام لتظاهرة انطلقت بالأساس هادئة السبت " منددا ب " نزعة نحو التطرف " و " بسقوط عدد كبير جدا من الجرحى وكالة الأنباء الفرنسية " (أ.ف.ب) " ونظيرتها " فرانس 24 " اللتان طالما عودتا المشاهد في المنطقة المغاربية بالخوض في القضايا والأحداث الإقليمية بحملات تهويل هائل سرعان ما التزمت الصمت إزاء موجة الإعتقالات التي شنتها الشرطة الفرنسية ضد المحتجين في انتهاك فاضح لحرية التعبير وحرية التظاهر السلمي، وهي التي لم تتوانى يوما عن توجيه سهام النقد اللاذع للعناصر الأمنية المغربية في تعاطيها مع المحتجين سواء إبان حراك الريف أو احتجاجات جرادة حتى وإن كانت تدخلاتها سلمية، وهو ما يؤكد سياسة الكيل بمكيالين التي ينهجها الإعلام الفرنسي في تعاطيه مع القضايا الوطنية، مما يضع مصداقيته على المحك خلافا لما يعتقده البعض بأن الإعلام الفرنسي هو " جنة الحرية " بدليل التغطية اللامتوازنة والمنحازة إزاء الأحداث بالريف وجرادة.
فلماذا لا تهتم وسائل الإعلام الفرنسية المنشغلة باحترام حقوق الإنسان إزاء الوضع المقلق حاليا والتضييق الذي يواجه المتظاهرون في احتجاجات " السترات الصفراء " ؟ ولماذا فضلت تجاهل الوضع بجزيرة " لارينيون " التي فرض فيها حظر التجول ؟ ألا يعد هذا انتهاكا صارخا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ؟
أسئلة تظل مطروحة بإلحاح من طرف المراقبين وكذا المواطنين الفرنسيين الذين ينظرون بأعين تملئها الحسرة والغضب تجاه الرئيس ماكرون الذي يقف عاجزا أمام ناخبيه، مؤكدا هزالة مقعد الرئاسة، نظرا لغياب القيادات الفرنسية الكبرى القادرة على الإستحواذ على الإلتفاف الجماهيري الواسع حولها، بما يعكس حالة الإنقسام الكبير في الشارع الفرنسي داخليا ، حول قضايا الإقتصاد المتردي، اللاجئين، الصحة، والبطالة..فوعود الرئيس باتت عبئا ًعلى كاهله، وفضحت فشله في التحكم والموازنة ما بين وعوده وقدراته وخيارات ورغبات الفرنسيين في الإصلاح اللذين منحوه أصواتهم، فتراه اليوم يقف عاجزا ً أمام تخبطه ونزيف رصيده الشعبي.
فكم يبدو باهتا اليوم مع مشهد اعتقال متظاهرين من حركة " السترات الصفراء" ضد ارتفاع أسعار المحروقات وفرض حظر التجول في جزيرة " لارينيون " مشهد مباهاة حزب ماكرون المعروف باسم " الجمهورية إلى الأمام " ومعه " الشعبويين " بفوز فرنسا بكأس العالم عبر تضحيات لاعبين من أصول غير فرنسية أمام ماكرون العاجز تماما عن تقديم إجابات وحلول لمطالب حركة المحتجين والتي لا يمكن لأحد التنبؤ بما ستؤول إليه في الأسابيع القادمة مع نهج إدارة ماكرون لأسلوب التضييق والإلتفاف على مطالب المتظاهرين وإلصاق التهم بدل نهج أسلوب الحوار الجاد والمسؤول وتقديم الحلول.