الجمعة 22 نوفمبر 2024
ملفات الوطن الآن

بنكيران يدشن ولايته الحكومية بتدمير المدرسة العمومية

بنكيران يدشن ولايته الحكومية بتدمير المدرسة العمومية

تماما كما هو منتظر من حكومة عبد الإله بنكيران المنتهية ولايتها، فلقد امتد النهج الليبرالي المتوحش إلى القطاع الثاني في سياساتنا العمومية بعد القضية الوطنية ليشمل إلغاء مجانية التعليم الذي بدأ التلويح به عبر المجلس الأعلى للتعليم تناغما مع قرارات خطيرة مماثلة همت سابقا إلغاء دعم صندوق المقاصة، وإقرار إجراءات ما يسمى إصلاح صندوق التقاعد مع تحميل الموظفين تبعات إفراغها، وإلغاء التوظيف المباشر مع تثبيت التوظيف بالعقدة في أحسن الحالات، ونتيجة مثل هذه القرارات بل أخطرها فتح الباب للهجوم الشرس على القدرة الشرائية للمواطن.
قرار إلغاء مجانية التعليم لا يعني فقط رغبة الحكومة في تفويت القطاع أو خوصصته، ولكن أساسا في إقرار فكرة استقالة الدولة عن تقديم الخدمات العمومية للمغاربة.
القرار يعني كذلك أن مسلسل التراجعات في هذا القطاع لن ينتهي اليوم لأنه بلا ضفاف ما دام يفكر في إنعاش عجز الميزانية من جيوب المواطن البسيط، والبسيط وحده.
في هذا الإطار لابد أن نستحضر اتفاق النخبة المغربية بمختلف مكوناتها، بل بتناقض هذه المكونات، سنة 1957، على المبادئ الأربعة الضامنة لتأسيس المدرسة العمومية المتحررة من آثار التركة الاستعمارية. يتعلق الأمر بـ: التعميم،، التوحيد، التعريب، المغربة. وها هي عقود الاستقلال تمضي ليعود بنا بنكيران إلى نقطة الصفر، حيث لا توحيد ولا تعريب  ولا مغربة  ولا تعميم. كل ما يتوقع من مبادرات من الحكومة التي تدعي شرعية تمثيل المغاربة هو تهديد المغاربة بمزيد من النزيف الشرس والإجهاز على مكاسبهم، بما فيها ما يشكل قطاع التربية والتعليم رأسمالهم الرمزي الذي يحقق بالفعل تجلي السيادة الوطنية، فقط امتثالا لأوامر صندوق النقد الدولي.
أما بعد فالمؤكد أن ما ينتظرنا في السياق الوطني الراهن كما وضحنا ذلك مرات عديدة هو الأسوأ، إذ سيجد بسطاء المغاربة أنفسهم في الجحيم بلا معارضة قوية تسند ظهرهم، وبلا برلمان يشبه تطلعاتهم، وبلا بريق أمل يمنحهم إمكانية الحلم تحت سماء المغرب المشعة. حكومة بنكيران المتمتعة بشرعية صناديق الاقتراع، يا حسرة!، كانت أقسى الحكومات في عقاب المغاربة لأن أغلبيتهم اختارت ببساطة أن تصوت على بنكيران وحزبه، وبئس الاختيار والمصير، لكنها الديموقراطية التي لا يعلى عليها!

عبد الرحمان غانمي، أستاذ بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال

ضرب مجانية التعليم سيهدد كيان الدولة والمجتمع

يرى الأستاذ الجامعي عبد الرحمان غانمي، في حوار أجرته معه «الوطن الآن» حول أزمة التعليم بالمغرب، أن أجود الأطر في مختلف المجالات جاؤوا من التعليم العمومي الذي وفر نخبا متميزة في كل المجالات رغم كل الإكراهات والظروف الصعبة المتعلقة بشروط العمل، والسياسة التعليمية المتخبطة في هذا المجال، مؤكدا أن الأزمة الحقيقية ليست في التعليم في حد ذاته، وإنما هي أزمة سياسة واختيارات، وأزمة تدبير للملفات ذات الأبعاد الاجتماعية  (التعليم، الصحة، الشغل، العدالة..) وأزمة اقتصاد، وأزمة رؤية

* يعتبر التعليم أهم مرتكز تقاس به حضارة المجتمعات، في نظرك هل الحكومات المغربية المتعاقبة منذ الاستقلال حتى اليوم، اشتغلت بنفس وطني وبجدية على هذا الأساس؟
- منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، وملف التعليم لا يخضع لمنظور استراتيجي على مستوى الاختيارات، بحيث يغلب عليه الطابع السياسوي، ونقصد بذلك  توظيف التعليم وفق الحاجات السياسية المرحلية المتغيرة، في زواج غير طبيعي ولا منطقي ،مع المحددات التقنوية ،على مستوى لغة التدريس والبرامج والمناهج والمحتويات ،أي تغليب ما هو ظرفي عوض أن يكون التعليم بوابة لدخول العصر من أبوابه الواسعة؛ ولذلك فإن كل السياسات التعليمية منذ الاستقلال لم تستقر على حال، حسب متطلبات الهوية الحضارية والتاريخية والثقافية، وأيضا تحديات ورهانات التنمية والاقتصاد المعرفي وبناء مجتمع متحرر وحداثي يغلب قيم العقل. إذن هناك اضطراب

وارتباك في السياسة التعليمية التي تفتقد لرؤية سياسية مستقبلية واستراتيجية تعطي أهمية للإنسان المغربي، باعتباره ثروة أساس الاستثمار بدل النظر إلى التعليم وكأنه عبء على كاهل الدولة.

* قضية التعليم بالمغرب شكلت ملفا حارقا لكل الحكومات المتعاقبة وفشلت في تدبيره، من يتحمل مسئولية أزمة التعليم بالمغرب؟
- يمكن القول إن أزمة التعليم مشتركة، لكن المستويات مختلفة، وعلى رأس ذلك الدولة والحكومات التي تعاقبت على تسيير الملف، وأساسا الأطراف التي تتخذ القرارات. لكن دعني أقول إن هذا الملف لا يمكن اختزاله في ما هو متداول، أي (أزمة التعليم)، لأن هذا التوصيف اختزالي ويؤدي إلى نتائج تخدم في الصميم كل الذين  يستهدفون التعليم. فالتعليم غير معزول عن سياقه، ثم لا ننسى أن أجود الأطر في مختلف المجالات جاؤوا من التعليم العمومي الذي وفر نخبا متميزة في كل المجالات رغم كل الإكراهات والظروف الصعبة المتعلقة بشروط العمل والسياسة التعليمية المتخبطة في هذا المجال. أقصد بذلك أن الأزمة الحقيقية ليست في التعليم في حد ذاته، وإنما هي أزمة سياسة واختيارات، وأزمة تدبير للملفات ذات الأبعاد الاجتماعية (التعليم، الصحة، الشغل، العدالة..) وأزمة اقتصاد، وأزمة رؤية. وما يقع في التعليم راهنا، والذي أصبح متهما ومحشورا في الزاوية، وكأن باقي القطاعات والمجالات الأخرى أحسن حالا وعلى ما يرام، ما هو إلا عرض من أعراض فشل السياسة المنتهجة التي لا تتبدل ولا تتغير. ويبدو لنا أن هناك إصرارا «عجيبا وغريبا» على السير في نفس النهج الفاشل بطرق وأساليب تقوم على الاحتيال السياسي.

* الحق في التعليم يكفله الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، لماذا يتم اليوم الإجهاز على مكتسبات مجانية وإلزامية التعليم من خلال عدة قرارات لا شعبية تضرب المدرسة والجامعة العموميتين في الصميم وتشجع التعليم الخصوصي الذي يعتبره البعض تعليم طبقي؟
- هناك أسباب عديدة وراء الإجهاز على التعليم، وهذا المسلسل بدأ أزيد من عقدين، بعد الدخول في مجال خصخصة التعليم، علما أن هذا القطاع كان له أدوار محددة، حيث كان يستقبل الفاشلين والمطرودين في الغالب، وأيضا الذين لا يستطيعون مواكبة مسارهم الدراسي بشكل بناء. أما في عهد الاستعمار فقد كانت له أهداف استراتيجية وواضحة، وهي مواجهة المد الاستعماري لغويا وثقافيا وحضاريا، أي أن التعليم كان أداة للصراع ضد المستعمر. وينبغي أن يبقى كذلك في مواجهة كل أشكال المسخ اللغوي والثقافي التي تغلغلت في أوساط المجتمع .

* ما نعاينه اليوم، وما هو حاصل هو أنه لم نعد نتحدث عن معايير مضبوطة بخصوص التعليم وما نريد منه، وأيضا ما هي مقاييس الجودة والرداءة؟ وهل يقدم التعليم الخصوصي اليوم حصيلة راقية أصلا أم يراد له أن يكون بديلا كاسحا عن التعليم العمومي؟
- لقد شكل التعليم العمومي فضاء رحبا للتعايش الطبقي والاجتماعي، بين أحضانه كانت تلتئم مختلف الفئات الاجتماعية وتتقوى العلائق والروابط، ما أسهم بشكل مباشر في بناء التماسك الاجتماعي والاستقرار الذاتي والجماعي، وصهر كل الانتماءات الطبقية في بوتقة واحدة، وخلق ما يمكن أن أسميه بـ (السيرورة الدائمة للتهدئة الاجتماعية).
اليوم؛ لننظر إلى واقع الحال، حيث أصبح التعليم فضاء لتكريس الفوارق الطبقية وتوسيع التمايزات الاجتماعية، مما يهد د نسيج المجتمع. ولا نبالغ إذا  اعتبرنا أن هذا  الملف يشكل قنبلة موقوتة، ذلك أن خصخصة التعليم لا تندرج ضمن مشروع استراتيجي لبناء الإنسان المغربي وتقوية ثرواته الاقتصادية ورأسماله المعنوي، وإنما تدخل في باب الحسابات المالية الضيقة التي ترى بكل بساطة أن التعليم عبء مالي ينبغي أن يزول. هذا إضافة إلى أن أطرافا ولوبيات سياسية ومالية واقتصادية استثمرت في هذا القطاع بعد أن استفادت من كل الامتيازات التي شرعتها الدولة، ولا يمكن أن تتخلى عن هذه «الهدية» أو تتراجع إلى الخلف. ولا ننسى أيضا أن هذا الملف يرتبط بالتشغيل، إذ لن تكون الحكومات في حاجة إلى التوظيف، وإن تم فبحساب، أي أنها ستكون في حل من كل التعهدات والالتزامات الاجتماعية، هذا ما يؤكد أن الدولة لها تصور مالي معين تؤمن به، أو أنها لا ترى بديلا عنه، في مقابل ذلك لا تمتلك رؤية استراتيجية عن ملف التعليم بعيدا عن كل الحسابات الظرفية والفئوية والمالية.

* هل الشارع المغربي قادر اليوم على تحصين مكتسبات المدرسة والجامعة العموميتين، انطلاقا من دعوة النقابة الوطنية للتعليم العالي لتشكيل جبهة وطنية للدفاع عن هذه الحقوق؟
- إن تعبير الشارع المغربي غير دقيق، ويبقى فضفاضا وعاما، ولذلك فإن المسؤولية تقع على كل الأطراف المعنية بالموضوع بشكل مباشر أو غير مباشر، خصوصا بعد أن لاحظنا في العقد الأخير أن رفع المطالب غدا فئويا بالدرجة الأولى (الأطباء،الأساتذة المتمرنون، المهندسون، الممرضون، غلاء فاتورات الماء والكهرباء في بعض المدن ...) بهذا يمكن أن نتحدث عن تحول سوسيولوجي عميق للمضمون الاجتماعي، وكذا حافز الاحتجاج الاجتماعي وشكله، في إطار تخوم اجتماعية متداخلة.
في هذا الملف يمكن أن يتحقق تعاضد بين كل المكونات المتضررة، وفق شروط التعبئة الناجعة والوعي بمخاطر هذه السياسة، وكذا العزم على الرفض الذي لا يغلب مصلحة فئة دون أخرى. وهنا نقصد الأسر المغربية بشكل مباشر المتضرر الأول، وهي طاقة كامنة لو استوعبت مخاطر ما سيأتي، والطلبة الذين سيكونون أكبر الضحايا، والجامعة المغربية، والبحث العلمي. وهنا أيضا لا بد من الإشارة إلى أن هذه السياسة سيكون لها أثر، على المستوى البعيد، وبالدرجة الأولى على كيان الدولة، حينما ستتخلى عن مسؤولياتها تجاه المجتمع، وتتحول إلى مجرد متفرج وقابض للمال والضريبة، ولا يهمها في شيء أن توزع الثروات بشكل عادل. ومن نتائج هذه السياسة تحول المجتمع إلى كيان هش تنخره الفوارق الطبقية بشكل فظيع. وعليه إذا توحدت الرؤى يمكن التصدي لهذا المخطط التخريبي الذي لا يستحضر الهواجس الوطنية.

* ما هي الحلول المستعجلة الكفيلة برد الاعتبار للمدرسة والجامعة العموميتين؟
- المسؤولية ملقاة على كل الأطراف الحكومية والمجتمعية والنقابية والسياسية والعاملين في هذا الحقل، لأن التعليم يرتبط بكل الحقول، ولا يمكن أن تأتي الحلول دفعة واحدة.
في اعتقادي الشخصي نحن في حاجة إلى «ثورة» سياسية وتعليمية هادئة وعقلانية يباشرها من هم أهل لها حقا (أهل التربية والعلم والفكر والثقافة واللغة...) ومن أهم ما يمكن مباشرته تغيير السياسات والرؤى في العمق ،بدل الاكتفاء بتغيير الوجوه، خصوصا أن كل السياسات (وهي سياسة واحدة) أبانت عن فشلها وعجزها، لأنها تكرر نفس الاختيارات المتبعة وما تعتبره حلولا، ولا تتجه إلى صلب الأشياء. وعليه لا يمكن رد الاعتبار للمدرسة والجامعة العموميتين في غياب الاقتناع الراسخ لدى صناع القرار لضرورة هذا الأمر، والاستعداد التام لتغيير البوصلة، وهذا ما لا نلمسه. فسياسة الخصخصة كانت وبالا فتاكا على التعليم العمومي، والجسد المغربي مرهق ومتعب، وما نراه في التعليم من ارتباك وتردد وتجريب هو صورة مصغرة عن الأمراض المتفشية فيه.

علال بنلعربي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم (ك.د.ش) وعضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين

توصية بنكيران دليل على إصرار الدولة على المُضي في تفكيك المدرسة العمومية

* صوتت النقابة الوطنية للتعليم بـ «لا» على مشروع قانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ما هي الحجج التي تشهرها النقابة كي تبرر قرار رفض هذا المشروع الذي تقدم به عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين؟
-  صوتت النقابة الوطنية للتعليم بـ «لا» على مشروع قانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في دورة المجلس الأعلى المنعقد بتاريخ 21 و22 نونبر 2016. لماذا التصويت بـ«لا» ولماذا رفضنا هذا المشروع، لاعتبارات كثيرة في مقدمتها الاعتبار الأول المرتبط بشراكة قطاع عام قطاع خاص، وهي أن المقاولات والشركات ستصبح شريكا للدولة في ما يتعلق بتدبير التعليم. هذا الاقتراح يحمل خطورة على المدرسة العمومية، لاسيما وأن التجارب الدولية أكدت أن شراكة قطاع خاص قطاع عام أدى إلى تفكيك المنظومة التربوية، وإلى تفكيك المدرسة الموحدة والموحدة، وأدت كذلك إلى اتساع دائرة التمييز بين التلاميذ وانعدام تكافؤ الفرص والإنصاف والجودة. فالمنافسة التي تعتمدها المقاولة تقوم على الانتقاء وعلى الطرد. فالمؤسسة التعليمية في القطاع الخاص ستكون مطالبة بأن تخوض المنافسة وأن تكون المؤسسة في المستويات العليا، ولهذا يقومون بالانتقاء كي تبقى المؤسسة في مستوى تربوي معين. وهذا الأمر يضرب تكافؤ الفرص، ويضرب مبدأ الإنصاف، وعدم التوزيع العادل للمعرفة، ويضرب المدرسة العمومية، ويحول دون أن يلج جميع ابناء الشعب المغربي المدرسة العمومية.
الرهان الذي نراهن عليه في النقابة الوطنية للتعليم، هو رهان شعبي رهان وطني، رهان يدعم المدرسة العمومية باعتبارها هي الضامن الأساسي بالنسبة للتوزيع العادل للمعرفة، وتكافؤ الفرص بالنسبة لجميع أبناء الشعب المغربي. كما أن شراكة قطاع عام قطاع خاص، سيؤدي إلى تفكيك المنظومة التربوية، وسيؤدي إلى إعادة النظر في أدوار المدرس، هذا الأخير ستتغير مهنته، من حيث الوظيفة ومن حيت العمل الإداري والمهني( الترسيم، الترقية، التقاعد، المردودية...). وبالتالي، فإن المغرب اليوم ليس في حاجة للشراكة مع القطاع الخاص، بل هو في حاجة إلى إصلاح حقيقي للمنظومة التربوية كي يلج جميع ابناء المغاربة المدرسة العموممية بدون معوقات بدون حواجز أو اي شيء آخر.
العامل الثاني مرتبط بمسألة التمويل، خصوصا وأن المشروع قال بأن الأسر الميسورة تؤدي، ونحن في النقابة الوطنية نقول إن القول بأداء الأسر الميسورة هو قول مردود عليه موضوعيا، لأن الأوضاع الاجتماعية المتردية للأسر لا تسمح بذلك. كما أن جميع الأسر اليوم تؤدي مجموعة من المصاريف تتجلى أساسا في التأمينات، وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، والجمعيات المدرسية، بمعنى أن الاداء موجود اليوم في المدرسة العمومية، وبالتالي إذا كانت الأسر المغربية تؤدي اليوم فلماذا التفكير في رسوم جديدة؟ إلا إذا كان هذا التفكير مدخلا من المداخل لضرب المجانية.

* هل إشكالية المدرسة العمومية في نظرك مرتبطة فقط بالتمويل، وإذا توفر التمويل ستحل جميع كوارث المدرسة العمومية؟
- الأمر ليس مرتبطا فقط بالتمويل لإصلاح المدرسة العمومية،  بل الإصلاح يجب أن ينكب على قضايا أخرى ذات أولوية، ونحن في النقابة نؤكد أن التمويل ليس مطروحا اليوم على المدرسة العمومية، لأن ميزانية وزارة التربية الوطنية إذا ما تم ترشيدها، وإذا كان هناك تكوين وإصلاح حقيقي للمنظومة التربوية، فإننا سنحقق المردودية التي نطمح لها جميعا، دون رسوم مادية جديدة، ولا شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. سأركز على نقطة الأسر الميسورة التي تحدث عنها المشروع، لأن لا احد اليوم يمكن أن يقول هذه أسر ميسورة وتلك أسر معوزة، وما هي الأسر الميسورة؟ خاصة إذا علمنا، وهنا سأقرأ عبارة تضمنها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في الصفحة 22 من التقريرالخاص حول النظام الضريبي، يقول ما يلي: «لا يتوزع العبء الضريبي بصفة عادلة بين الفاعلين الاقتصاديين، فعبء الضريبة على الشركات تتحمله فئة قليلة من المقاولات، حيث يؤدي 2 في المائة من المقاولات ما قدره 80 في المائة من مجموع الضريبة على الشركات، كما أن الضريبة على الدخل تعتمد بالأساس على المداخيل في شكل أجور في القطاعات المنظمة، وأن 73 في المائة من مجموع الدخل مصدره الأجراء...». هذا يعني أن القطاع الخاص الذي نريد منه أن يكون شريكا في إصلاح المنظومة التربوية، يجب عليه أولا أن يؤدي واجباته الضريبية والتزاماته تجاه الدولة والمجتمع، كما أنه لا يصرح بجميع الأجراء في ما يتعلق بصندوق الضمان الاجتماعي. إذن، وانطلاقا من كل هذا، فإنه من الصعب أن نراهن على القطاع الخاص أن ينهض بالمنظومة التربوية، وأن يساهم في حل الأزمة المركبة والبنيوية التي يتخبط فيها قطاع التعليم.
فمثلا في سنة 2014 إلى سنة  2020، سيغادر حوالي 100 ألف من نساء ورجال التعليم المدرسة العمومية، وسنجد أنفسنا إذا أمام معضلة كبيرة، بل كارثة خطيرة. والغريب أن الدولة لا تفكر في حل لهذا الكارثة ومعالجة هذا المشكل الذي سيطرح على المدرسة العمومية في أفق سنة 2020.
فإذا ربطنا عدم رغبة الدولة بحل الخصاص الهيكلي في نساء ورجال التعليم، وربطنا ذلك بمشروع التعاقد، وبأداء الأسر، وما يتم طبخه من شراكة قطاع عام قطاع خاص، إذا ربطنا كل هذا سنفهم أن الدولة ماضية في تفكيك المدرسة العمومية، وهو الأمر الذي دعانا إلى أن نصوت بـ«لا» ضد هذا المشروع.

* لماذا في نظرك لم تصوت باقي المركزيات النقابية الممثلة داخل المجلس الأعلى بـ «لا» على مشروع القانون، إذ كان هذا المشروع يضرب المدرسة العمومية ويقوض دعائمها؟
- لا يمكنني أن أحكم على موقف المركزيات الأخرى، أو أحلل تصويتها لصالح المشروع، لكن ما يهمني أن ما جاء به قانون الإطار سيضرب في العمق، المدرسة العمومية وسيفكك بنيتها. وبالتالي لا يمكننا قبوله وسنعمل كل الوسائل المشروعة لمواجهته.

* ما هي الخطوات التي ستسلكها النقابة لدفاع عن موقفها ولحماية المدرسة العمومية؟
- سندعو كافة الوطنيين والديمقراطيين وكافة المواطنين وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ لمواجهة هذا الوضع، حتى لا تفلس المدرسة العمومية بشكل نهائي، لأن التعليم العمومي يمول بالمال العمومي، وذلك من مسؤولية الدولة. لأن التضامن الوطني لا يعني المس بالأجراء والموظفين، ولكنه يعني: مساهمة كبار الملاكين وأصحاب الثروات في تمويل التعليم لرفع الأزمة الكبيرة التي يتخبط فيها قطاع التعليم، بالإضافة لمساهمة الأبناك وقطاع الفوسفاط وغيرها من القطاعات الكبرى، ومحاربة التملص الضريبي وتخصيص مدخوله إلى التعليم.

محمد حمزة، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم بنمسيك وعضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي

هذه مرافعتنا ضد إلغاء مجانية التعليم

* يعتبر التعليم أهم مرتكز تقاس به حضارة المجتمعات حقيقي لإنتاج الأطر والكفاءات والنخب، ومقياس أساسي للتنمية الشاملة، في نظرك هل الحكومات المغربية المتعاقبة منذ الاستقلال حتى اليوم، اشتغلت بجدية على هذا الأساس؟
- إن الثورة الحقيقية لأي مجتمع تكمن في قدرات مواطنيها وفي مستوى إدراكهم العلمي وقدراتهم التقنية، وأي حديث عن المستقبل لابد أن يحتل فيه التعليم عموما والتعليم العالي خصوصا جزءا أساسيا.
لقد شكلت المسألة التعليمية في مغرب الاستقلال إحدى المسائل الاجتماعية الجوهرية التي تستأثر باهتمام كافة شرائح المجتمع المغربي، بل إن هذه القضية ظلت محورا نشيطا ضمن محاور الصراع بين الحكم والمعارضة على امتداد سنوات طوال حتى أنه يمكن القول بأن تاريخ التعليم الحديث بالمغرب هو نفسه تاريخ الصراع السياسي والاجتماعي بتمايزات طفيفة. واهتمت قوى التقدم بالمغرب الحديث بملف التعليم كسلم للترقي الاجتماعي، وبالتالي كسبيل لتحسين الأوضاع الاجتماعية لكافة فئات وطبقات الشعب المغربي، واعتبرت التعليم استثمارا إستراتيجيا تسترخص في سبيله كل التضحيات مهما بلغت.
للأسف منذ الاستقلال، فإن التعليم لم يحضر بالأولوية التي يستحقها في الوقت المناسب، ولم ينظر إليه دائما كاستثمار منتج، ولم يحركه طموح نهضوي شامل، واستعمل في الغالب كوسيلة وليس كغاية، وكمسايرة مطلب وضغط شعبيين، أو تكوين الأطر لتعويض الأطر الأجنبية ولتسيير ما هو قائم من المؤسسات.

*  قضية التعليم بالمغرب شكلت ملفا حارقا لكل الحكومات المتعاقبة وفشلت في تدبيره، من يتحمل مسئولية أزمة التعليم بالمغرب؟
- الترددات هي السمة الغالبة في سياسات الحكومات المتعاقبة. لأن تجارب الإصلاحات الجزئية  والتطبيقات الجزئية لتوصيات المراكز المختصة لم تجب عن الأزمة المتعددة الذي يشكو منها تعليمنا. ومحاولة الإصلاح من وقت إلى أخر كانت ولا زالت تركز على معالجة النتائج السلبية بدل التركيز على الأسباب. ولحد الآن فإن قطار الإصلاح الحقيقي لم يتمكن من الانطلاق في الاتجاه الصحيح نتيجة تردد القرار السياسي وتأرجحه بين النزوع نحو اعتبار مسألة إصلاح التعليم مسألة الجميع يقرر فيها المجتمع ديمقراطيا بين الاقتناع بالمعالجة التكنوقطراطية للمسألة .
فبدل استحضار التوافق الوطني المنتج والتصور الوطني الحديث المتمركز على الإنسان وعلى سيادة العلم والمعرفة واستحضار دمقرطة التعليم كشرط أساسي لإرساء نظام تربوي قادر على تأطير الموارد البشرية وتنميتها لتفعل إيجابا من مواقع مختلفة في تطوير التنمية، اعتمدت الحكومة السياسية التقنوقراطية بدل طرح المنظومة للنقاش العمومي بسن إصلاح يعتمد الشمولية، بربط الشكل بالمضمون على الصعيد التربوي والهدف بالوسائل على صعيد التكوين والدمقرطة والفعالية على صعيد البنيات.
إن سبب فشل جل الإصلاحات التي شهدها الحقل التعليمي منذ الاستقلال هو غياب الإرادة السياسية التي تجعل الاستثمار في الرأسمال البشري في صلب الاهتمامات العمومية. مما جعل تاريخ التعليم في المغرب تاريخ إصلاحات بدون إصلاح.

* الحق في التعليم يكفله الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، لماذا يتم اليوم الإجهاز على مكتسبات مجانية وإلزامية التعليم من خلال عدة قرارات لا شعبية تضرب المدرسة والجامعة العموميتين في الصميم وتشجع التعليم الخصوصي الذي يعتبره البعض تعليم طبقي؟
- الحق في التعليم بكلفه الدستور. فلم يعد ممكنا تصور بناء مجتمع حديث من دون سياسة دولة أو سياسة مجتمعية بشأن التعليم عموما والتعليم العالي خصوصا. فهناك حاجة للرفع المطرد من حجم الانفاق على التعليم بما في ذلك التعليم العالي.
فتعميم العلم والمعرفة يعتبر حقا دستوريا وحقا أساسيا من حقوق الإنسان. ويلزم أن يكون أولوية الأولويات توفر له كافة الإمكانيات التي تجعل منه أساسا يبني عليه تكافؤ الفرص بين المواطنين. ويعتبر الحق في التعليم بين الحقوق الإنسانية الأساسية التي كفلتها جميع المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية. كما أن الحق في التكوين والمعرفة والتعليم العصري والجيد حقوق مكفولة دستوريا، ولا ينبغي بأي شكل من الأشكال الحد أو حرمان أية شريحة من أبناء الشعب المغربي من التمتع بها كاملة في إطار المساواة وتكافؤ الفرص بين كل المواطنات والمواطنين. إن ضرب المجانية يعتبر مدخلا لمزيد من الإقصاء وتعميقا لإعادة إنتاج الترتبات الاجتماعية القائمة، ويعمق أسباب التخلف، ويتعارض مع متطلبات العصر العلمية والمعرفية القائمة على العنصر البشري ويتناقض مع المواثيق الدولية التي تهم حقوق الإنسان . إن إقرار»مساهمة الأسر في تمويل التكوين في التعليم العالي على المدى القريب وفي التعليم الثانوي التأهيلي على المستوى المتوسط» وخصخصة التعليم واستنبات مؤسسات وطنية وأجنبية مؤدى عنها وسميت زورا عمومية هو أخطر وأكثر تعقيدا مما تبدو في ظاهرها؟
فالنظرة إلى التعليم كسلعة تتعارض مع النظرة البرغماتية بالاقتصاد المعرفي، لأن التعليم أوسع من المعرفة وهو مرتبط بالتربية والسياسة والأمن والاقتصاد...
إن الرهان على التعليم الخاص لحل أزمة التعليم رهان فاشل لأن فلسفة المؤسسات الخاصة سلبية تضر بالمجتمع وتقوم على الربح كهدف رئيسي.
إن التراجع عن المجانية وتشجيع تعليم مدرسي وجامعي خاص وأجنبي ووطني مؤدى عنه في بلد لا زال  يعاني من مختلف مظاهر التخلف على جميع الأصعدة، وغياب الشفافية وانعدام آليات المراقبة والمحاسبة، وهيمنة إقصاء الريع لا يمكنه إلا أن يوجه الضربة القاضية للمدرسة والجامعة العموميتين خدمة للأجندة اللا اجتماعية المتطرفة إلى التخلص من المرافق الاجتماعية الحيوية، ومن تم إقصاء جزء كبير من أبناء وبنات الشعب المغربي وحرمانهم من فرصة التحول إلى أطر مواطنة في بناء مغرب الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية و تكافؤ الفرص.

* هل الشارع المغربي قادر اليوم على تحصين مكتسبات المدرسة والجامعة العموميتين، انطلاقا من دعوة النقابة الوطنية للتعليم العالي لتشكيل جبهة وطنية للدفاع عن هذه الحقوق؟
- الدفاع عن التعليم العمومي والجامعة المغربية شأن مجتمعي عام، يجب أن يتبوأ موقع الصدارة في اهتمامات كل الفاعلين السياسيين والنقابيين والجمعويين والحقوقيين والمثقفين. النقابة الوطنية للتعليم العالي وجهت دعوة لجميع مكونات المجتمع المغربي من أحزاب وطنية ديمقراطية ونقابات وجمعيات المجتمع المدني ومثقفين للانخراط في الجبهة الوطنية للدفاع عن المدرسة والجامعة العموميتين والتي ستبقى النقابة الوطنية للتعليم العالي في طليعة المدافعين عنها وعن مجانية التعليم العمومي الجيد والمنتج والعصري في كل مستوياته، وفي احترام كامل للمساواة وتكافؤ الفرص واعتبار التعليم خدمة عمومية، وان المدخل الوحيد والأوحد لخروج بلادنا من دائرة التخلف وربح رهان التنمية الشاملة يمر أساسا عبر ترسيخ مركزية العلم والمعرفة واستثمار كل الموارد والإمكانيات في تجويد وعصرنة التعليم العمومي وتقوية حضور البحث العلمي في كل المخططات والاستراتيجيات الوطنية.

* ما هي الحلول المستعجلة الكفيلة برد الاعتبار للمدرسة والجامعة العموميتين؟
- التعليم لا يحتاج لوصفات تقنية قصيرة النفس لا فرص أمامها للنجاح  بقدر ما يحتاج إلى تعبئة وطنية شاملة.
فإقرار إصلاح عميق ونسقي للتعليم بما يجعلها في قلب الثورة العملية والتكنولوجية المعاصرة، ويؤهلها لتكون قاطرة للتنمية الشاملة يتطلب اعتماد برنامج وطني متعاقد عليه لانقاد المدرسة والجامعة العموميتين بإشراك الفاعلين المعنيين وتحميل كافة الأطراف المعنية لمسؤولياتها لدعم الإصلاح. إن تعميم التعليم وجودته ومجانيته وتمويله من صلب مسؤولية الدولة التي يمكنها أن تدعم الميزانية باستخلاص نسب مئوية عن الثورة وعن القطاعات المنتجة. 

عبد اللطيف قيلش، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم (كدش)

ندعو كافة الديموقراطيين لمواجهة مخطط تخريب المدرسة والجامعة والدفاع عن الحق في تعليم عمومي جيد ومجاني للجميع

تحدث عبد اللطيف قيلش، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم (كدش)، خلال الجمع العام التأسيسي المنعقد يوم الأربعاء 23 نونبر 2013 بمقر الكونفدرالية الديموقراطية للشغل بسطات، الخاص بالمكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم كيسر بني خلوك، مبرزا التراجعات التي ميزت الحكومات المتعاقبة إلى الآن. كما وضح موقف النقابة من العمل بالعقدة وضرب المجانية في قطاع حساس كالتعليم، مؤكدا أن الارتجال هو السمة البارزة في تدبير هذا القطاع، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤولياتها في ما وصلت إليه الأوضاع. وعلى هامش هذا الجمع العام التأسيسي، اتصلت «الوطن الآن» بـ ـ«قيلش» وطلبت منه رأيه حول ما ينوي عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتعليم بلورته، فأدلى لنا بما يلي:

«إن مشروع قانون الإطار الذي عرض على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في الدورة المنعقدة يومي 21 و22 نونبر 2016، بعد أن أحاله رئيس الحكومة لطلب الرأي من المجلس الأعلى، يتضمن 3 قضايا تتسم بالخطورة بالنظر لتداعياتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.
يتعلق الأمر أولا، بالتنصيص على تنويع الوضعيات التنظيمية للأطر التربوية والإدارية، ويمثل التوظيف بالعقدة على مستوى الأكاديميات ترجمة لذلك:
إن هذه الصيغة الخاصة بالتوظيف، تكرس الهشاشة وتضرب الاستقرار المهني والاجتماعي والنفسي للموظفين والموظفات.
الأمر الثاني، هو اعتماد العمل بأسلوب شراكة عام/خاص، وهو أسلوب من أساليب الخوصصة، يمثل امتدادا لأسلوب التدبير المفوض. إن تطبيق هذا الشكل فيه خطورة على قطاع التربية والتكوين، وقد بينت التجارب أنه يعمق التفاوتات المعرفية والاجتماعية، ويكرس اللامساواة، ويجسد بامتياز النظام التعليمي الانتقائي والنخبوي والطبقي.
الأمر الثالث، هو المتعلق بإقرار أداء الأسر لرسوم التسجيل، وهو ما يمثل ضربا لمبدأ المجانية والإجهاز على أحد مكتسبات الشعب المغربي وهو الحق في التعليم.
يشكل هذا المشروع حلقة من مخطط الدولة التي تتخلى عن مسؤوليتها السياسية والاجتماعية تجاه هذه الخدمة العمومية، لا ننسى أن رئيس الحكومة سبق أن صرح بأن الوقت قد حان لترفع الدولة يدها عن التعليم والصحة. إن هذا المخطط يرمي إلى تصفية المدرسة العمومية بهدف خوصصتها وتسليعها. وفي هذا الإطار يندرج فصل التوظيف عن التكوين، والتوظيف بالعقدة.
لذلك كان موقف النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل هو التصويت بـ «لا».
إن لدينا برنامجا نضاليا متعدد الصيغ، سينطلق بالمسيرات الجهوية ليوم 18دجنبر2016، ويليه اعتصامات بالمؤسسات ومسيرة وطنية وإضراب وطني، سيعلن المكتب الوطني عن تواريخ هذه المحطات.
كما ندعو جمعيات الأمهات والآباء، وكل المنظمات الحقوقية والمدنية وكافة الديموقراطيين إلى التعبئة المجتمعية لمواجهة مخطط تخريب المدرسة والجامعة العموميتين والدفاع عن الحق في تعليم عمومي جيد ومجاني للجميع.

في بلاغ للدكتور عبد الكبير بلاوشو

إعدام المجانية  هو إتاحة الفرصة لدعاة الافتراس الخصوصي لما تبقى من الجسد العمومي

 

جاء في بلاغ الدكتور عبد الكبير بلاوشو، الذي عنونه بـ «فصل الخطاب في رؤية الأعطاب ـ نموذج إعدام المجانية ـ»، والذي يعلن من خلاله للرأي العام عن تجميده العمل داخل دوائر المجهول، أنه بعد «الإعلان شبه الرسمي على لسان الناطق الرسمي بإعدام مبدأ المجانية لإتاحة الفرصة لدعاة الافتراس الخصوصي لما تبقى من الجسد العمومي». ويرجع بعقارب الزمن إلى الوراء ليؤرخ بأسف كون «رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران كان قد أحال على المجلس في منتصف شهر غشت 2016 ، طلب حول صيغة مشروع إطار قانون يهم الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، فكرته المحورية إلغاء المجانية، وليس الترجمة القانونية لمضامين ورافعات الرؤية الاستراتيجية». واعتبر الدكتور عبد الكبير، الأستاذ الجامعي بكلية العلوم بالرباط، أن المجانية هي «قضية إجماع وطني والمساس بها يستوجب استفتاء وطنيا، ولا تقبل الحسم في دواليب مقفلة وداخل فضاءات مغلقة، وبآليات التصفيق على الرأي الآخر، بقدر ما أنها قضية تفترض أخلاقيا، تنظيميا، المحاججة، والمناظرة، والمفاكرة، والقيام بدراسات قبلية لأبنية وأوعية المجتمع من حيث الهشاشة».
 واعتبر الدكتور عبد الكبير بلاوشو «أن هذه المقامرة غير محسوبة العواقب، وهي مقامرة تم استدراج المجلس لها مما أفقده مصداقيته واستقلاليته في صناعة الرأي والموقف والقرار، لتزداد الهوة بينه كمؤسسة دستورية، والرأي العام الجامعي الوطني»، مؤكدا في بلاغه أن «إجراء المس بالمجانية، هو إجراء مجحف في حق نضالات وتضحيات المجتمع المغربي، لا يمكن تصنيفه إلا في خانة سياسة الإجهاز والاستهداف الممنهج في سياق استراتيجية التهميش المندمج المستدام».