إن كان من حسنة لاستحقاق 7 أكتوبر 2016، هو أنه أحدث رعشة في العائلة اليسارية بكل أطيافها وفرقها، خاصة وأن فترة ارتخاء العضلات و«التنويم الذاتي» طالت، لدرجة أن المغاربة لم تعد لهم القدرة على تحمل السياط والجلد، وهو الجلد الذي اشتد مع تولي الأصوليين وحلفائهم الوصوليين، لشؤون الحكومة والبرلمان عام 2011 إلى اليوم حيث تناسلت الضربات التي تستهدف المواطن البسيط وتستهدف الطبقة المتوسطة دون أن يكون هناك جدار يحمي ظهور المغاربة من لهيب الجحيم.
نقول حسنة، لأن الدفء دب اليوم إلى الأوساط التقدمية والديمقراطية لاستعادة المبادرة في المشهد السياسي العام، ليس أملا في الحصول على مقاعد وافرة في البرلمان المقبل، ولكن تحضيرا لمحطة 2021، خاصة وأن عمر الشعوب لا يقاس بعمر الأفراد، وبالتالي خمس سنوات من حياة شعب إن خصصتها القوى التقدمية والديمقراطية لإعادة رصد صفوفها ومراجعة طرق اشتغالها ومصالحتها مع المجتمع في كل تمظهراته (جامعية وطلابية وعمالية ونسائية وروحية..) فهي فترة كافية لوقف النزيف ووقف المد الأصولي الذي فاقت وحشية سياسته سياسة عتاة النيوليبرالية بالعالم.
إن بنكيران، ومنذ تنصيبه رئيسا للحكومة، حرص على ضرب كل الأوتاد الرئيسية بالمغرب عبر حرصه الشخصي على تتبع وصياغة الخطط لنسف الوسائط المجتمعية: من نقابات وأحزاب وطنية وزوايا وجمعيات، بل وحتى المؤسسات الدستورية المختصة الخاصة بالحكامة شن حربا، عليها حتى يخلو المجال له ولحزبه ولإخوانه التحكم في كل صغيرة وكبيرة بالمغرب. وبالنظر لكون المشروع الإخواني لم يكتمل في الولاية الحالية (2011 -2016)، فإن الخطر الأعظم هو أن تظفر نفس الأغلبية بولاية ثانية (بسبب ضعف المشاركة) في استحقاق 7 أكتوبر لاستكمال المخطط الجهنمي.
لكن، إن تحققت هذه الفرضية، فإن عودة اليسار ومصالحته مع الشأن السياسي واستعادة دوره في تعبئة الرأي العام ستكون السد الواقي من ضربات الأصوليين والوصوليين، وسيكون المغرب محميا بضمير حي ويقظ حريص على التدافع السياسي لإسقاط كل مخطط يروم تهريب المغرب وروح المغرب للإخوانيين بالشرق.