الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد المرابط:حراك الريف من جبة ناصر الزفزافي، بين منطق الوضوح والتيه!

محمد المرابط:حراك الريف من جبة ناصر الزفزافي، بين منطق الوضوح والتيه! محمد المرابط
سأتخذ من أوديو ناصر الزفزافي المسرب مع مطلع شهر رمضان والموجه الى ريفيي المهجر،مدخلا للوقوف على مأزق الحراك في الداخل والخارج.
لقد طالب الزفزافي من منطلق المناشدة - فك الله أسر جميع المعتقلين-بثلاثة أشياء:أولا:ترك الخلافات بوضع اليد في اليد،لتشكيل لوبي قوي،كما يفعل الأكراد والقبائل والأتراك،للدفاع عن منطقتهم.ثانيا:مقاطعة البنوك،بسحب الأموال منها.ثالثا: مقاطعة زيارة الريف هذه السنة.وهذا للرضوخ لمطالب الحراك،"لأن هذا النظام المخزني،نظام مجرم ،نظام قتال،نظام همجي،يحاول ما أمكن محاصرة المنطقة".ويتوسل لهذه الغاية بالترغيب بأمجاد التاريخ، والترهيب بلعنته.
كما نلاحظ ما زال ناصر يراهن على الخارج،والحال أنه كان أصل البلوى فيما أصاب الحراك.علما أن معادلة الحل ينبغي أن تصاغ انطلاقا من الداخل وبالتوافق مع الدولة.لكن يظهر أنه لا يجيد الإصغاء،ولا يعلم أن مفاعيل"الانقسامية"،تجاوزت في أوروبا ،حدود الأفكار إلى الذوات
،مما ينذر بعودة زمن"الريفوبليك"بين الريفيين هناك.ولعل هذا ما يفسر سقوطه في خطإ جسيم بالدعوة إلى مقاطعة زيارة الريف،بالتضحية ب"مصلحة" معلومة ومحققة ماديا ومعنويا بالزيارة،بما تحمله من معاني التضامن والتآزر،لحساب "مصلحة" مجهولة التعيين والتحقيق بالمقاطعة.وكذلك دعوته لتأسيس وحدة الريفيين على نماذج للاقتداء تنهل من حمولة الانفصال والأخونة.وأخشى أن يعجل هذا الخطأ بنقل "الانقسامية" إلى الداخل،بالنظر إلى أن اندفاع الزفزافي سيلحق الضرر بالريف.وهذا ينضاف لتغذية التباسات الحراك بين ملفه المطلبي الواضح والمشروع،وبين صيغ مختلف تعبيراته،والتي تخدم وبصرف النظر عن النوايا،أفق انفصاليي وجمهوريي أوروبا.وهذا من أخطاء الحراك.وأتمنى لو تتم قراءة تجربة الأخ الأستاذ الأمين مشبال في منظمة "إلى الأمام"،وهو يعيد صياغتها في رمضان،لإدراك الفرق بين الوضوح و"التقية".
صحيح أنه لا يمكن التسوية بين أخطاء الحراك وأخطاء المخزن،علما أن المعتقلين فوتوا فرصة محاكمة المخزن بشكل مدروس في مرافعاتهم تحقيقا للعدالة.وبالرغم من أن مرافعاتهم تضمنت بعض الإشراقات،فإنها مع ذلك بقيت سجينة التكييف الجنائي للمتابعات،ولم تعانق أفق المحاكمات السياسية،التي تفرض منطق التجاوز بالنقد والنقد الذاتي.ومع الأسف لم يتفاعل الزفزافي بالقدر اللازم مع كتابات نخبة الريف.و وطبعا حتى المخزن لا يصغي.المخزن مرتاح لحالة "الاستثناء" في الحسيمة.ومزهو بتغييب منطق الدولة في حركته على الريف،علما أنه تاريخيا كان هناك ممثل السلطان إلى جانب ممثل المخزن في حركات/حملات تطويع القبائل للسلطة المركزية .وأحيي في سياق هذه الرصد،كل المثقفين والحقوقيين والأكاديميين والإعلاميين على قلتهم، بالداخل والخارج الماسكين على الجمر،رغم التخوين الذي يطالهم،من أجل الحل السياسي لملف الحراك.
وحتى يعيد الزفزافي النظر في تقديراته،نلفت الانتباه وبتركيز إلى أن الحراك بأوروبا يعرف مخاضا عسيرا؛هناك تخوينات سياسية ومالية وأخلاقية،وحرب الزعامات، تنخر جسد الحراك وتنهكه في حملات إعلامية ومسيرات موازية،وتهديدات بالتصفية،حيث يعتبر الفاعل الجمعوي محمود بلحاج أن "وجهة الحراك ليست بخير.. وأن هناك "شمكارة" يريدون السيطرة عليه وتوجيهه".ويميز بلحاج بين المناضلين المعروفين في الساحة من يساريين وأمازيغيين وإسلاميين،وهؤلاء يعرفون الحراك،وبين أناس جدد في الساحة النضالية عليهم علامات استفهام كبرى،وهنا يكمن المشكل في لعبة المخزن وأصحاب المخدرات،حسب تقديره.
إذن الوضع في أوروبا يتطلب الفرز الإديولوجي والتنظيمي،وليس الوحدة.فعلى أي أساس يدعو ناصر حراك أوروبا إلى الوحدة؟كيف سيتعامل مع دعوة "رئيس" جمهورية اللايف عبد الصادق بوجيبار،باسم الجمهوريين، إلى مسيرة روتردام في 30يونيه 2018؟ما موقفه مما يعتبره بوجيبار من كون الحديث عن "جمهورية اللايف"،هو "كلام استفزازي"،من"أبواق النظام وعملائه ومرتزقة ريعه"، والحال أن هذه"الأبواق"،هي التي أدخلت قضية الحراك إلى المنتديات الأوروبية،وجعلت الزفزافي الأب يلج أبواب تلك المؤسسات،بإمكانياتها؟.ألا يفرض كل هذا قدرا من المسؤولية و الانسجام في المواقف؟
لا شك أن هناك واقعا يصعب تجاوزه تعكسه ثنائيات "الخوزوماشوقيين والجمهوريين"و"العياشة والأحرار"وأصحاب "أزول والسلام عليكم"،والملف المطلبي لـ"الحسيمة والدريوش"، ومنتسبي "الحسيمة والناظور".
وفي جانب هذا حصاد لما زرعه ناصر من تخوين مخالفيه،فوجب منه النقد الذاتي أولا،والشروع من الداخل لتأسيس جبهة من عائلات المعتقلين والنقابات والأحزاب التقدمية،والإطارات الحقوقية الفاعلة،ونخبة الريف ،لتطبيع الحياة السياسية بالحسيمة والنواحي،ثم العمل من أجل التمكين للمبادرات المدنية بآلية المجلس الوطني لحقوق الإنسان،وبمباركة الدولة لمحاورة المعتقلين السياسيين.لذلك فناصر مطالب بوقفه شجاعة من أجل الريف والوطن.كما أن المخزن مطالب بأن يترك عقل الدولة يشتغل بلا وصاية.من هنا نبدأ،فهل من مجيب؟!