في عرض غير مألوف، اختار النحات التونسي نطيل بلقاضي أن يقدم لزوار معرضه الفني، الذي افتتح مساء أمس الخميس بالدار البيضاء، لوحة إبداعية تشكلت معالمها من حشرات جمع في نحتها بين الفن والموسيقى والشعر.
وتعكس الأعمال المعروضة برواق فينيسيا إلى غاية 30 أكتوبر المقبل، تحت عنوان "أ-بوزونتور"، شغف هذا الفنان التونسي، الذي نحت أول إبداعاته وعمره لم يتجاوز الثالثة عشرة، بعالم الآلات والميكانيك، ليوجد عالمه الخاص المكون من "حشرات" معدنية، اشتغل في صياغتها على معادن متنوعة.
فبفضل تكوينه كمهندس مختص في الميكانيك والإلكتروميكانيك، استطاع بلقاضي أن يختار بعناية فائقة قطعه المعدنية، باحثا عن عناصر الجمال والرشاقة فيها، ليحولها إلى أشكال تتراقص في حركات مثيرة للانتباه، فتأخذ بذلك بعدا خاصا، يضفي عليه النحات رونقا جذابا، إذ بشاعرية مرهفة استطاع هذا الفنان المهندس أن يروض مادة صلبة وقاسية، ويمرنها على الحركات التي يرغب هو فيها، لتصبح بين يديه لينة طيعة تتنقل على خشبة العرض كراقصة أتقنت حرفتها.
منحوتات هي على غير العادة، من عناكب وصراصير وبعوض وغيرها من الحشرات التي سكنت روح هذا الفنان، يعبر من خلالها عن حاجته الدائمة للانفلات من رتابة الواقع اليومي بإبداع ما هو غير مألوف، ليكسر من تلك الرتابة، منقادا لخياله، في لحظات متعة يقتنص فيها ذاك الذي يمكنه أن يقاسمه الجنون ذاته، فيجعل من تلك الكائنات رفيقا دائما.
نطيل بلقاضي، من مواليد قرطاج عام 1971، من عائلة عرفت بالإبداع والفن، ليهتم منذ صغره بفن النحت، الذي اختاره ليكون مجال اشتغاله بعد تجربة قصيرة في مجال صناعة السيارات والصناعات الكهربائية التي خاضها بعد تلقيه تكوينا في مجال هندسة الأجهزة الآلية.
وشارك وأقام منذ 2004 العديد من المعارض داخل وخارج تونس، منها، على الخصوص، بينالي بروكسل (2009)، وباريس (2010،2011، 2012، 2015)، وكندا (2013)، إلى جانب مشاركته في معارض لعدد من المراكز الثقافية المعروفة في المشهد الفني عبر العالم.