السبت 18 مايو 2024
مجتمع

على هامش اعتراض رجال الدرك للسائقين بالأوطوروت: دولة القانون حاجة مجتمعية

 
 
على هامش اعتراض رجال الدرك للسائقين بالأوطوروت: دولة القانون حاجة مجتمعية

كثيرة هي الحالات الاجتماعية التي يثور فيها النقاش العمومي حول عدم احترام الجهات العمومية المسنود لها قانونا دور تدبير الشأن العام، ومنها علاقة المواطن برجال السلطة سواء كانوا مسؤولين في مختلف الأسلاك الادارية،أو مسؤولين أمنيين في مختلف الأجهزة الأمنية التي لها تماس يومي مع حياة المواطنين. وقد زاد من تكثيف هذا النقاش ، استغلال الإمكانيات التواصلية التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي ، ومختلف التقنيات الحديثة المثبتتة على الهواتف الذكية ، والتي تتيح توثيق الخروقات والتجاوزات في ابانها بالصوت والصورة، وتعميمها في زمن قياسي على كل المهتمين داخل وخارج البلد.

حالة المواطن الذي أوقف من طرف الدرك على الطريق السيار، وما أثارته من ردود، لا تخرج عن هذا السياق، ويمكن أن نستخرج منها الخلاصات الايجابية التالية:

أولا: حس المواطنة العالي في تتبع طرق تدبير الشأن العام والانتباه الى كل الانزلاقات الممكنة والتنبيه اليها في حينه بقصد التدخل والعلاج قبل أن تتفاقم الى أوضاع أكثر خطورة على الشأن العام والطمأنينة العامة.

ثانيا: الاحتكام الى بنود القانون كفيصل بين المواطن والمسؤول عن تدبير المرفق، وهو سلوك متحضر ويعكس النضج والإحساس بالمسؤولية أمام القانون. ثالثا: تبليغ الحالة بعد توثيقها الى كل من يهمه الامر من أجل اتخاذ المتعين قانونا لإرجاع الأمور الى نصابها.

رابعا: الاطمئنان الى أحكام القانون واعتبار كل سلوك خارج عن القانون صادر عن هذا المسؤول أو ذاك حالة فردية معزولة لاتعكس انزياحا كليا لمؤسسات الدولة عن التزاماتها تجاه المواطن.

هذه الخلاصات الايجابية وغيرها التي نقف عندها في كل الحالات المشابهة ، يجب أن يتم التنويه بها ، وتثمين سلوك المواطن ودوره في إنضاج وتكريس أسس دولة القانون.

بالنسبة لواقعة توقيف الدركيين للمواطنين وسط الطريق السيار، هي مع الأسف ظاهرة تعرفها كل مسالك الطريق السيار، وتشكل فعلا خطرا حقيقيا على رجال الدرك قبل غيرهم من المواطنين بالنظر للسرعة المرتفعة التي تسير بها مختلف العربات. والنقاش حول هذه الظاهرة سابق عن خروج مدونة السير الحالية للوجود، اذ تمت مناقشتها على شاشة القناة الثانية في جلسة حضرها ممثلون عن الإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الملكي واللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، وكان هناك شبه إجماع بضرورة منعها مستقبلا، وإفرد نص خاص بذلك ضمن بنود المدونة. وهو ما تم فعلا بالتنصيص صراحة في المادة 192 على منع توقيف المخالفين للسرعة المحددة الا عند نقط الأداء. وهذا نص قانوني لا غبار عليه ولا يحتاج الى كثير من التأويل، وبعده تبقى كل المسائل المثار حول امتثال المواطن لأوامر رجال الأمن أو الدرك والتحلي باللياقة وحسن التصرف واحترام المسؤول الأمني ومن خلاله هبة الجهاز الذي يمثله والقانون الذي يجب أن يسري على الجميع بشكل متساوي، كلها قضايا لها مجالها الخاص والقانون يضع لكل حادث حديث ..