الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

كلثوم مستقيم:  8 مارس هي ذكرى للنضال ضد المد الظلامي و التسلط الحكومي

كلثوم مستقيم:  8 مارس هي ذكرى للنضال ضد المد الظلامي و التسلط الحكومي كلثوم مستقيم

إن 8 مارس ذكرى النضال و الصمود ضد التمييز و القهر و العنف، لا يوما احتفاليا كما روجت له الأبواق الرسمية أو عيد حريم كما يراها البعض.

إن 8 مارس تتطلب النضال القادر على تأهيلنا كنساء مغربيات لرفع التحدي أمام المنحنى التراجعي الذي تعرفه بلادنا، و ربح رهان التعبئة الواسعة و الإنخراط الواعي لتحقيق التغيير الديموقراطي و العدالة الإجتماعية، وأيضا تقدم البلاد و القضاء على التمييز و الفساد.

في هذا اليوم، يجب على المرأة أن تقف و توضح الإنتهاكات التي تعانيها، و العنف الممنهج الذي تمارسه الدولة ضدها، و بالتالي ضد المجتمع ككل. و هذا يتطلب تحديا مستمرا طويل النفس، يهدف إلى تحسين ظروف النضال النسائي الذي يعتبر جزءا من النضال السياسي الديموقراطي العام.

وتعتبر قضية تحرر المرأة مدخلا أساسيا من مداخل التغيير الإجتماعي، و شرطا ضروريا لبناء المجتمع الديموقراطي ينتفي فيه استغلال الإنسان للإنسان كما تنعدم فيه كل أشكال القهر و العنف.

فالمرأة المغربية تعاني أشكالا خطيرة من العنف الذي هو تهديد لمنجزات الإنسان الإقتصادية و الإجتماعية. و العنف لا يخص المرأة و الطفل و المجتمع بل الضمير و العقل الانساني.

فالمرأة تعاني عنفا اقتصاديا كتقلص الأجور و ارتفاع الأسعار و تدهور القدرة الشرائية و تردي الخدمات العمومية انعكس على الطبقة الكادحة. إذ استمر التهميش في التشغيل بنسبة 26% مقابل 71% للذكور و استغلت اليد العاملة النسوية غير المؤهلة المتفشية بنسبة 70%، و ازداد العنف الإقتصادي استفحالا بتشغيل القاصرات كيد عاملة رخيصة بدون أدنى حماية من الدولة، بل إن الحكومة الحالية زادت في تكريس الدونية بإطلاق العنان للفكر الخرافي الذي يدحض حقوق النساء و يحبط آمالهن و يبعدهن عن الفعل الإجتماعي، و ينشر الرعب وسط المجتمع. إضافة إلى حرمانها التمتع بمواردها (الإرث) و إجبارها على العمل و الإستيلاء على ممتلكاتها و استغلال عملها كوسيلة لرفع مستوى الدخل.

و تعاني المرأة عنفا سياسيا كغيابها عن مواقع القرار و تقزيم نسبة مشاركتها السياسية و تراجع تمثيليتها الحكومية، وهو عنف ممنهج تصبو إليه الدولة لأن المشرع يعي جيدا أن الأمم يقاس تطورها بوصول نسائها إلى مراكز القرار، وباتت تؤثت المشهد الحزبي و الحكومي و البرلماني.

كما أن المد الظلامي و سيادة التسلط الحكومي على إرادة الدولة و مؤسساتها و سوق العمل سبب في توظيف النساء في أعمال خدماتية، كانت خلفية رئيسية في تدني الأجور و إضعاف موقع المرأة الوظيفي و الإقتصادي الذي يعتبر من العوائق الكبرى أمام تمكينها كي تصبح عنصرا هاما في صنع القرار السياسي.

لهذا فمحدودية المرأة في مجالات الحياة من تعلم و تمكن و عمل و مساواة أضعف المرأة و زاد من العنف ضدها. كما أن انتشار عنف الدولة مع عدم حماية النساء بشكل مقصود جعلهن سلعة تباع و تشترى (التشيئ و العورة).

فالمرأة المغربية تعاني من عنق سياسي: دستور غير ديموقراطي لم يفعل فيه الفصل 19 الداعي إلى المساواة ولم تفعل فيه هيئة المناصفة. وتعاني من مدونة الأسرة الفاشلة المتجاوزة، والتي لا تساير دستور 2011 رغم علته، و قانون جنائي رهيب يضطهدها و يقسو عليها. ومما زاد الوضع استفحالا، قانون العنف 13/103 الذي لا يرقي لطموحات نسائه.