الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد عطيف.. خواطر منتصف الليل: لا تظلموا السياسة فهي بريئة منكم..

محمد عطيف.. خواطر منتصف الليل: لا تظلموا السياسة فهي بريئة منكم..

- السياسة أخلاق ومبادئ وضمير، ومحاسبة ومراقبة وحسن تسيير وتدبير، وحرص كبير على خدمة الصالح العام، وطنا ومواطنين، وليست كما يروج لها البعض ممن استفادوا ويستفيدون من الوضع الحالي، أو كما يفهمها البعض الآخر من عموم المواطنين الذين استقالوا من مسؤوليتهم في اختيار ممثليهم ومراقبتهم ومحاسبتهم، بدعوى أن السياسة فساد واستغلال و.. و ...

السياسة كانت دائما هي هي ، مبادئ وأخلاق، ما تغير هم السياسيون الذين انبطحوا للسلطة وللمال، وصاروا يشكلون أسوأ مثال في تاريخ بلادنا المعاصر، من خلال ضعفهم الواضح، خطابا وممارسة، ومن خلال استغلالهم البين للمسؤولية التي تحملوها تكليفا لا تشريفا .

في بداية تجربتنا البرلمانية، خلال حقبة الستينات من القرن الماضي، لم يكن هناك تعويض بالملايين ولا تقاعد للبرلمانيين، ومع ذلك كان هناك برلمانيون مناضلون ونزهاء أعطوا أروع الأمثلة في الدفاع عن الوطن وعن المواطنين، ومن خلال ذلك أعطوا الثقة للمواطن في جدوى العمل السياسي الذي كان يتشرف بممارسته، ناخبا أو منتخبا .

لذلك لا تظلموا السياسة فهي بريئة منكم، وانتقدوا أنفسكم، ناخبين ومنتخبين ومقاطعين، إن كانت لكم الشجاعة الكافية لذلك.

- أقرأ هذه الأيام سير بعض الوطنيين الشرفاء وبعض الشهداء، وأقف متأملا وصاياهم والدروس التي تركوها لنا، والتي لم نحسن قراءتها فبالأحرى تطبيقها.

والأدهى والأمر أن هناك اليوم العديد ممن يدعون انتماءهم لهؤلاء الوطنيين والشهداء، يعلقون صورهم، ويحيون ذكريات مرتبطة بنضالاتهم وتضحياتهم، ولكن على أرض الواقع تبقى الممارسة غير ما ضحى من أجله هؤلاء .

أعود فأقول بأن السياسة أخلاق ومبادئ وضمير، وما دون ذلك انتهازية وتضليل.

- قامت في الأسابيع الأخيرة حملة كبيرة تطالب بإلغاء معاشات الوزراء والبرلمانيين، وهو مطلب مشروع من الناحية القانونية حسب رأي العديد من رجال القانون المشهود لهم بالكفاءة وبالنزاهة، ومن الناحية السياسية كذلك على اعتبار أنه يشكل ريعا وسببا من أسباب عزوف المواطنين الذين يعانون من ارتفاع الأسعار ومن تدني الخدمة العمومية، وأيضا من السياسة الحكومية التي طالت قراراتها حتى مكتسباتهم كما هو الحال بالنسبة لملف التقاعد .

إذن هذا المطلب مشروع وضروري من الناحية المعنوية على الأقل، وطبيعي أن تسير الحكومة والأحزاب المشكلة لها ضد تيار المطالبين بإلغاء هذا المعاش، لأنها حكومة أبانت عن توجهاتها اللاشعبية.. ولكن ما ليس طبيعيا أن يصمت الآخرون، وزراء وبرلمانيون سابقون، ممن يعارضون هذه السياسة، وممن يتحدثون اليوم عن الديمقراطية وعن المستقبل. لذلك لا بد أن يعبروا عن موقف صريح من هذه القضية، ومعهم الهيئات التي ينتمون إليها إن كانوا لا يزالون منتمين إليها، لأن الملاحظ مع الأسف أن عددا كبيرا منهم، وبمجرد أن يبلغ هدفه في الحصول على كرسي بالبرلمان أو بالحكومة، إلا ويتنكر لماضيه بكل ما فيه، وخاصة الهيئة التي كان ينتمي إليها وساعدته على بلوغ هذا الهدف. وهذا أيضا يدخل في باب أن السياسة أخلاق ومبادئ وضمير وما دون ذلك...