هل أخطأت السلطات حين أسندت أضخم صفقة تهيئة طرقية بالدار البيضاء إلى شركة الدار البيضاء للنقل؟
وهل تورطت السلطات حين عرضت على أنظار الملك محمد السادس صفقة تهيئة المدخل الجنوبي للعاصمة الاقتصادية عند مقطع المجمع الشريف للفوسفاط ومدار عزبان؟
ما هو المخرج الآن لإنجاز المشروع في الوقت المحدد بعد أن «توحلت» أساساته في البيروقراطية المتكلسة وبسبب التقاعس في تسريع وتيرة الأشغال؟
هذه الأسئلة تستمد مشروعيتها من الجحيم الذي يصلى بناره مستعملو الطريق في «مدار عزبان» كل يوم منذ أزيد من عامين، وهي العذابات التي تزداد حدة بسبب البطء الشديد في إنجاز مشروع تهيئة القنطرة والطرق المحيطة المؤدية نحو أحياء ليساسفة والليمون وسيدي معروف والنسيم والكليات وبوسكورة، فضلا عن العابرين نحو جنوب المملكة مما يجعل المرور بهذا المدار كابوسا للآلاف من السائقين.
السلطات لما فوضت المشروع لشركة الدار البيضاء للنقل استندت إلى أن مصالح البلدية فاشلة وعاجزة عن متابعة ورش ضخم، من قبيل مشروع مدخل جنوب غرب البيضاء، فتوهم الرأي العام أن الورش سيفتح وفق المواصفات العالمية التي تدار بها الأوراش، فإذا بالمواطنين يفاجأون بكون السلطات مارست التدليس عليهم وحق فيها القول المأثور «ماتبدل خوك غير بما هو كرف منو».
فظاعة كابوس «مدار عزبان» تبرز حين نستحضر أن هذا المدخل يعد أحد المعابر المرورية المهمة بتراب مقاطعة الحي الحسني. علما أن هذه المقاطعة يقطنها 470 ألف نسمة، (أي ما يوازي سكان عمالة الرباط تقريبا التي تضم 570 ألف نسمة!)، فضلا عن كون مدار عزبان يعد المدخل الإجباري التي تمر منه يوميا أزيد من 120 ألف عربة سواء نحو جنوب المغرب أو نحو الأحواض الصناعية والخدماتية بضاحية البيضاء.
إن الحكومة المسؤولة عن الأمن العام والنظام العام مفروض فيها طرح ملف تهيئة مدار عزبان فوق الطاولة وانتداب مهندسين أكفاء للتحقيق في سبب تعثر هذا المشروع من جهة، والبحث عن بدائل تقنية تضمن إنجاز الأشغال لكن دون تعذيب السائقين من جهة ثانية، إسوة بما يتم في المدن التي تحترم مواطنيها كلما كانت هناك أشغال كبرى (شنغهاي، باريز، دبي، ميلانو، لندن، كمثال).
فمن العار أن يكون والي الدارالبيضاء مهندسا وتكون المدينة مسرحا لعبث هندسي.
من العار أن ينجز مشروع مدار عزبان في شارع الكليات والمعاهد العليا الهندسية ويرى الطلبة بأم أعينهم «التشرميل في إدارة المشروع».
من العار أن تجبي الحكومة حوالي 200 مليار سنتيم من سائقي الدار البيضاء (ضريبة الفينيات) وتفشل في توفير مسارب آمنة وسلسة للمرور بعزبان.
من العار أن يصرف المغاربة ملايين الدراهم لتكوين شرطي وتدريبه على كيفية تعقب الإجرام والمجرمين ليجد نفسه «مسمرا» في مدار عزبان بسبب فشل أجهزة عمومية أخرى في إنجاز مهامها.
من العار أن «يفتح» عمدة البيضاء أو رئيس جهة البيضاء أو رئيس مجلس عمالة البيضاء أفواههم في لقاء حول «التسويق الترابي» و«المدن الذكية» وهم فاشلون حتى في إدارة إشارة مرور بعزبان.
من العار أن يتناطح 34 برلماني يمثلون البيضاء و«يتقاتلون» بشأن تأمين حقوقهم في التقاعد وفي الريع بدل أن يتأبطوا الملفات الحارقة التي تؤزم الحياة اليومية للمواطنين لتسريع وتيرة إنجازها وممارسة الضغط على السلطات المختصة لتراقب أوراشها.
من العار أن يكون في بلادنا وزير يفرض غرامة 25 درهما على كل مواطن «قطع الشانطي» بدون احترام ممرات الراجلين، بينما يتم التواطؤ والتستر على ارتكاب شركة لجريمة «قطع الروح» على 470 ألف مواطن لم يرتكبوا أي ذنب سوى أنهم اختاروا السكن في مقاطعة الحي الحسني بالبيضاء!