قضت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط بعشرين سنة سجنا في حق الملقب بـ «هتلر» في قضية جريمة قتل ضحية دون اعتبار حالتي الاصرار والترصد، بينما حوكم المتهم الثاني بعشر سنوات سجنا من أجل الضرب والجرح بواسطة سكين، في حين تمت مؤاخذة المتهم الثالث بستة أشهر حبسا نافذة بتهمة عدم التبليغ عن وقوع جناية بعد تبرئة الجميع من تهمة المشاركة في القتل العمد.
وتوبع في هذه النازلة في حالة اعتقال ثلاثة أظناء، من مواليد 1988 و1993، من بينهم تلميذ، وعاطلان، وذلك بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، والمشاركة في جناية القتل العمد، وعدم التبليغ عن جناية، في حين يبدو أن المتهم الرابع مازال في حالة فرار.
- وفاة الضحية بعد نقله إلى المستشفى:
انطلقت وقائع القضية باتصال مع مصالح الدائرة الأمنية العاشرة بسلا لمعاينة اعتداء بقطاع النهضة بحي القرية، حيث عاين عناصر الشرطة القضائية شخصا ملقى على الأرض ينزف دما وفي حالة صحية جد متدهورة، جراء إصابته بأربع جروح على مستوى أسفل الظهر والدقن واليد اليمنى والكتف الأيسر، والذي صرح بصعوبة في النطق أن الذي اعتدى عليه بسلاح أبيض يلقب «ولد الفقيه» وشخصين يجهل هويتهما، ليتم نقله أولا إلى مستشفى مولاي عبد الله ثم مستشفى ابن سينا بالرباط، بالنظر لخطورة الإصابة، إلا أنه توفي في نفس اليوم.
- تطورات خلاف حول تصحيح قطع نقدية:
في إطار استجماع معطيات النازلة تم الاستماع تمهيديا إلى حدث كان حاضرا لواقعة الاعتداء، والذي أكد أن خاله «ولد الفقيه» كان يتحوز سكينين رفقة شخص آخر مسلح واتجها نحو الضحية الذي كان يعاقر الخمر بمعية صديقين له، وطعن الهالك عدة طعنات في أنحاء جسمه، والذي تلقى طعنات من شخصين، واحد منهما كان يخفي وجهه بواسطة جوارب وامتطى دراجة نارية... مضيفا أن خاله كان قد وقع في خلاف مع شخص بخصوص تصحيح بعض القطع النقدية له، إلا أنه لم يقم بذلك ولم يرجع له المبلغ... ولم يشاركهم في عملية الاعتداء. كما أنه له يفسح المجال لخاله من أجل الفرار، والذي يبدو أنه مازال مبحوثا عنه.
وأشار الشاهد أنه حاول رشق الضحية بواسطة كيس بلاستيكي بعدما كان قد قصده وفي يده سكين، مبرزا أمام قاضي التحقيق أن الثلاثة اعتدوا على الهالك بسكاكين، في حين أن الرابع يرشق بالكؤوس.
- سلب 50 درهما ووثائق دراجة نارية تشعل الفتيل:
من جهته أكد المتهم الملقب «هتلر» المزداد عام 1988 أنه في الوقت الذي كان قد توجه صوب «ولد الفقيه» على متن دراجته النارية من أجل اقتناء كمية من الأقراص المهلوسة ومخدر الشيرا فوجئ بقدوم غريمه رفقة ثلاثة أشخاص ومحاصرته وإشهار سكاكينهم في وجهه، حيث سلبوا منه مبلغ 50 درهما ووثائق الدراجة النارية ليشرع صديقه بهذه العملية، والذي اقترح عليه الانتقام منهم وتصفيتهم جسديا، مضيفا أنه عرض الضحية للضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض بمعية «ولد الفقيه»، إلا أنه تراجع عن تصريحاته خلال الاستماع إليه تفصيليا من قبل قاضي التحقيق، مبرزا أن الآنفي الذكر سلبوه مبالغ مالية كانت بحوزته وأن الهالك ضربه على مستوى رأسه مما جعله يذهب إلى المستشفى لتلقي العلاجات، وعند عودته طلب منه الملقب «ولد الفقيه» أسماء الأشخاص الذين اعترضوا سبيله ثم راح لحاله، وفي اليوم الموالي اتصل به هاتفيا وضرب معه موعدا لتسلم وثائق الدراجة النارية، إلا أنه حينما حضر لعين المكان فوجئ باعتقاله من قبل الشرطة، نافيا أي اعتداء على الهالك، ومحمّلا المسؤولية لصديقه الفار.
- جلسة خمرية من مال الغير:
أشار المتهم الثاني، التلميذ إلى أنه كان مع الهالك رفقة المتهم الثالث يعاقرون الخمر، وأن هذا الأخير أخبرهم أنه تسلم من الملقب «ولد الفقيه» قطعا نقدية بقيمة 3100 درهم قصد استبدالها بأوراق مالية، غير أنه احتفظ بها واقتنى منها كمية من الخمر، مضيفا أنه وقع شجار بين هذا الأخير الذي كان صحبة الملثم، المدعو «هتلر» والضحية الذي تعرض من طرفهما إلى طعنات سكين، وأنه لم يقم بتقديم المساعدة للهالك بالنظر لما تملكه من ارتباك إبان الاعتداء عليه، ولم يبلغ عن الواقعة خشية إيقافه.
وأكد المتهم الثالث تصريحات زميله الأخير، والذي برأته المحكمة من جناية المشاركة في القتل العمد، وآخذته بتهمة عدم التبليغ عن وقوع جناية.
واعتبرت هيئة المحكمة أن إنكار المتهم الملقب بـ «هتلر» تفنده اعترافاته أمام الشرطة القضائية وقاضي التحقيق في مرحلة الاستنطاق الاعدادي، وأن نيته كانت تتجه نحو إزهاق روح الضحية للانتقام منه بعدما عرضه للسرقة، فضلا عن كون الطعنات بالسكين تسببت في جروح كبيرة وغائرة وعميقة في جسم الهالك، خصوصا وأن نتائج التشريح الطبي تؤكد أن الوفاة كانت بسبب الضرب والجرح الذي تعرض له الضحية.
وكانت هيئة الحكم، التي متعت الأظناء بظروف التخفيف، تتكون من الأساتذة: محمد كشتيل رئيسا، ورشيد وظيفي مقررا، ومحمد بلاز مستشارا، وعلي عطوش ممثلا للنيابة العامة، والبشير التاقي كاتبا للضبط.