الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد المجيد مومر: ماذا ننتظر من الفقيه العثماني الذي فقد بوصلة الاقتصاد والمالية؟!

عبد المجيد مومر: ماذا ننتظر من الفقيه العثماني الذي فقد بوصلة الاقتصاد والمالية؟! عبد المجيد مومر

انطلقت صفارات الإفلاس الحكومي، التي تنذر بظلمة المجهول الاقتصادي، الذي يقودنا إليه معالي رئيس الحكومة المغربية، وليس من التحامل تحميل وزر السكتة الاقتصادية للفقيه الداعية سعد الدين العثماني وفريقه الوزاري، رغم أن مقدمات الإفلاس تعود لزمن سلفه السابق على رأس الحزب والحكومة الأستاذ عبد الإله بنكيران .

فكل متتبع لمنحى لغة الأرقام سيقتنع بمسار السياسات الحكومية اللاشعبية، التي استهدفت جيوب المستضعفين من  الشعب المغربي، والذي كان مأمولا شعبيا من الفقيه سعد الدين العثماني هي خصال الصدق السياسي، وذلك بالكشف بداية عن حقيقة الوضع، وليس الصمت السلبي في مواجهة الحقائق الظاهرة.

لأن الواعي بواقع حال رئيس حكومة "الإخوان المفلسين" يدرك جيدا أن الفقيه سعد الدين العثماني الذي استفتح جهاده السياسي بالدعوة إلى ضرورة التمايز و"طنطنة" خطاب الأخلاق، تحول عند تشكيل فريقه الحكومي نحو "ميكيافيلية" الممارسة، فحاول ضمان منصب رئاسة الحكومة بتوافق مع أحزاب التحالف الرباعي.. وبهذا التحالف يكون السيد رئيس الحكومة قد التزم -بعد الضغط الحزبي- بإخفاء أوزار حكومة سلفه السابق الأستاذ عبد الإله بنكيران.

ولأن البرنامج الانتخابي الذي على أساسه تصدَّر حزب العدالة والتنمية نتائج اقتراع السابع من أكتوبر، هذا الوعد الانتخابي استسلم بسذاجة الغباء لبرنامج التحالف الحكومي 4+1+1، والذي ليس إلا استمرارا بئيسا للسياسات اللاشعبية للحكومة السابقة (صفقة عفا الله عما سلف البنكيرانية).

وحتى تطمئن قلوب المرتابين، فإننا نستشهد بواقعة تنازل حزب العدالة والتنمية -حزب الوعد الكاذب- على حقيبة وزارية استراتيجية، وهي قطاع الاقتصاد والمالية لحزب التجمع الوطني للأحرار، كدليل ملموس على صفقة استسلام البرامج المُسْبقة.

ورغم خرجات معالي رئيس الحكومة التائهة مع صدمة الاحتجاجات الشعبية  المتتالية، فإن تصريحات الفقيه سعد الدين العثماني لا تعدو أن تكون مجرد فرقعات إعلامية للتغطية على فشل برنامج حزب العدالة والتنمية في الوفاء بوعود الحملات الانتخابية بسبب عدم امتلاك الحزب للتصور الاقتصادي البديل، باعتباره المفتاح القادر على حل أقفال الأزمة الراهنة. وهنا يجوز لنا طرح التساؤل: ماذا ننتظر من رئيس حكومة فاقد لبوصلة الاقتصاد والمالية؟ فيكون الجواب، إنه الانشغال العميق بضمان "الكرسي".

قد تبدو الحلول مفزعة للمنظومة الحزبية، لأن خطة صندوق النقد الدولي التي اتضحت آثارها، تدفعنا جميعا للجهر بحقيقة أن المرحلة تستلزم "حكومة فعالية" تخدم البلاد والعباد وتتجاوز الظرفية العصيبة الراهنة.

فهل معالي الفقيه رئيس الحكومة واعٍ بما يقع حوله؟ أم أنه سيستمر مخلصا لكهنوت "الصمت المدمر" الذي عجل بتفاقم الأزمة التي تحولت إلى حافَّة الانفصامية السياسية. فليقبل الأخ الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بنصيحة إخوة له بهذا الوطن الجريح، وليتّق الله في جيوب "اولاد الشعب" الذين لا يعلمون أين يقودهم التحالف الحكومي بسياسته غير الرشيدة.

أما إذا تَحَجَّجَ البعض بأن رئيس الحكومة يجهل -بدوره- كيف يقود حكومة الإصلاح، فما علينا إلا "قراءة اللطيف"، حتى يقتنع بجدوى الرحيل قبل إغراق المركب، بعد أن زاد من تفاقم الأزمة ليبلغ بها قمة الإفلاس.

وليستفضل علينا معالي رئيس الحكومة بحق الهمس عند سمع الفقيه المحترم بأن الوطن لن يتحمل تبعات أخطاء حكومة الإخوان المفلسين، كما لن يتحمل الشعب توالي الزيادات في الأسعار، مثلما لن يستطيع "اولاد الشعب" تحمل ضريبة فوائد ديون صندوق النقد الدولي في ظل برنامج حكومي أخلف وعده وخان أمانة الإرادة الشعبية وكذب في مجمل أرقامه.. فيا ليت شعري أليست هذه صفات "البرنامج الحكومي المنافق"؟!

إن معالي رئيس الحكومة المغربية بفقدانه بوصلة الرؤية الاقتصادية وتصدع الثقة الشعبية في فريقه الوزاري أصبح عقبة سياسية أمام توحيد الصف الوطني، وبالتالي عقبة أمام تشكيل فريق الحكومة الفعالة، ففشل تحالف حكومة "4+1+1" يهدد أمن المغرب القومي وفق ما سبق تفصيله من مظاهر التخاذل والتقصير في تفادي سياسات تقويم هيكلي جديد والعجز الحكومي عن استكمال البناء الدستوري.

كما أنه من حق "اولاد الشعب"، المهددون بزمن البؤس الاجتماعي، أن يرفضوا برنامج حكومة "العبث السياسي" الذي يرهن اقتصاد دولة ليرهن مستقبل شعب بأكمله.

ومسك الختام يفيد بأن أزمة المنظومة الحزبية تفرض حلول التدخل المؤسساتي، هذه الحلول يؤطرها دستور، والدستور عَقْدُهُ أحكام. فالواقعة أننا في أشد الحاجة إلى حصان استثنائي: إنه الاقتصاد السياسي.. يا معالي الفقيه رئيس الحكومة المغربية!

- عبد المجيد مومر الزيراوي، شاعر وكاتب