عرفت العلاقات الاقتصادية المغربية الأمريكية تطورا مضطردا بفضل الجهود التي بذلت خلال حكم جلالة المغفور له الحسن الثاني و المبذولة من طرف جلالة الملك محمد السادس، بالتعاون مع نظرائهما الرؤساء الأمريكيين، و التي توجت بإبرام اتفاقية التبادل الحر بين البلدين، حيث دخلت حيز التطبيق سنة 2006، مساهمة بذلك في إعطاء دفعة قوية لتنويع ومضاعفة المبادلات التجارية الثنائية.
و هي تحتفي هذه الأيام بذكراها الخمسين، تستغل غرفة التجارة الأمريكية بالمغرب المناسبة للتذكير بإنشائها سنة 1966 بمبادرة من رجال أعمال مغاربة و أمريكيين و برعاية غرفة التجارة الأمريكية بواشنطن.
خلال خمسون سنة مضت كانت مجالات المال و الأعمال و الصناعة و التجارة تعرف طفرة تلو الأخرى إلى أن تعدى حاليا عدد المقاولات الأمريكية بالمغرب 150 مقاولة تعمل في جل القطاعات بما فيها قطاعات السيارات و الطيران و تكنولوجيا المعلومات و ألاتصال باستثمار اجمالي يصل إلى حوالي 2 مليار دولار، و تشغل 100000 شخص تقريبا، حسب إحصائيات الغرفة.
و تعد اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية محطة فاصلة سهلت المساطر على رجال و نساء الأعمال و أوصلت التبادل التجاري بين البلدين إلى ما يقارب 2،6 مليار دولار، و هو الذي كان حين إنشاء غرفة التجارة ألأمريكية بالمغرب سنة 1966 لا يتعدى 100 مليون دولار و لا يتعدى 500 مليون دولار قبل التوقيع على الاتفاقية.
خمسون سنة مرت إذا على إنشاء الغرفة و عشر سنوات مرت على التوقيع على الاتفاقية و الحصيلة الاقتصادية مشرفة و لازالت واعدة.
و لاشك أن ظروف الاحتفاء بالمناسبتين هذه السنة تحتم التذكير مرة أخرى بأن العلاقات التاريخية و السياسية و التجارية بين البلدين عريقة و تعود جذورها إلى فترة الثورة الأمريكية لما كان ميناء طنجة يستقبل الكثير من البواخر الأمريكية و لما اعترف السلطان محمد الثالث سنة 1777 باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية، و كان المغرب بذلك أول دولة في العالم تعلن اعترافها بالولايات المتحدة الأمريكية حيث وقع البلدان فيما بعد على اتفاقية صداقة.
لذا وجب على بعض مراكز القرار السياسي في أمريكا استحضار الذاكرة المشتركة لأن ما يجمع البلدين أقوى من الغيوم العابرة التي تخيم أثناء بعض المواسم.
و في إطار ما هو آني، لابد من استحضار مضمون البلاغ المشترك الذي توج لقاء القمة بين جلالة الملك محمد السادس والرئيس باراك أوباما في شهر نونبر 2013، والذي يفعل، في إطار حوار استراتيجي منذ ذلك التاريخ، كخارطة طريق حقيقية للشراكة العريقة التي تجمع البلدين و الشعبين على أساس قيم الثقة المتبادلة في جميع مجالات التعاون.
و خدمة للشراكة ألاقتصادية لابد كذلك من التذكير بأن المغرب أضحى محورا رئيسيا على مستوى القارة الإفريقية فضلا عن موقعه الجغرافي الاستراتيجي مع أوروبا مما وفر مناخا ملائما للأعمال.
إن اللقاء الاقتصادي السنوي المتجسد في "مؤتمر تنمية الأعمال بين المغرب والولايات المتحدة"، والذي يشكل لقاء مرجعيا لرجال الأعمال بالبلدين، أصبح أهم فضاء للأعمال بالنسبة للشركات الأمريكية التي تسعى للاستثمار بالمملكة.
و تستفيد هذه الشركات أيضا من مجموعة من الاتفاقيات و البروتوكولات التي وقعتها أو أشرفت على توقيعها غرفة التجارة الأمريكية بالمغرب التي تشغل مديريتها العامة السيدة ربيعة علامة.
و إذا كان العرب قديما يقولون "وراء كل عظيم امرأة"، فوراء هذه الاتفاقيات و البروتوكولات و الأنشطة الهامة هناك السيدة ربيعة علامة التي التحقت بالغرفة سنة 1991 و التي أتوقع أن يحتفي أصدقاؤها بسنتها الخامسة و العشرين داخل هذه الغرفة الديناميكية.