بمجرد أن اطلع موظفو قطاع المالية بمراكش وخاصة العاملين بخزينة العمالة على رسالة المدير الجهوي للثقافة التي تؤكد بأن البلاغ الذي أصدره كاتب فرع مراكش للنقابة الوطنية الديمقراطية للمالية المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، يوهمهم بأن هناك أيادي خفية كانت وراء منع اللقاء التواصلي الذي كان سيعقد يوم 27/04/2016 بإحدى القاعات التابعة للمديرية الجهوية للثقافة، زادت صدمتهم حدة. فأصبح شغلهم الشاغل هو التساؤل حول الأسباب الكامنة وراء تنظيم أمسية يوم 13 أبريل 2016 وأسباب إصدار بلاغ 09 مايو 2016 الذي يتضمن ما يتضمنه، حيث أصبحت لديهم قناعة كبيرة بأن الهدف ليس هو الدفاع عن الموظفات اللواتي تم استفسارهن مع أنهن لم يحركن ساكنا عندما تم استفسار موظفين آخرين في عهد الخازن السابق، ولم يكتبن حرفا عندما تم التضييق على رئيسة مصلحة النفقات السابقة من أجل فسح المجال لصديق كاتب الفرع حتى يتموقع داخل المصلحة.
وبالفعل كان له ما شاء، بل الأمر أخطر من ذلك، إذ لا حديث اليوم إلا عن ما قيل يوم 13 أبريل 2016 بخزينة عمالة مراكش تحت غطاء شعار *العمل النقابي واجهة أساسية للدفاع عن وحدتنا الترابية * وفي إطار ما سمي بأمسية، حيث تم احتلال مدخل الخزينة لإقامتها.
وفي هذا الصدد، فوجئ الموظفون الذين فر معظمهم من الخزينة، بتصريحات المتدخلين المجهولي الهوية والتي انصبت حول اتهام الدبلوماسية المغربية بالتقصير في القيام بعملها وبضعف أداءها الدبلوماسي فيما يخص ملف الصحراء المغربية. ذلكّ، وحسب قولهم الذي تداولته مجموعة من المواقع الالكترونية، فإن المغرب لم يتعامل مع بان كيمون كما ينبغي، وبالتالي كان من المفروض عدم إثارة تلك الزوبعة التي أقلقت راحة القارة الأسيوية، مقابل ضرورة التعامل بلطف.
لكن، ربما نسي هؤلاء بأن الديبلوماسية المغربية تعبر عن رأي المغرب ملكا وشعبا، وأن الموقف الذي اتخذه المغرب تجاه بان كيمون هو موقف ملك وشعب من أجل قضية وطنية. والخطير في الأمر هو ما ورد في البلاغ الصادر عن المكتب يوم 09/05/2016 والذي كلما استرجعه الموظفون إلا واقشعرت أبدانهم، خاصة عبارة "وما المؤتمر العالمي للمناخ –كوب 22-عنا ببعيد". وعليه، ألا يشكل ذلك تهديدا مباشرا لاستقرار المغرب؟ فماذا يقصد كاتب الفرع بذلك؟ ولو أن هناك فهم وتفسير واحد لتلك العبارة مفاده كونه يدبر ويحضر لأمر ما. وإلا فما علاقة الكوب 22 الذي يشكل تحديا بالنسبة للمغرب ملكا وشعبا بالاستفسارات الإدارية والتنظيم الداخلي للإدارة؟
إن الأكيد حاليا هو التفنيد التام لادعاءات المكتب النقابي، وأن الكاتب المحلي ورفيقه بمصلحة النفقات وسفيرتهم لا يتأخرون في نشر البلبلة والفتنة من أجل الوصول إلى هدف معين. ومن هذا المنطلق، صار السؤال الأعمق المطروح بين الموظفين هو: من هؤلاء وماذا يريدون بالضبط ولصالح من يتحركون؟ خاصة عندما يستهدفون دبلوماسية بلد بكامله، مهددين تحدياته التي يتمنى كل بلد أن يخوضها مثل الكوب 22.
إن موظفي قطاع المالية بمراكش الذين كادت أن تنطلي عليهم الحيلة يتساءلون أيضا عن موقف المؤسسات الأمنية من ذلك، وهو سؤال مشروع لكي تقرأ الأجهزة الأمنية مابين السطور وتكشف عن هوية هؤلاء الأشخاص وعن علاقة الموظفات بهم .
إن الأمر يتجاوز في حقيقته وفي باطنه عملية رفض لتنظيم مؤسسة إدارية، وسيظل يطرح بحدة لأن خمسة أشهر كافية للتعبئة من أجل ضرب تحديات المغاربة وتهديد أمن مراكش. ولعل الطريقة التي يزحف بها كاتب الفرع نحو مدن أخرى عبر البلاغات لمؤشر قوي يبرر تخوفات موظفي قطاع المالية، الذين أصبحوا يؤمنون بأن الآمر يتعدى الصراع والتجاذب من أجل الحفاظ على مكتسبات قديمة قطعت دابرها رسالة الخازن إلى تبعات أخطر.