الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

القاضي السابق بقاش: الوزير الرميد ليس مبدع التخفيف من الاعتقال

القاضي السابق بقاش: الوزير الرميد ليس مبدع التخفيف من الاعتقال

الرميد يعمم دورية للتخفيف من حدة الاعتقال الاحتياطي الذي بلغ 40 في المائة من ساكنة السجون.

أولا هذه الدورية ليست بالجديدة على عالم وزارة العدل، فالتخفيف من الاعتقال كان دائما هاجسا مؤرقا للوزراء الذين سبقوا وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد إلى الجلوس على الكرسي الذي يتكئ عليه الآن وقد صدرت عدة دوريات سابقة في هذا الشأن استعملت بدورها تقريبا نفس المصطلحات التي استعملتها الدورية الأخيرة.

السؤال الذي يُطرح هو، لماذا هذا التوقيت بالضبط، ولماذا لم يُصدرها سعادته مباشرة بعد اعتلائه كرسي الوزارة، أي قبل خمس سنوات من الآن، فمنذ كانت السجون وهي مكتظة.

أنا فقط أريد أن أذكره بأن الاعتقال الاحتياطي الذي بدا وكأنه يحاربه اليوم من خلال هذه الدورية، كان قد سبق له أن خرج يدافع عنه بفخر منقطع النظير إثر اعتقال قاضي، وهو كاتب هذه السطور، في بداية سنة 2012، كانت تتوفر فيه وفي قضيته آنذاك جميع الشروط التي لم تكن تستدع اعتقاله، وهي بالمناسبة الشروط نفسها التي سطرتها الدورية الأخيرة لتفادي إجراء الاعتقال الاحتياطي واكتظاظ السجون.

بل لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد أعقب هذا الاعتقال الاحتياطي الذي أشرف عليه سيادته شخصيا، بهرجة إعلامية خرج فيها نفس الوزير وبعض الوزراء المحسوبين على الحزب الذي ينتمي إليه بما فيهم كبيرهم الذي بارك لهم تدخلهم في القضاء، يتغنوْنَ خلالها بهذا الإجراء والحدث التاريخي الذي قام به.

غير أن الأقدار الإلاهية بعد أربعة أشهر فقط، شاءت إلا أن تدحض بهرجتهم الإعلامية المدافعة آنذاك عن الاعتقال الاحتياطي، فقد تخلص نفس القاضي من هذا الاعتقال التعسفي غير المبرر بعد أن تراجع من اتهمه ظلما عن ادعاءاته وهو يذرف دموع الندم أثناء مواجهتهما أمام قاضي التحقيق.

وشاءت نفس الأقدار أن ذاك الذي دخل منكسرا إلى السجن، سيخرج  منه مرفوع الرأس وسيُستَقبل "استقبال الأبطال"، على حد الوصف الدقيق والتعبير الأدبي البليغ للسيد بنكيران رئيس الحكومة.

لا يهم ما حصل بعد ذلك، فالرزاق يبقى دائما هو الله، ما يهمني هو أن الله قد أشهدني في هذه القضية قدرته العظيمة ومكره الخارق في الاستجابة لدعائي وتضرُعي إليه وأنا رهن "الاعتقال الاحتياطي" الذي أصبح يحاربه اليوم فجأة وزير العدل.

فسبحانك يا إلاهي، سبحانك كيف تبدل الأحوال، سبحان مكرك الذي لا يعلوه مكر أنفذ النافذين من الماكرين من خلقك..