لقد تم إنصاف بعض الأفراد والجماعات حقوقيا، لكن متى يتم إنصاف الوطن سياسيا؟ التوجه الجديد للدولة المغربية، متجسدا في خطابات المكاشفة والمواجهة وطرح الوقائع وسياقات الأحداث على مستوياتها الداخلية والخارجية، ووضع المتدخلين، كل من موقعه، أمام مسؤولياتهم، يفرض مواكبة على نفس المستوى من الجرأة من لدن الطبقة السياسية المغربية وكل قوى الضغط الأخرى، من جمعيات وهيآت أخرى على اختلاف مرجعياتها وأهدافها، وذلك بالقيام بنقد ذاتي وموضوعي لجملة من الممارسات والسلوكات والوسائل التي تم اللجوء إليها، في صراعها من أجل تحقيق مشروعها السياسي والمجتمعي.
إن هذا العمل النقدي من شأنه أن يزيل اللبس والغموض عن كثير من الممارسات والمواقف التي ساهمت بدرجات مختلفة وأشكال متعددة في توتر الأجواء بالبلاد وخلقت تشويشا خطيرا في العلاقات السياسية للبلاد بالجهات الخارجية، سواء تلك المتعلقة بالأنظمة الصديقة أو الأنظمة المعارضة للنظام السياسي المغربي. وفي هذا الإطار، يندرج السؤال التالي: هل كان طريق الجزائر، الخيار الوحيد السالك، بالنسبة لبعض قوى المعارضة في مواجهتها للنظام؟ وخصوصا بعد سنوات قليلة من الحرب بين الدولتين، والجراح لم تندمل بعد؟ هل تصح المقارنة بما قام به ويقوم به برهان غليون ورفاقه وآخرون، في سوريا اليوم، بوجود فارق طبعا؟ ولربما ذهبنا بعيدا، إلى حد استحضار أحداث تاريخية وطنية بخصوص الاستقواء بالخارج، بوجود فارق السياق التاريخي طبعا.
إن الحاجة إلى نقد ذاتي حقيقي، شجاع، مسألة ملحة، اليوم أكثر من أي وقت مضى، ولن تسقطه بأي شكل من الأشكال، عمليات الإنصاف والمصالحة. لقد تم إنصاف بعض الأفراد والجماعات حقوقيا، لكن متى يتم إنصاف الوطن سياسيا؟