الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد أجغوغ: في معنى الديبلوماسية

محمد أجغوغ: في معنى الديبلوماسية

لا أريد مكسباً ولا أريد مغنما، بل أريد وطنا يتسع لجميع النفوس لا وطنا تضيق فيها رجال وتزهى فيه رجال.. قبل أن أدك مقالي دكا، ومن أجل تلميع مقاصده يتوجب علي أن أتقدم للقارئ بمفهوم بسيط لمعنى الديبلوماسية، إنها إدارة العلاقات الدولية عن طريق المفاوضات أو طريقة معالجة وإدارة هذه العلاقات بواسطة السفراء والممثلين الدبلوماسيين.. إنها أداة رئيسية تستخدمها الدولة لتحقيق أهداف السياسية الخارجية والتأثير على الدول والجماعات الخارجية بهدف استمالتها وكسب تأييدها.. إنها علم وفن مفاوضات.. إنها رعاية المصالح الوطنية في السلم والحرب.. إنها بشكل بسيط استعمال الدكاء والكياسة في إدارة العلاقات الرسمية بين حكومات دول.. إنها أداة لتنفيذ السياسة الخارجية للدولة، من هذه المفاهيم البسيطة للدبلوماسية سينطلق قلمي نحو توضيح علاقات جدلية تربط بين ما يسمى بالدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الموازية..

إذا كانت الدولة تعتمد على ممثليها ديبلوماسيين لتنفيذ برامج سياستها الخارجية، فإن أمر تنفيذ مضامين هذه الأخيرة، أي مضامين السياسة الخارجية للدولة لا يقتصر ولا يجب أن يقتصر على الديبلوماسية الرسمية للدولة أو أن يقتصر على سفراء الدولة وممثليها الدبلوماسيين، بل يجب أن يشمل باقي أطر الهيئات والمنظمات المغربية وخاصة منها الحقوقية والثقافية ذات الطابع الوطني والدولي الدين يجسدون في الواقع نفس الإطار العام الذي تشتغل فيه الديبلوماسية الرسمية.

إن تطور الأزمنة من العصور القديمة، مرورا بالعصور الوسطى إلى العصور الحديثة، صاحبه تطور كبير لمعنى الديبلوماسية وإطار اشتغالها.. إن حركة تنقل الأشخاص ونقل المعلومات والتقارير خلق صداعا كبيرا للدبلوماسية الرسمية، حيث أصبحت الدولة وسفراؤها وممثلوها الدبلوماسيون أمام بروز وظهور الديبلوماسية الموازية والتي ليست منافسة أو غريما للديبلوماسية الرسمية، بل وإن حضرت الحكمة والتبصر فهما أمران متكاملان لتحقيق المصالح الخارجية للوطن. إن التطور التاريخي التاريخي الذي عرفته هيئات ومنظمات المجتمع المدني المغربي من جهة، وعدم مراقبة الدولة لحركة تنقل الفاعلين الثقافيين والحقوقيين وطبيعة شركائهم الأجنبيين ساهم بشكل كبير في بروز مصدريين للمعلومات والتقارير لدى الجهات والمنظمات الحكومية والغير الحكومية التي تبقى هي نفس المنظمات التي كانت في زمن مضى تعتمد سفراء الدولة المغربية وممثليها الديبلوماسيين مصدرا للمعلومة والتقارير، الشيء الذي يضعنا أمام فهم حقيقة إنها دور الديبلوماسية الموازية وفعاليتها، إن  تشابه أو تماثل أو تعارض قد يحصل بين المعلومات والتقارير التي تصدرها الديبلوماسية الموازية والرسمية يجعل المصالح الخارجية للدولة بين النجاح والفشل، التماثل والتشابه فيه خير لمصالحنا الخارجية، أما التعارض فيضع مصالح الدولة في خطر.. إن الخصم السياسي للدولة غالبا ما يلتجأ إلى استعمال التعارض لضرب مصالح الوطن واعتماد المعلومات والتقارير التي تدولها الديبلوماسية الموازية حجة وبينة ضد الديبلوماسية الرسمية، يجب على الجميع أن يعي أن تحقيق مصالحنا الخارجية لم يعد  يقتصر على الديبلوماسية الرسمية، بل أصبح تحقيق مصالحنا الخارجية رهينا بالدبلوماسية الموازية.. أصبح دور الديبلوماسية الموازية في عصرنا حاسما في تحقيق أو تعطيل مصالحنا الخارجية. إن ما جرى مؤخرا يعتبر دليلا قاطعا على صحة دلوي المتواضع، فقد اعتمدت الخارجية الأمريكية عبر سفرائها وممثليها الديبلوماسيين على المعلومات والتقارير التي رفعتها المنظمات الحقوقية والثقافية المغربية التي تنشط في إطار الديبلوماسية الموازية، فكان تقرير الولايات المتحدة الأمريكية قاتما وسلبيا بكثير كما أن بعض الجرائد الغربية والأمريكية منها جريدة لوموند الفرنسية وجريدة لوفيغارو الفرنسية وجريدة إلموندو الإسبانية وجريدة واشنطن بوست الأمريكية وجريدة نيويورك تايمز الأمريكية اعتمدت على المعلومات والتقارير التي أصدرتها الديبلوماسية الموازية فكانت جل مقالات هذه الجرائد ترسم صورا سلبية على الدولة المغربية، إن الأمر الخطير الذي يفرض نفسه بإلحاح هو عندما تنخرط بعض المنظمات الحقوقية والثقافية المغربية ضمن صفوف الخصوم السياسيين للدولة المغربية. هنا أتكلم عن تعارض الديبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الموازية، تكون المصالح الخارجية للدولة في خطر، بل تكون في حصار قوي نجد أن السبب فيه تلك الديبلوماسية الموازية الغير المتبصرة.

قبل أن أنهي مقالي يجب أن نفهم جميعا أن مصالح الدولة المغربية خارجة عن الاختلافات السياسية والإديولوجية التي تحصل داخل الوطن، فعندما يتعلق الأمر بالمصالح الخارجية يجب أن تستند الديبلوماسية الرسمية على الديبلوماسية الموازية من أجل تحقيق المصالح الخارجية وأن نحاول تذويب جميع العناصر التي ممكن أن تؤدي إلى تعارض بين الديبلوماسية الرسمية والخارجية، كما يجب أن نحارب وباستماتة كل استعمال سلبي للدبلوماسية الموازية لتعطيل المصالح الخارجية من طرف خصومنا  السياسين الذين تستفزهم استقرار وثبات أمن الدولة المغربية.