الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

د. محمد أمغار: جمعية هيئات المحامين بالمغربوتساؤلات المؤتمر 29

د. محمد أمغار: جمعية هيئات المحامين بالمغربوتساؤلات المؤتمر 29

على بعد 54 سنة من الولادة تنظم جمعية هيئة المحامين بالمغرب مؤتمرها الوطني العام التاسع والعشرون في جو وظروف وطنية ودولية تغيرت عن زمن الولادة ب 180 درجة.

إن الجمعية التي أسست من طرف الاوائل بهدف ضمان التغير والانتقال السلس للمحاماة من الفرنسيين إلى المغاربة، والتي عايشت مرحلة سنوات الرصاص ووقفت أثناءها كمعبر عن الضمير الجمعي المهني في وجه السلطة لضمان المحاكمة العادلة،انتقلت اليوم إلى مقاربة المشاكل الاجتماعية للجسم المهني الذي أضحى بدوره ضحية المتغيرات الاجتماعية التي حالت دون ضمان التواجد والبقاء الفعلي للطبقة الوسطى بالمجتمع.

إن جمعية هيئات المحامين بالمغرب، تبعا لهذه المتغيرات، مطالبة بالاستماع إلى صوت المحامي الشاب ابن مغرب الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي والذي لا يعرف، ولا علاقة له بسنوات الرصاص، أو مكانة المحامي الفرنسي في المجتمع، بل يبحث كغيره من المغاربة، أي مغاربة اليوم، عن كسرة خبز، ويخاف مثلهم أشد الخوف من الغد المجهول، أو من "بكرا" على حد قول الإخوة المصريين.

إن محامي مغرب اليوم لا يرفع شعارات حقوق الإنسان بالقدر الذي يبحث فيه عن اليومي مكرسا في مطالب اجتماعية من دخل يضمن كرامته وتقاعد وتأمين وتكافل اجتماعي، وأداء الدولة لواجب المساعدة القضائية وغيرها من التزامات اجتماعية.

إن التحول في أداء جمعية هيئات المحامين بالمغرب وتساؤلات مؤتمرها 29 وانتظارات أطياف مرتدي الجبة السوداء سوف ينعكس لامحالة على اشغال مؤتمرها. فالشباب المهني ركب رياح الحراك الاجتماعي بدون نتيجة، وشيوخ المهنة يتشبثون بالماضي التليد من منظورهم، وضرورة الانتقال السلس للمسؤوليات داخل أجهزة الجمعية، وهو ما انعكس على قوانينها.. والمرأة المحامية أسوة بمكانة المرأة داخل المجتمع الشامل تحاول أن تسبح في الرمال المتحركة للأجهزة باحثة عن موطئ قدم.. والسياسيون داخل الجسم المهني يتراوحون بين التعبير عن خيارات الحكومة الحالية وخيارات معارضيها.. والشعبويون كعادتهم ينتظرون اقتناص الفرصة لجمع ما يمكن جمعه من أصوات انتخابية استعدادا للانتخابات المهنية المقبلة.. ومهنة المحاماة  في المغرب تسبح بين تحديات السوق العالمية والمد الجارف للعولمة، وحاجيات المواطن المغربي البسيط في المحاكمة العادلة.. وجمعية هيئة المحامين بالمغرب تعانق الزمن شاهدة على مكانة المحاماة في المجتمع  المغربي المعاصر.