الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: انطباعات في أفق تشكيل حد أدنى نضالي يتمثل المشترك

مصطفى المنوزي: انطباعات في أفق تشكيل حد أدنى نضالي يتمثل المشترك

لا يمكننا أن نكون أحرارا بدون عقل نقدي، عقل لا يجامل الأصدقاء والأعداء على السواء. فقبل أيام استدعتنا منظمة حقوقية وطنية لندلي بدلونا حول مسارها وسبل ضمان استمرارها واستقرارها، نحن ممثلي الهيئات الحقوقية المغربية، ولم نكن كلنا في مستوى اللحظة.

فقد نثر بعضنا فائض الكلام المنمق، لا تقييم ولا تقويم، وفاز بالتنويه من قال الحقيقة المنتجة، والحقيقة النابعة من عقل ناقد مفيدة جدا لمن يتمثل أبعادها في منحى الاستشراف بتصحيح الأخطاء القاتلة. وكانت الخلاصة أن التراخي في التعامل مع مبدأ التعددية وتدبير الاختلاف مسيء، وكذا تجاهل أهمية احترام الشرعية القانونية مؤثر، في زمن لم تعد «الشرعية النضالية» مفيدة لوحدها، مجردة عن أهمية العمل المؤسساتي.. ثم إن الفعل الحقوقي هو فعل إصلاحي بسقف ليبرالي.

ولا يمكن السقوط في تماهي الأدوار والصلاحيات، إلي درجة يلتبس فيها الوكيل مع الأصيل، وبالتالي يطرح سؤال التأهيل الذاتي نفسه كمطلب ملح، في ظل تضخم المبادرات والأخطاء الفردية والتي تحفزها تحالفات «براغماتية» غير عقلانية، تستمد شرعيتها من الحماس العابر وعلاقات «المتعة» التكتيكية، وهذا يؤكد بأن الخلل الحاصل ليس تنظيميا محضا أو بنيويا خالصا، بالمعنى المؤسساتي، وإنما الخلل يكمن في مدى جودة تصور مقتضيات المرحلة وتشخيص المتطلبات على المدى القصير والمتوسط.

وفي نقطة علاقة الحقوقي بالسياسي، كانت الهوة كبيرة بين المخاطبين والمخاطبين بعدم استيعاب الآثار لكل اختيار وفرز.. ويبدو أن لسوء تدبير الأولويات وترتيب التناقضات من أجل بناء التحالفات موضوعيا، أكبر وقع.

إن المسافات ضرورية من أجل خلق الثقة في الإطارات، رغم أنه ينبغي الاعتراف بنسبية الاستقلالية، المثيرة، كحساسية مفترضة تجاه منطق الذيلية المقابل، تجاذبا وتنافرا، للإلحاقية، ثم لا ينبغي الاستهانة بطريقة التفاعل المفرط مع مطلب الجماهيرية المبالغ فيه. فصحيح أن تكريس البعد الاجتماعي في المقاربة الحقوقية شرط، ولكن ليس إلى حد تضخم الحس الاقتصادي، الذي يعد العمل النقابي وعاءه الخصب والمختص.

وفي إطار النقد والنقد الذاتي لا مناص من التذكير أن لحسن اختيار المواعيد أهميته وأثره على إنجاح الديناميات ذات التقاطع الأفقي والعرضاني.. فلا يعقل تكثيف «الحالات النضالية» داخل مربع زمني قياسي دون فواصل واقية لكل صدام أو احتكاك منتج لمزيد من التوتر، فليست الدولة، وحدها، معنية بمطلب تصفية الأجواء، فالفاعل المدني ملزم بفرض شروط التكييف والملاءمة في أفق التحويل والتغيير.