الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي :بين إدانة الماضي وتطهير الدولة

مصطفى المنوزي :بين إدانة الماضي وتطهير الدولة

في البداية لابد من التساؤل حول تزامن تظاهرتين حقوقيتين ، تمشيان في نفس سياق تململ مطلبي عدم الإفلات من العقاب وعدم تكرار ما جرى من انتهاكات ، فقد اخترنا في المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف تخليد اليوم العالمي للحق في معرفة الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وإحترام كرامة الضحايا ، في حين قررت الجمعية المغربية لحماية المال العام الاحتفال باليوم الوطني لحماية المال العام ، اليومان يطابقان 24 مارس ، فهل الأمر يتعلق بتكامل أم باستغراق ؟

لمحاولة للتفاعل مع التساؤل ومع اللحظة التي تؤطره ، أعيد نشر مقال سبق وأن حررته في فبراير 2004 ، ونشر في أسبوعية البيضاوي في عدد 26 فبراير 2004 بمناسبة ملف أنجزته الجريدة ووالمحاكمات مفتوحة في وجه بعض المسؤولين في إطار الجرائم المالية ، تحت عنوان عريض « مرة أخرى ، الفساد المالي في القفص » ، وسوف أطلب من زميلي عبد الرحيم أريري أن ينشر الملف بكامله ، نظرا لغنى وجهات النظر و تنوعها وتكاملها أحيانا حول حد أخلاقي وقانوني مقبول لدى المعبرين والمصرحين ، والذين من بينهم النقيب عبد الرحمان بنعمرو وفتح الله أرسلان و المرحوم عبد الله باها و حسن عبد الخالق والمحامي طيب محمد طيب عمر وعبد الحكيم الشافعي وعبد العزيز النويضي وخالد الناصري وعبد اللطيف وهبي .

« بين إدانة الماضي وتطهير الدولة...لا يهم أين تتجه النوايا ، بل المهم هو تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب ، لأن هذه الدينامية ستعيد التذكير بدروس التاريخ ، فإذا كان من مصلحة الدولة تطهير صفوفها من بعض الموظفين الذين تجاوزوا المهام المنوطة بهم ، واستغلوا مناصبهم للإثراء غير المشروع بدعوى الدفاع عن سلامة الدولة والنظام العام ، فالتميز عن العهد القديم من جهة والتخلص من وصاية الشيوخ المحافظين يقتضيان ذلك ، لأن الطريقة الانتقائية التي يلجأ اليها لتصفية الحسابات مع قدماء المهندسين ومريديهم ، تجعل « الإرادة الإصلاحية » مشوبة بالريبة والتردد . فلماذا اختيار العفورة والسليماني كنموذج لمحاكمة الماضي ، والحال أن هناك حالات أفظع وأخطر ؟ هل لأن هذين الشخصين من رموز ادريس البصري ، وبالتالي تظل المحاكمة رسالة رمزية أكثر منها منها موضوعيا ردعية وفعلية ؟ أم أن في الأمر إنذارا للبصري بالتزام حدود اللياقة والأعراف دون تهديد بالأسرار والوثائق المؤثرة في المشاهد السياسية ومصائر بعض المسؤولين في الدولة والأحزاب ؟ أن أن في الأمر إشارة قوية إلى أن الدولة مستعدة لمساءلة الجرائم الاقتصادية ومقترفيها دون الجرائم ضد الإنسانية ؟ . في جميع الحالات ، ووفقا للحسابات المنطقية التي تشير إليها سياقات الوقائع المتتالية ، يتبين أن الدولة ( لحظة كتابة المقال طبعا ) تريد فعلا التخلص من الماضي الأليم ومساءلته ، وإن اختيار قناة الجرائم الاقتصادية أو قناة الجرائم ضد حقوق الإنسان سيان ، بالنسبة للمجتمع والدولة معا ، مادام المصدر واحد هو السلطة والشطط في استعمالها ، لذلك كان الأمن والحماية و السلامة و الاستقرار ، وسائل للاغتناء ومراكمة الثروات ، عوض أن تكون أهدافا وخلفيات للتعيين أو الانتخاب »