السبت 18 مايو 2024
فن وثقافة

التشكيلي عبد الكبير ربيع يحكي سيرة الظل في التصوير الصباغي

 
 
التشكيلي عبد الكبير ربيع يحكي سيرة الظل في التصوير الصباغي

شهد الأسبوع الماضي، النسخة الأولى للمنتدى الثقافي الذي نظمته وكالة المغرب العربي للأنباء بالرباط بتنسيق مع جمعية الفكر التشكيلي. وتضمن هذا اللقاء الثقافي والفني، الذي دشنت من خلاله وكالة الأنباء انفتاحها على الثقافة والفنون، عرضا محوريا ألقاه الفنان التشكيلي عبد الكبير ربيع حول موضوع "الظل في التصوير الصباغي"، بمشاركة رشيد ماموني رئيس الأخبار الذي أدار اللقاء، والفنان التشكيلي الحبيب لمسفر الذي قدم السيرة الفنية لعبد الكبير ربيع وحاوره في عدة جوانب من العرض، والفنان التشكيلي والناقد بنيونس عميروش الذي قدم قراءة مكثفة حول أعمال ربيع من زاوية اهتمامه بثنائية الظل والضوء تماشيا مع ثيمة العرض.

في مداخلته المستفيضة، تناول عبد الكبير ربيع مسألة الظل باعتبارها تشكل جوهر فعل الرسم والتصوير، فمن ثم ينكشف الضوء كترجمة لتجليات التناقضات البصرية، ما يمنح العين إمكانية ملامسة الفضاء عبر الإيهام. هكذا أكد على أن جل تفكيره المتعلق بالممارسة التشكيلية، ينبني أساسا على تثبيت أثر الظل، مشيرا في هذا السياق إلى أن فنون الحضارة الفرعونية التي سبقت نظيرتها الإغريقية، قامت على عنصر الظل بوصفه قرينا لازما، ولذلك نجد وجوه الشخوص مرسومة بشكل جانبي Profil، تبعا لظلال الوجوه الجانبية التي ترسم حروف المحيا بخلاف الوضعية الجبهية (La face). فيما أكد على أن  الاشتغال على الظل، يبقى مصدر إلهام ومديح واحتفاء لدى روائع الكلاسيكيين من أمثال رامبراند، فيما وقف بالحديث على عدد من أعمال الرومانسيين من أمثال غويا وكورو ودولاكروا الذين عملوا على تخصيب إبداعهم بناءً على مُساءلة الضوء، على غرار تابعيهم من الانطباعيين والتكعيبيين والطبيعيين. فيما عرج على علاقته الشخصية بالظل منذ طفولته في بولمان بوصف الظل سليل انجذابه للضوء والاحتفاء بالحياة.

وعبر مداخلته النقدية، أكد الفنان والناقد بنيونس عميروش على أن السواد عند ربيع مزدوج، داكن وخفيف يتبع أثر الضربة السميكة لتثبيت ظِلها، ما دفع أنا موي للقول بكون ربيع "قد انخرط باكرا، مثل شعوب الشرق الأقصى في حضارة الظل، وإن حدث لربيع أن تغنى بذلك، مثلما تغنى بذلك جونشيرو تانيزاكي، فهو يشعر واقعيا أنه متوافق مع الثلاثي المكون من النور والحائل والظل". مشيرا إلى أن تحضير الخلفية عند ربيع يشكل نصف العمل، التحضير الذي يعتبره بمثابة هندسة الإنارة على الركح، إذ بقدر ما يعالج حياكة وسطوح القماشة، بقدر ما يوزع الأضواء عليها، وذلك ما يجعل أعماله شمسية مع ما تثيره من درجات قصوى للتضادات. بينما أكد على أن حالة الصفاء التي دأب ربيع على ملاحقتها، إنما هي تجوال في الذاكرة، بالأبيض والأسود يستعيد تعاقب النهار والليل، فيما الظلال ترسيم للسَّيْر تحت الشمس، كامتداد للحركة والعيش. فإذا كان ربيع، يضيف عميروش، يعمل على بث تلك الشعرية البادية في زواج أبيضه وسواده المنسوجَيْن على ربوة الروح، فإنه يصر أيضا على توشيحهما بطبعة لونية مشرقة، صغيرة ومخطوفة على الأسود، حيث لمسة الأصفر والأحمر والأزرق، بمثابة قلب اللوحة، واحتفاء بالحياة أيضا.