الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

المريزق المصطفى: المؤتمر الوطني الثالث لحزب الأصالة والمعاصرة.. سؤال "المدينة والهجرة وحقوق الإنسان"

المريزق المصطفى: المؤتمر الوطني الثالث لحزب الأصالة والمعاصرة.. سؤال "المدينة والهجرة وحقوق الإنسان"

إن أهمية المؤتمر الثالث لحزب الأصالة والمعاصرة لا تخفى على كل الفاعلين السياسيين والمتتبعين والإعلاميين داخل المغرب وخارجه. ولا تستعصي الأسباب المباشرة الكامنة وراء تصاعد الدعوات وتكاثف التحركات والسجال والتنابز خلال هذه الأيام الأخيرة، بل وفي الساعات القليلة التي تفصلنا عن المؤتمر، تحت عنوانين كثيرة ومتعددة يمكن تلخيصها في السؤال التالي: "أية قيمة مضافة سيأتي بها المؤتمر الثالث لحزب الأصالة والمعاصرة؟".

كما لا يخفى على أحد، أن سبب هذا الاهتمام الزائد بحزب الأصالة والمعاصرة يعود إلى أن الكل يتطلع إلى هذا المؤتمر أنه مؤتمر الحسم والمستقبل أمام ازدياد كفاحية الجماهير الشعبية ونضالها من أجل الحرية والديمقراطية وتضخم عبء الاختناق السياسي الناجم عن بلوغ السياسة الحكومية اللاشعبية واللاديمقراطية والتفتت السياسي  ذروة لم يعرفها المجتمع المغربي من قبل.

إنه مؤتمر يرى فيه جيل جديد من الفاعلين السياسيين والنقابيين والحقوقيين والشباب والطلبة ومغاربة العالم والعمال والفلاحين والنخب الاقتصادية، امتدادا لنضالهم من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية، في زمن تنامي العولمة وفشل النموذجين الليبرالي والطوطاليطاري والنكسات الاقتصادية والاجتماعية، واستفحال الفوارق الطبقية وفساد السياسة التعليمية المتبعة.

إنه مؤتمر ينتظر منه الرأي العام الوطني والدولي فتح نقاش صريح ومسؤول حول التطلعات المستقبلية للمغاربة والمهام المطروحة على حزب الأصالة والمعاصرة كتجربة حزبية نموذجية، تنطلق من الحاضر لبناء المستقبل من أجل تعرية جذرية للأوضاع التي خلفتها الاختيارات السائدة، والعمل إلى جانب كل القوى الديمقراطية المناضلة من أجل إقرار اختيارات شعبية حقة، والمساهمة في ولوج المعالجات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والثقافية انطلاقا من سياسته الواقعية التي تؤمن بالنضال من داخل المؤسسات لتحقيق الشفافية وإعمال آليات المراقبة والمحاسبة والمعاقبة.

ولعل من بين ما يتوجب الاهتمام به -كذلك- في هذه المحطة التاريخية، هو الدعوة إلى التفاعل مع التحديات الديمغرافية وما ينتج عنها من مظاهر الإقصاء الاجتماعي والعمراني والتي تستدعي الحكامة والتخطيط الحضري  والعمراني من أجل ضمان فضاء مجتمعي متوازن بين مختلف الفئات الاجتماعية والتفكير في تنمية الجاهزية الحضرية لتوليد مسار سياسي-اقتصادي-اجتماعي تنبثق منه حلول جذرية للمعضلات الناجمة عن سوء التدبير والتسيير وعدم مراعاة العامل البيئي في مخططات التنمية المحلية المستدامة، والاستهتار بالتعليم وخدمات النقل والمواصلات والصحة والشغل ومرافق الترفيه والرياضة.

إن المدينة كتدبير لمجال العيش المشترك، بهاجسها البيئي والتنموي والأمني، يجب أن تكون ورشا محوريا من أوراش حزب الأصالة والمعاصرة وذلك لتحقيق الحكامة الجيدة في التدبير التشاركي الذي يأخذ بعين الاعتبار كل أشكال المبادرة المواطنة.

إن وعي هذا الواقع هو شرط ضروري لاستقامة أي طموح وطني، وبالتالي لا بد من التشديد أيضا على ضرورة ايلاء الأهمية اللازمة لقضية الهجرة ومناقشتها في إطار "مشروع وطني" يندرج في خانة المشروع البرنامجي لاستراتيجية الحزب في المستقبل، مشروع وطني شامل، متجدد، ومنصف لملايين المغاربة/ مغاربة العالم، الذين دخلوا التاريخ من بابه الواسع، وراكموا نضالات وطنية ديمقراطية حققت إنجازات مهمة على صعيد التنمية المحلية والجهوية والوطنية، مما يجب حمايتهم من العنصرية والكراهية والتطرف، خاصة ما تتعرض له الفئات الهشة منهم والأجيال الصاعدة التي جرفتها سيول  الأزمة الاقتصادية وضعف الحماية الاجتماعية والاغتراب المزدوج.

كما ينتظر من المؤتمر الثالث لحزب الأصالة والمعاصرة، أن يكون مؤتمر الترابط المتنامي بين نضالات مغاربة العالم وتحقيق حقهم في المواطنة الكاملة هنا وهناك، وفي مقدمتها الحق في المشاركة السياسية وترسيخ الهوية المغربية المتعددة الثقافات وتشجيع الارتباط بالقيم التي تشكل المضمون الجوهري للثقافة المغربية وتنوعها مع احترام حريتهم وإرادتهم.

ومن جهة أخرى، وفي إطار السياق التاريخي المرحلي والاستراتيجي للحزب، يجب استحضار السؤال الحقوقي ببلادنا في ارتباطه الأصيل بالتعيير الديمقراطي الجذري في إطار التعبير السياسي الشامل عن مصالح الشعب المغربي وحقه في التربية والحماية والعدل والمساواة والحرية، من أجل الاستمرارية في النضال من أجل الكشف عن مصير ما تبقى من ضحايا الاختفاء القسري وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين والإسراع بإعمال كل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وعلى رأسها وضع استراتيجية وطنية للحد من الإفلات من العقاب وإصلاح منظومة العدالة والسياسات الأمنية وملائمة القانون الوطني وخاصة المنظومة الجنائية، مسطرة وقانونا، مع المقتضيات الدستورية الجديدة ومع قاعدة أولوية القانون الدولي لحقوق الإنسان، واحترام الحق في التعبير والحق في التظاهر السلمي بصفتهما الضامن لتدبير النزاعات على أسس سلمية وديمقراطية، ونهج  مقاربة تشاركية مع كل الفاعلين الحقوقيين بشأن تحديد أدوار ومسؤوليات "المجتمع المدني" في الحياة العامة من أجل ضمان الحقوق والحريات من خلال الإسراع في إصدار مشاريع مختلف القوانين المقررة في الدستور من دون تشيئ حقوق المواطنة لكل الغاربة أينما وجدوا.