لنترك المشاعر جانبا، ولنجمد العواطف في الثلاجة، ولنحتكم للغة المنطق والعقل.
أولا: عدد مقاتلي تنظيم «داعش» الإرهابي يقدر بحوالي 36 ألف شخص يمثلون 66 جنسية
ثانيا: عدد المغاربة الملتحقين بكل التنظيمات الإرهابية (داعش، النصرة، القاعدة...إلخ) هو 1505 فردا (حسب تصريح رسمي لوزير الداخلية حصاد في البرلمان)، بمعنى أن تنظيم داعش لوحده قد استقطب ما بين النصف والثلث بين (501 و752 فردا) بمعنى أن مجموع المغاربة الذين بايعوا دولة «سيدنا» أبوبكر البغدادي لا يتعدى في أقصى الحالات 752 فردا من مجموع 1505 جهادي مغربي.
أي أن عدد المغاربة المنتسبين للتنظيم الإرهابي داعش لا يمثل سوى 2 في المائة من مجموع أفراد «داعش». وحتى إذا سلمنا بأن كل المغاربة المصرح بهم من طرف الوزير حصاد (1505) هم في داعش فإن عدد المغاربة لا يمثل إلا رقما هزيلا لا يتعدى 4.1 في المائة من مجموع إرهابيي داعش.
ثالثا: عدد الأوربيين المنتمين لـ «داعش» حسب صحيفة «الاندبندنت» البريطانية يمثل ربع العدد الإجماعي، أي أن العدد يقارب حوالي 9 آلاف أوربي جهادي، بمعنى أن 25 في المائة من أتباع أبوبكر البغدادي يحملون جنسيات أوربية وعلى رأسهم فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وهولاندا، ثم بأعداد قليلة باقي الجنسيات الأورربية. بل كان «هيونتر زابلاتنيك»، مستشار هيأة التنسيق في الاتحاد الأوربي حول مكافحة الإرهاب، أكثر تشاؤما حين صرح يوم 30 يوليوز في الاجتماع الدولي لرؤساء الهيآت الأمنية والوكالات الاستخباراتية الأوربية بروسيا، بأن عدد الاوربيين الذين التحقوا بدولة «سيدنا» أبوبكر البغدادي «قد يصل إلى الآلاف بل وإلى عشرات الآلاف». وحسبنا هنا الاستشهاد برقم واحد يهم الإرهابيين الفرنسيين بتنظيم داعش البالغ عددهم 1500 فرد، أي ما يمثل 4.1 في المائة من المجموع العام.
رابعا: السعوديون يمثلون 7000 فرد أي 19.4 في المئة، والتونسيون يشكلون 5000 فرد، أي 13.8 في المئة من مجموع الدواعش، والاردنيون 2500، فرد أي 6.9 في المائة.
إذا كانت الأرقام تنطق بالمعطيات الدامغة، فلماذا إذن كلما تصفحنا جريدة أوربية أو عربية أو فتحنا المذياع في بلد أوربي أو عربي أو تسمرنا أمام قناة أوربية أو عربية إلا وتجد الأصابع تشير بالاتهام إلى «كحل الراس» فقط، أي المغربي لوحده بأنه الإرهابي ما عدا الجنسيات الأخرى الأكثر عددا والأفظع بطشا والأشد توحشا في القتل والنحر (مثلا حالة الجهادي البريطاني الذي نحر المئات من الأبرياء). وكأن المغاربة هم الوحيدون وهم المنظرون وهم المخططون وهم الممولون وهم العرابون لداعش والنصرة والقاعدة.
فرقم 2 في المئة من المغاربة الأعضاء في تنظيم «داعش» ليس هو الرقم الضخم الذي يفوق عدد البريطانيين أو الفرنسيين أو السعوديين او البلجيكيين.
آه نسيت، قد يقول قائل إن بعض الفرنسيين أو البلجيكيين هم من أصول مغربية، وهذا قول مرفوض ومردود. لسبب بسيط أن هؤلاء الأوربيين هم مغاربة بالدم فقط، ولكنهم منتوج أوربي خالص، ولدوا ونشأوا وترعرعوا وتعلموا وتزندقوا وانحرفوا في الدولة التي ربتهم سواء كانت فرنسا، أو بلجيكا، أو هولندا أو ألمانيا وغيرها، وبالتالي فالمغرب ليس مزبلة ترمى فيها النفايات الإرهابية والإجرامية، في ما تنسب أوربا لنفسها المغربي «الأصل» إذا نجح في مساره المهني أو العلمي أو السياسي أو الفني او الرياضي وترفض رفضا باتا أن تحشر إشراقاته في سجل حسنات المغرب.
حان الوقت ليرد المغرب الأمور إلى نصابها حتى لا تبقى «الماكينة» تنتج المغالطات. فالمغرب إن لم يكن أرض الأنبياء، فإنه ليس مصنعا ينتج لوحده الإرهابيين والقوادين والمجرمين وتجار الرقيق!!