الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

رضوان زهرو :" الحرام معلق بكل قاض"

رضوان زهرو :" الحرام معلق بكل قاض"

  يقول الملك الراحل الحسن الثاني، رحمه الله، في خطاب صريح ومباشر، بتاريخ 31 مارس 1982. "الحرام معلق بكل قاض قاض. للمغاربة تفكير خاص؛ إذا جاء الجفاف، قالوا هي إرادة الله، والله غالب، كانت حمى التفويد تأتي، كما وقع أيام الحماية، فيقولون الله غالب، تأتي كارثة ما، كالقحط الذي وقع بفاس، يقولون الله غالب، جاء زلزال أكادير، فقالوا الله غالب، ولكن أن يظلمهم شخص؛  فهنا لا يقولون الله غالب، المغاربة لهم حساسية خاصة تجاه هذا الموضوع"

 هي إذن دعوة صريحة الراحل الحسن الثاني إلى القضاة، من أجل خدمة المواطنين بتفان وإخلاص، والابتعاد قدر الإمكان عن كل المواقف والإجراءات البعيدة كل البعد  عن القيم والأخلاق النبيلة، والتي  تسيء إلى مؤسسة القضاء، كأهم مرافق عمومي في الدولة، وتعيق بالتالي انتقال بلادنا إلى دولة القانون، ذلك أن الأخلاق "هي أساس من أسس الدولة، تقوم بقيامها، وتنهار بانهيارها. ومن هذا المنظور، فإن أول واجبات المرفق العام أن يلتزم بالأخلاق الحميدة وأن يخدم المواطنين بالإخلاص الجدير بالشأن العام والمصلحة العليا، على النحو الذي يقتضيه الاختيار الديمقراطي في دولة الحق والقانون" )الملك محمد السادس أكتوبر 1999(.

 ودولة القانون؛ هي شكل من أشكال التنظيم السياسي، تخضع  في إطاره جميع سلطات الدولة، وبلا استثناء، للقانون، وذلك من خلال توفير الٱليات والوسائل القانونية والمؤسساتية التي تمكن الأفراد من الدفاع عن حقوقهم الأساسية، والضغط على السلطة لأجل احترام هذه الحقوق؛ ٱليات ووسائل صارمة للمراقبة، تتمثل أساسا في الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، إما بواسطة محاكم إدارية مختصة أو بواسطة القضاء العادي. لكن، السلطة الإدارية هنا ليست وحدها الملزمة بالامتثال للقانون، بل إن جميع السلطات، كيفما كانت، يتحتم عليها ذلك، بما فيها السلطة التشريعية، والتي تعد واضعة القانون ومنشئته، إذ يلزم المشرع ممارسة اختصاصاته في الحدود التي رسمها له النص الدستوري ولا يتجاوزها،  وهنا أيضا، يكون تدخل القاضي ضروريا، لكن هذه المرة قاضي دستوري، يضمن احترام الدستور. لكن مبدأ دولة القانون لا ينحصر فقط في خضوع جميع السلطات داخل الدولة للقانون، بل ثمة مجموعة من الشروط الأساسية لتحقق هذا المبدأ، وتتمثل أساسا في ضرورة وجود دستور يقوم على مبدأ الفصل بين السلط، بهدف حماية الحقوق والحريات وتجنب أي شكل من أشكال التعسف والاستبداد، وتلعب الرقابة القضائية دورا هاما في هذا الإطار.

ولقد تم إغناء هذا المفهوم "الشكلي"  لدولة القانون بمعنى آخر مادي، أعطى للمبدأ معناه الحقيقي وجعله ينطبق على عدد محدود جدا من الدول في العالم؛  يتم بمقتضاه تكريس الحقوق الأساسية، كما هي متعارف عليها دوليا، حيت إنه ومنذ منتصف الثمانينات، سيعرف هذا المبدأ، انتشارا واسعا ليس فقط في القوانين الداخلية للدول، بل ومن خلال القانون الدولي الذي يحفل بالعديد من المواثيق والمعاهدات والخطابات السياسية الدولية.

إن الدول التي تبنت مبدأ دولة القانون بأنظمتها القانونية الداخلية والتي -هي دولا نامية- ستواجه تحديات جديدة تتمثل، في ضرورة إصلاح أنظمتها القانونية والمؤسساتية، وإعادة صياغة تشريعاتها الداخلية، و إنشاء محاكم جديدة، و خلق مؤسسات تضمن تحقيق استقلال الجهاز القضائي؛ و كلها إصلاحات تصب في إطار ما يسمى: بناء دولة القانون، هذا البناء سيصطدم بواقع البنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الهشة لهذه البلدان، والتي ستتحول فيها الدولة ضد مواطنيها، وتصبح نقمة عليهم، بعد أن كان من المفروض أن تكون حامية لحقوقهم وحرياتهم.

أما بالدول النامية، الراغبة في إصلاح مؤسساتها وتشريعاتها الداخلية، فإن بناء وإقرار دولة القانون، وممارستها لمتطلباتها من ديمقراطية وحقوق الإنسان ، قد باءت بالفشل الذريع، بل إنها أعطت ردودا عكسية بالكثير من البلدان؛ كالجزائر والسودان والصومال، ورواندا، والكونغو، وهاييتي، وكمبودياالخ؛ وكلها بلدان تعاني من الفقر وضعف البنية الاقتصادية وتطاحن الفصائل العرقية أو الدينية بها، مما جعلها تعاني من حروب أهلية، حولت بلدانها إلى بؤر دموية، تنتهك بها حقوق الإنسان والحريات العامة، على مرأى ومسمع من الدولة، التي وقفت عاجزة على السيطرة على الأوضاع الداخلية لبلادها وحماية مواطنيها.

إن ما يلاحظ بخصوص الإعلانات والخطابات السياسية الدولية والإقليمية، والأدبيات السياسية للمؤسسات المالية الدولية، والجمعية العامة للأمم المتحدة وبعض الأجهزة التابعة لها، هو كونها من جهة، استعملت مفهوم دولة القانون، بمعناها الضيق؛ أي ضرورة خضوع الدولة وجميع سلطاتها للقانون، وهنا القانون ليس فقط القانون الداخلي، بل أيضا القانون الدولي، وذلك باعتبار أن نظام دولة القانون هو الكفيل بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للمواطنين وحقوق الأقليات، المتعارف عليها دوليا. ومن جهة أخرى، وظفت مفاهيم ثمينة وغالية لدى المدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية، مثل قدسية الإنسان، ومحاربة الفقر، والشرعية، مما جعل من مفهوم دولة القانون، بالقانون الدولي، لواء مرفوعا، على جميع أعضاء المجتمع الدولي الالتفاف من حوله. وبذلك، أصبح لمبدأ دولة القانون بعدا جديدا، حين ربطت بينها وبين الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والتنمية ومفاهيم أخرى؛ مثل الحكامة الجيدة، وإقرار السلم والأمن، ومحاربة الفقر. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما العلاقة بين دولة القانون وهذه المفاهيم؟

يرى مانحي المساعدات لدعم الإصلاحات القانونية والمؤسساتية الهادفة لترسيخ  دولة القانون ونشرها بالأنظمة الداخلية للدول، بأن دولة القانون، تعد وسيلة أساسية لتحقيق الديمقراطية، وحقوق الإنسان ، وتعتبر عنصرا مهما لتحقيق الحكامة الجيدة ، وتعزيز الأمن والسلم ، بل إنها غدت في الآونة الأخيرة، وسيلة فعالة لتحقيق الازدهار الاقتصادي ومحاربة الفقر، وتحقيق المساواة بين الجنسين. 

هناك تطورين أساسيين عرفهما مبدأ دولة القانون؛ الأول يتمثل في مدى توفر الآليات القانونية والمؤسساتية التي تجعل من الدولة وسيلة فعالة لحماية الحقوق والحريات الأساسية للأفراد، وتمكنهم من الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم الأساسية، والضغط على السلطة لأجل احترامها، وهذه الوسائل والمؤسسات تختلف من دولة لأخرى، سواء في تسميتها أو مضمونها.

أما التطور الثاني، فيتمثل في انتقاله إلى القانون الدولي، وتكريسه بمواثيق وأدبيات المؤسسات الدولية، والتي استعملت مفهوم دولة القانون بمعناها الواسع، أي ضرورة خضوع الدولة وجميع سلطاتها للقانونين الداخلي والدولي، لأجل حماية حقوق الأفراد والحريات الأساسية، وضرورة توفر المؤسسات الإدارية والقضائية لتحقيق ذلك. كما أنها استطاعت أن تعطيه  بعدا جديدا، حين ربطت بين هذا المبدأ  ومبادئ أخرى لا تقل أهمية؛ كالديمقراطية وحقوق الإنسان، والتنمية والحكامة الجيدة، وإقرار السلم والأمن، ومحاربة الفقر.

وفي المغرب، شكل مبدأ دولة القانون والحد من تعسفها أحد أهم الإصلاحات التي جاء بها الدستور  الجديد، حيت نجد، ومنذ التصدير، التالي "إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة . . ."  " . . . إن المملكة المغربية، الدولة الموحدة، ذات السيادة الكاملة، المنتمية إلى المغرب الكبير، تؤكد وتلتزم بما يلي:  حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزيء. حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان. جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملائمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة".   

 وفي الباب الثاني عشر المتعلق بهيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، نص الدستور على مجموعة من المؤسسات، باعتبارها مؤسسات دستورية تعنى بحماية والنهوض بحقوق الإنسان والحريات، وهي:

- "المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، تتولى النظر في القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات، وذلك في نطاق الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال" (الفصل 161).

-  و"الوسيط؛ مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة، مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، وقيم التخليق والشفافية في تدبير الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة   العمومية"  (الفصل 162).

- "يتولى مجلس الجالية المغربية بالخارج ، على الخصوص، إبداء آرائه حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم، وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه"      

)   163 (الفصل

– " تسهر الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، المحدثة بموجب الفصل 19 من هذا الدستور، بصفة خاصة، على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في نفس الفصل المذكور، مع مراعاة الاختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان" (الفصل 164). حيت "يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية،الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها . تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء . وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز "( الفصل19).  

لكن هذه الإصلاحات التي قامت بها المغرب ، قد تبقى إصلاحات شكلية، ولا يكتب لها التحقق بكيفية عملية ومادية، إذا لم يتم خلق الآليات والميكانيزمات اللازمة لضمان خضوع الدولة للقانون الأساسي للبلاد، في مجال علاقتها بمواطنيها؛ فآليات المراقبة هذه غالبا ما تم النص عليها في صلب الدستور، لكن مسألة تنظيمها وتبيان تشكيلها بقى رهينا بصدور قوانين تنظيمية لم تر جميعها النور.

وفي نفس السياق، تعد العدالة الانتقالية أهم نتاج حقوقي في مسيرة النضال من أجل الديمقراطية في بلادنا، وثمرة للمجهود العالمي لترسيخ مبادئ حقوق الإنسان؛ إنها محاولة لإعادة بناء الدولة الحديثة، على أسس الحرية والعدالة والمساواة. ولعل أهم المحطات البارزة، في تاريخ المغرب الحديث، والتي ستبقى خالدة في وجدان كل المغاربة، ما اعتمدته هيئة الإنصاف والمصالحة، كنموذج للعدالة الانتقالية، من قرارات هامة، بدءا بالإقرار بحصول انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، خلال فترة ما سمي بسنوات الرصاص ووصولا إلى تنظيم جلسات عمومية للاستماع للمتضررين، بهدف كشف الحقيقة  والوقوف على وقائع وأحداث حية من الماضي الحقوقي لبلادنا، وذلك من أجل فهمه وتخطيه وعدم تكريسه والمصالحة معه، ليتم طي صفحة مؤلمة من تاريخنا طيا نهائيا والمضي بعد ذلك، بكل ثقة، نحو بناء مستقبل أفضل، يسوده السلم والوئام وتتحقق في إطاره التنمية والرخاء.

وإذا كان المغرب يمضي اليوم في تجربة رائدة وبخطوات ثابتة في طريق التحديث والدمقرطة وتكريس دولة القانون والمؤسسات ومحاربة الفساد ونبذ الظلم والاستبداد ونهج أسلوب الحكم الصالح... ولكن، في الوقت نفسه، نسجل ضرورة اتخاذ إجراءات عملية تعزز ثقة المواطن في الدولة، وخاصة ما يتعلق ب:

-         إصلاح منظومة العدالة، حيت إن هذا القطاع على صلة وثيقة، ليس فقط بحقوق المتقاضين وبدولة القانون ومحاربة الرشوة والفساد، بل الأمر يطال أيضا المجال الاقتصادي وقدرة  المشرع على كفالة حقوق المستثمرين والبث بالسرعة والنجاعة والإنصاف المطلوب، ذلك أن الجهاز القضائي لا زال يحتاج إلى تكييفه وملاءمته مع شروط التنمية الاقتصادية؛ فالبيئة التشريعية والقانونية تعتبر من العناصر الهامة جدا للمناخ الاستثماري؛ فثمة مقولة شائعة تفيد بأن رأس المال جبان، لذلك فهو ينشد الأمان.  ولا شيء يبعث على الأمان لرأس المال مثل وجود بيئة تشريعية سليمة ومحفزة ومستقرة كذلك، وجهاز قضائي حديث، نزيه ومستقل، يسهر على احترام القانون وتطبيقه والتعجيل بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عنه، لأن تنفيذها هو الأمر الأهم في المسطرة القضائية برمتها، وعدم التنفيذ يفقد القضاء هيبته وسلطته؛ فما جدوى المقرر القضائي، إن لم ينفذ على أرض الواقع، وخصوصا المقررات الصادرة ضد الدولة، والتي لا تنفذ في الغالب ، مما يطرح إشكالا حقيقيا حول مسألة استقلال القضاء في بلادنا.

 

-         إصلاح النظام الإداري بدوره لا يقل أهمية، من حيث تأثيره على المناخ الاستثماري، عن النظام القضائي السائد في البلد، بل قد يفوقه أهمية في بعض الحالات؛ فخلال حركته ورواجه، يدخل رأس المال في علاقات ذات طابع إداري وتنظيمي مع العديد من الأطراف والهيئات والمنظمات؛  فهو يدخل في علاقات إدارية مع الجهات المختصة لإنجاز الدراسات الاقتصادية المختلفة المتعلقة بإنضاج فكرة المشروع والتمهيد لاتخاذ القرار بالتنفيذ، ويدخل في علاقات إدارية مع الجهات الرسمية المعنية خلال مرحلة الترخيص والتأسيس للمشروع، ويدخل مع المؤسسات المالية بعلاقات متشعبة من أجل الحصول على القروض المالية اللازمة لتمويل المشروع، وفتح الحسابات الدائنة والمدينة، وتقديم الخدمات البنكية المختلفة، ويدخل في علاقات إدارية أيضا مع الجهات المستوردة والمزودة للمشروع بمستلزمات الإنتاج والتجهيزات المختلفة، ومع الجهات الجمركية والضريبية المختلفة، ومع الجهات المعنية بالتسويق...  وفي جميع هذه المسارات ذات الطابع الإداري، يحتاج رأس المال إلى كفاءة وفعالية الجهاز الإداري، ويحتاج إلى غياب الفساد والبيروقراطية، وإلى وضوح الإجراءات الإدارية وإلى السرعة في إنجاز معاملاته ؛ الزمن بالنسبة لرأس المال له قيمة كبيرة، حيت أصبح اليوم من أهم العوامل المؤثرة في قرار الاستثمار والإنتاج.

  يقول الملك الراحل الحسن الثاني، رحمه الله، في خطاب صريح ومباشر، بتاريخ 31 مارس 1982. "الحرام معلق بكل قاض قاض. للمغاربة تفكير خاص؛ إذا جاء الجفاف، قالوا هي إرادة الله، والله غالب، كانت حمى التفويد تأتي، كما وقع أيام الحماية، فيقولون الله غالب، تأتي كارثة ما، كالقحط الذي وقع بفاس، يقولون الله غالب، جاء زلزال أكادير، فقالوا الله غالب، ولكن أن يظلمهم شخص؛  فهنا لا يقولون الله غالب، المغاربة لهم حساسية خاصة تجاه هذا الموضوع"

          هي إذن دعوة صريحة الراحل الحسن الثاني إلى القضاة، من أجل خدمة المواطنين بتفان وإخلاص، والابتعاد قدر الإمكان عن كل المواقف والإجراءات البعيدة كل البعد  عن القيم والأخلاق النبيلة، والتي  تسيء إلى مؤسسة القضاء، كأهم مرافق عمومي في الدولة، وتعيق بالتالي انتقال بلادنا إلى دولة القانون، ذلك أن الأخلاق "هي أساس من أسس الدولة، تقوم بقيامها، وتنهار بانهيارها. ومن هذا المنظور، فإن أول واجبات المرفق العام أن يلتزم بالأخلاق الحميدة وأن يخدم المواطنين بالإخلاص الجدير بالشأن العام والمصلحة العليا، على النحو الذي يقتضيه الاختيار الديمقراطي في دولة الحق والقانون" )الملك محمد السادس أكتوبر 1999(.

 ودولة القانون؛ هي شكل من أشكال التنظيم السياسي، تخضع  في إطاره جميع سلطات الدولة، وبلا استثناء، للقانون، وذلك من خلال توفير الٱليات والوسائل القانونية والمؤسساتية التي تمكن الأفراد من الدفاع عن حقوقهم الأساسية، والضغط على السلطة لأجل احترام هذه الحقوق؛ ٱليات ووسائل صارمة للمراقبة، تتمثل أساسا في الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، إما بواسطة محاكم إدارية مختصة أو بواسطة القضاء العادي. لكن، السلطة الإدارية هنا ليست وحدها الملزمة بالامتثال للقانون، بل إن جميع السلطات، كيفما كانت، يتحتم عليها ذلك، بما فيها السلطة التشريعية، والتي تعد واضعة القانون ومنشئته، إذ يلزم المشرع ممارسة اختصاصاته في الحدود التي رسمها له النص الدستوري ولا يتجاوزها،  وهنا أيضا، يكون تدخل القاضي ضروريا، لكن هذه المرة قاضي دستوري، يضمن احترام الدستور. لكن مبدأ دولة القانون لا ينحصر فقط في خضوع جميع السلطات داخل الدولة للقانون، بل ثمة مجموعة من الشروط الأساسية لتحقق هذا المبدأ، وتتمثل أساسا في ضرورة وجود دستور يقوم على مبدأ الفصل بين السلط، بهدف حماية الحقوق والحريات وتجنب أي شكل من أشكال التعسف والاستبداد، وتلعب الرقابة القضائية دورا هاما في هذا الإطار.

ولقد تم إغناء هذا المفهوم "الشكلي"  لدولة القانون بمعنى آخر مادي، أعطى للمبدأ معناه الحقيقي وجعله ينطبق على عدد محدود جدا من الدول في العالم؛  يتم بمقتضاه تكريس الحقوق الأساسية، كما هي متعارف عليها دوليا، حيت إنه ومنذ منتصف الثمانينات، سيعرف هذا المبدأ، انتشارا واسعا ليس فقط في القوانين الداخلية للدول، بل ومن خلال القانون الدولي الذي يحفل بالعديد من المواثيق والمعاهدات والخطابات السياسية الدولية.

إن الدول التي تبنت مبدأ دولة القانون بأنظمتها القانونية الداخلية والتي -هي دولا نامية- ستواجه تحديات جديدة تتمثل، في ضرورة إصلاح أنظمتها القانونية والمؤسساتية، وإعادة صياغة تشريعاتها الداخلية، و إنشاء محاكم جديدة، و خلق مؤسسات تضمن تحقيق استقلال الجهاز القضائي؛ و كلها إصلاحات تصب في إطار ما يسمى: بناء دولة القانون، هذا البناء سيصطدم بواقع البنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الهشة لهذه البلدان، والتي ستتحول فيها الدولة ضد مواطنيها، وتصبح نقمة عليهم، بعد أن كان من المفروض أن تكون حامية لحقوقهم وحرياتهم.

أما بالدول النامية، الراغبة في إصلاح مؤسساتها وتشريعاتها الداخلية، فإن بناء وإقرار دولة القانون، وممارستها لمتطلباتها من ديمقراطية وحقوق الإنسان ، قد باءت بالفشل الذريع، بل إنها أعطت ردودا عكسية بالكثير من البلدان؛ كالجزائر والسودان والصومال، ورواندا، والكونغو، وهاييتي، وكمبودياالخ؛ وكلها بلدان تعاني من الفقر وضعف البنية الاقتصادية وتطاحن الفصائل العرقية أو الدينية بها، مما جعلها تعاني من حروب أهلية، حولت بلدانها إلى بؤر دموية، تنتهك بها حقوق الإنسان والحريات العامة، على مرأى ومسمع من الدولة، التي وقفت عاجزة على السيطرة على الأوضاع الداخلية لبلادها وحماية مواطنيها.

إن ما يلاحظ بخصوص الإعلانات والخطابات السياسية الدولية والإقليمية، والأدبيات السياسية للمؤسسات المالية الدولية، والجمعية العامة للأمم المتحدة وبعض الأجهزة التابعة لها، هو كونها من جهة، استعملت مفهوم دولة القانون، بمعناها الضيق؛ أي ضرورة خضوع الدولة وجميع سلطاتها للقانون، وهنا القانون ليس فقط القانون الداخلي، بل أيضا القانون الدولي، وذلك باعتبار أن نظام دولة القانون هو الكفيل بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للمواطنين وحقوق الأقليات، المتعارف عليها دوليا. ومن جهة أخرى، وظفت مفاهيم ثمينة وغالية لدى المدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية، مثل قدسية الإنسان، ومحاربة الفقر، والشرعية، مما جعل من مفهوم دولة القانون، بالقانون الدولي، لواء مرفوعا، على جميع أعضاء المجتمع الدولي الالتفاف من حوله. وبذلك، أصبح لمبدأ دولة القانون بعدا جديدا، حين ربطت بينها وبين الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والتنمية ومفاهيم أخرى؛ مثل الحكامة الجيدة، وإقرار السلم والأمن، ومحاربة الفقر. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما العلاقة بين دولة القانون وهذه المفاهيم؟

يرى مانحي المساعدات لدعم الإصلاحات القانونية والمؤسساتية الهادفة لترسيخ  دولة القانون ونشرها بالأنظمة الداخلية للدول، بأن دولة القانون، تعد وسيلة أساسية لتحقيق الديمقراطية، وحقوق الإنسان ، وتعتبر عنصرا مهما لتحقيق الحكامة الجيدة ، وتعزيز الأمن والسلم ، بل إنها غدت في الآونة الأخيرة، وسيلة فعالة لتحقيق الازدهار الاقتصادي ومحاربة الفقر، وتحقيق المساواة بين الجنسين. 

هناك تطورين أساسيين عرفهما مبدأ دولة القانون؛ الأول يتمثل في مدى توفر الآليات القانونية والمؤسساتية التي تجعل من الدولة وسيلة فعالة لحماية الحقوق والحريات الأساسية للأفراد، وتمكنهم من الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم الأساسية، والضغط على السلطة لأجل احترامها، وهذه الوسائل والمؤسسات تختلف من دولة لأخرى، سواء في تسميتها أو مضمونها.

أما التطور الثاني، فيتمثل في انتقاله إلى القانون الدولي، وتكريسه بمواثيق وأدبيات المؤسسات الدولية، والتي استعملت مفهوم دولة القانون بمعناها الواسع، أي ضرورة خضوع الدولة وجميع سلطاتها للقانونين الداخلي والدولي، لأجل حماية حقوق الأفراد والحريات الأساسية، وضرورة توفر المؤسسات الإدارية والقضائية لتحقيق ذلك. كما أنها استطاعت أن تعطيه  بعدا جديدا، حين ربطت بين هذا المبدأ  ومبادئ أخرى لا تقل أهمية؛ كالديمقراطية وحقوق الإنسان، والتنمية والحكامة الجيدة، وإقرار السلم والأمن، ومحاربة الفقر.

وفي المغرب، شكل مبدأ دولة القانون والحد من تعسفها أحد أهم الإصلاحات التي جاء بها الدستور  الجديد، حيت نجد، ومنذ التصدير، التالي "إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة . . ."  " . . . إن المملكة المغربية، الدولة الموحدة، ذات السيادة الكاملة، المنتمية إلى المغرب الكبير، تؤكد وتلتزم بما يلي:  حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزيء. حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان. جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملائمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة".   

       وفي الباب الثاني عشر المتعلق بهيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، نص الدستور على مجموعة من المؤسسات، باعتبارها مؤسسات دستورية تعنى بحماية والنهوض بحقوق الإنسان والحريات، وهي:

- "المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، تتولى النظر في القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات، وذلك في نطاق الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال" (الفصل 161).

-  و"الوسيط؛ مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة، مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، وقيم التخليق والشفافية في تدبير الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة   العمومية"  (الفصل 162).

- "يتولى مجلس الجالية المغربية بالخارج ، على الخصوص، إبداء آرائه حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم، وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه"      

)   163 (الفصل

– " تسهر الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، المحدثة بموجب الفصل 19 من هذا الدستور، بصفة خاصة، على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في نفس الفصل المذكور، مع مراعاة الاختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان" (الفصل 164). حيت "يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية،الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها . تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء . وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز "( الفصل19).  

 

لكن هذه الإصلاحات التي قامت بها المغرب ، قد تبقى إصلاحات شكلية، ولا يكتب لها التحقق بكيفية عملية ومادية، إذا لم يتم خلق الآليات والميكانيزمات اللازمة لضمان خضوع الدولة للقانون الأساسي للبلاد، في مجال علاقتها بمواطنيها؛ فآليات المراقبة هذه غالبا ما تم النص عليها في صلب الدستور، لكن مسألة تنظيمها وتبيان تشكيلها بقى رهينا بصدور قوانين تنظيمية لم تر جميعها النور.

وفي نفس السياق، تعد العدالة الانتقالية أهم نتاج حقوقي في مسيرة النضال من أجل الديمقراطية في بلادنا، وثمرة للمجهود العالمي لترسيخ مبادئ حقوق الإنسان؛ إنها محاولة لإعادة بناء الدولة الحديثة، على أسس الحرية والعدالة والمساواة. ولعل أهم المحطات البارزة، في تاريخ المغرب الحديث، والتي ستبقى خالدة في وجدان كل المغاربة، ما اعتمدته هيئة الإنصاف والمصالحة، كنموذج للعدالة الانتقالية، من قرارات هامة، بدءا بالإقرار بحصول انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، خلال فترة ما سمي بسنوات الرصاص ووصولا إلى تنظيم جلسات عمومية للاستماع للمتضررين، بهدف كشف الحقيقة  والوقوف على وقائع وأحداث حية من الماضي الحقوقي لبلادنا، وذلك من أجل فهمه وتخطيه وعدم تكريسه والمصالحة معه، ليتم طي صفحة مؤلمة من تاريخنا طيا نهائيا والمضي بعد ذلك، بكل ثقة، نحو بناء مستقبل أفضل، يسوده السلم والوئام وتتحقق في إطاره التنمية والرخاء.

وإذا كان المغرب يمضي اليوم في تجربة رائدة وبخطوات ثابتة في طريق التحديث والدمقرطة وتكريس دولة القانون والمؤسسات ومحاربة الفساد ونبذ الظلم والاستبداد ونهج أسلوب الحكم الصالح... ولكن، في الوقت نفسه، نسجل ضرورة اتخاذ إجراءات عملية تعزز ثقة المواطن في الدولة، وخاصة ما يتعلق ب:

-         إصلاح منظومة العدالة، حيت إن هذا القطاع على صلة وثيقة، ليس فقط بحقوق المتقاضين وبدولة القانون ومحاربة الرشوة والفساد، بل الأمر يطال أيضا المجال الاقتصادي وقدرة  المشرع على كفالة حقوق المستثمرين والبث بالسرعة والنجاعة والإنصاف المطلوب، ذلك أن الجهاز القضائي لا زال يحتاج إلى تكييفه وملاءمته مع شروط التنمية الاقتصادية؛ فالبيئة التشريعية والقانونية تعتبر من العناصر الهامة جدا للمناخ الاستثماري؛ فثمة مقولة شائعة تفيد بأن رأس المال جبان، لذلك فهو ينشد الأمان.  ولا شيء يبعث على الأمان لرأس المال مثل وجود بيئة تشريعية سليمة ومحفزة ومستقرة كذلك، وجهاز قضائي حديث، نزيه ومستقل، يسهر على احترام القانون وتطبيقه والتعجيل بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عنه، لأن تنفيذها هو الأمر الأهم في المسطرة القضائية برمتها، وعدم التنفيذ يفقد القضاء هيبته وسلطته؛ فما جدوى المقرر القضائي، إن لم ينفذ على أرض الواقع، وخصوصا المقررات الصادرة ضد الدولة، والتي لا تنفذ في الغالب ، مما يطرح إشكالا حقيقيا حول مسألة استقلال القضاء في بلادنا.

-         إصلاح النظام الإداري بدوره لا يقل أهمية، من حيث تأثيره على المناخ الاستثماري، عن النظام القضائي السائد في البلد، بل قد يفوقه أهمية في بعض الحالات؛ فخلال حركته ورواجه، يدخل رأس المال في علاقات ذات طابع إداري وتنظيمي مع العديد من الأطراف والهيئات والمنظمات؛  فهو يدخل في علاقات إدارية مع الجهات المختصة لإنجاز الدراسات الاقتصادية المختلفة المتعلقة بإنضاج فكرة المشروع والتمهيد لاتخاذ القرار بالتنفيذ، ويدخل في علاقات إدارية مع الجهات الرسمية المعنية خلال مرحلة الترخيص والتأسيس للمشروع، ويدخل مع المؤسسات المالية بعلاقات متشعبة من أجل الحصول على القروض المالية اللازمة لتمويل المشروع، وفتح الحسابات الدائنة والمدينة، وتقديم الخدمات البنكية المختلفة، ويدخل في علاقات إدارية أيضا مع الجهات المستوردة والمزودة للمشروع بمستلزمات الإنتاج والتجهيزات المختلفة، ومع الجهات الجمركية والضريبية المختلفة، ومع الجهات المعنية بالتسويق...  وفي جميع هذه المسارات ذات الطابع الإداري، يحتاج رأس المال إلى كفاءة وفعالية الجهاز الإداري، ويحتاج إلى غياب الفساد والبيروقراطية، وإلى وضوح الإجراءات الإدارية وإلى السرعة في إنجاز معاملاته ؛ الزمن بالنسبة لرأس المال له قيمة كبيرة، حيت أصبح اليوم من أهم العوامل المؤثرة في قرار الاستثمار والإنتاج.