الجمعة 22 نوفمبر 2024
ملفات الوطن الآن

حكومة الخوانجية تخوض مباراة مصيرية مع فيلم غرائزي تعتبره «بورنو»

حكومة الخوانجية تخوض مباراة مصيرية مع فيلم غرائزي تعتبره «بورنو»

 

شغل نبيل عيوش بفيلمه الفضائحي «الزين للي فيك» الذي عرض في مهرجان «كان» السينمائي الرأي العام المغربي، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالردود التي لم تتقبل محتوى مقاطع الفيديو الأربعة المسربة من الفيلم. لا يوجد مخرج يتفوق على عيوش في سياسة «الماركوتينغ» لأفلامه السينمائية مهما كان مستواها الفني، وقد استطاع إلى حد بعيد ولا يُتصوّر لفت الانتباه لفيلمه في المغرب، والذي لم يجده حتى في «كان»، والدليل أن مروره فوق البساط الأحمر كان شاحبا ومخجلا وقوبل بالتجاهل من عدسات المصورين كما تظهر ذلك الصور المنشورة في الصفحة الرسمية للفيلم على الفايسبوك، والتي أثارت موجة من التهكم والسخرية. لذا كان عيوش واعيا بأن مقاطعه الساخنة لن يرحب بها أغلب المغاربة وستُعلَن «حربٌ أخلاقية» ضدها ليستثمرها في ما بعد للترويج لفيلمه، وهو استغلال «خبيث» و«مقيت» لحشد المزيد من التعاطف العالمي والترويج لفيلمه!!

السجال الذي أثير حول نبيل عيوش لم يتجاوز بعد عتبة «السينما» في المغرب، لأنه صُنع من أجل جمهور مهرجان «كان» وموجه للمهرجانات السينمائية العالمية التي تستهويها الأفلام الذي تتحدث عن الطابوهات في المجتمعات الشرقية، خاصة إذا كان فيها منسوب عال من مقاطع الجنس والعري والشذوذ. فالرافضون لعرض فيلم نبيل عيوش في القاعات السينمائية المغربية يبررون هذا الرفض بناء على الملاحظات التالية:

1 - المقاطع المسربة من الفيلم فيها عيب رئيسي: المباشرة، والإبداع يقتضي إعادة تشكيل الواقع عبر الإيحاء والتحرك في مجال الجميل Le Beau. وهذا فيلم يغيب فيه الإيحاء ويعتمد على المباشرة وعلى قتل الإحساس بالجميل.

2 - المخرج لا يتوفر على درجة من الوعي الكافية لمعالجة موضوع الدعارة في مدينة مراكش، لأنه يعاني من نقص حاد في المعرفة بالمجتمع المغربي وثقافته ويعيش خارج المجال السوسيو-ثقافي للمغرب، والدليل على ذلك هي أن اللغة المستعملة في الفيلم هي الدارجة التي لا يفهم حمولاتها.

3 - الهالة المحيطة بنبيل عيوش لا تعكس قدراته «الخارقة» كمخرج، لكنها تعتمد على أشياء أخرى. فالمقربون من نبيل عيوش يؤكدون أنه لا تتوفر فيه صفة مخرج، لأن أفلامه لا تربط بينها أي رابطة من ناحية الأسلوب السينمائي، كأن كل فيلم أنجزه مخرج مستقل عن الآخر. فيلم «لولا» مثلا طريقة إخراج القسم المصور في أمريكا لا تشبه طريقة إخراج القسم المصور في المغرب، كأننا أمام فيلمين ومخرجين.

4 - نبيل عيوش - حسب شهادات خصومه - يدعي الحداثة، لكنه يلجأ خلف الستار بشكل علني في السنوات الأخيرة إلى العمل ضمن «اقتصاد الريع» عن طريق تدخل أشخاص نافذين. مثلا لما كان نبيل بنعبد الله وزيرا للاتصال أنشأ صندوقا لدعم الإنتاجات التلفزيونية قبل أن نكتشف أن هذا الصندوق أغلق مباشرة بعد استنزاف أمواله وصرفها على أفلام شركة «عليان للإنتاج» لصاحبها نبيل عيوش الذي استفاد من تمويل 30 فيلما بـ«الجملة» لفائدة القناة الأولى بكلفة 120 مليون للفيلم الواحد، أي عيوش لوحده استفاد من 3 ملايير و600 مليون، إضافة إلى فضيحة فيلم «لحظة ظلام».. وللتذكير بهذا الفيلم/الفضيحة فهذا فيلم تلفزيوني أنجزه تحت الطلب من إنتاج القناة الألمانية الفرنسية «arte»، لكنه مع ذلك قدمه للمنافسة مع مشاريع الأفلام المغربية للحصول على منحة صندوق الدعم السينمائي وكأنه فيلم «سينمائي»، وحصل بالفعل على الدعم.. وبعد أن شاهدت لجنة الرقابة الفيلم طلبت منه حذف مشهد «بورنوغرافي» قصد الترخيص بعرضه في القاعات السينمائية، لكنه رفض بغرابة ولم يعرض الفيلم لحد الآن. وكان من المفروض أن يرجع عيوش مبلغ الدعم حسب مقتضيات قانون صندوق الدعم السينمائي، لكنه لم يفعل، بل حصلت مشاريعه السينمائية اللاحقة على الدعم، رغم أن هذا معارض للقانون، أي أن كل فيلم مدعوم لم يغرض بالقاعات السينمائية المغربية يتوقف المركز السينمائي المغربي عن منحه الدعم.

5 - تعامله مع الأفلام السينمائية يطغى عليها الجانب التجاري أكثر من الجانب الفني، وهو ما يدفعه إلى اللجوء إلى ممثلات وممثلين غير محترفين وبأجور رخيصة، بدعوى أن هؤلاء الممثلين هم الأقدر على التعبير عن المشاهد الواقعية.. وهذا يحيل إلى «موهبة» توجد في نبيل عيوش ولا توجد في أي مخرج آخر من أبناء جيله، فهو يعتبر «صيادا» للظواهر الاجتماعية بامتياز، لكن المقاربة السينمائية تخون هذه الموهبة النادرة في عيوش.

6- نبيل عيوش مهووس في جميع أفلامه بالحديث عن الشذوذ الجنسي والبيدوفيليا، سواء في فيلم «علي زاوا» أو «لحظة ظلام» أو «ما تريده لولا» أو «يا خيل الله» أو «الزين للي فيك»... هذه بعض المفاتيح لفهم ملامح أفلام نبيل عيوش وطريقة اشتغاله، وفي فيلمه الأخير «الزين للي فيك» كان أكثر وضوحا وظهرت نواياه في «التشهير» بعورات المجتمع المغربي، لأن معالجة موضوع الدعارة في مراكش، وهذا بشهادة بعض النقاد العرب الذين شاهدوا فيلمه في مهرجان «كان» (انظر الصفحة...)، كانت معالجة سطحية واستفزازية وركيكة خالية من أي رؤية فنية يغلب عليها الغلو في تصوير المشاهد الجنسية من خلال سيناريو مفكك. وفي هذا السياق هل تسمح عضوية نبيل عيوش في المجلس الاجتماعي والاقتصادي بأن يتمادى في «التشهير» بالمرأة المغربية، حتى لو كانت «عاهرة»، بهذه الصور الصادمة، في الوقت الذي احتلت مراكش صدارة أفضل المدن السياحية؟ وهل حضور مهرجان «كان» والمشي على البساط الأحمر أهم من الإساءة إلى مراكش والمغرب وإلى المرأة المغربية التي ترقص وتتعرى وتتعرض لشتى الإهانات تحت أقدام السياح الخليجيين والأوربيين؟ المغرب الرسمي يقيم الأرض ويقعدها إذا وردت أي إساءة ضد المغرب في الأعمال الدرامية المصرية أو الخليجية، في الوقت الذي نشاهد في فيلم عيوش وهو يختزل السياحة الجنسية الخليجية في مراكش في السياح السعوديين، وقد تكررت الإساءة للسعودية في أكثر من لقطة، فهل كان عيوش وعي بأن هذا التعميم قد يسمم العلاقات المغربية السعودية؟ ما هي الإضافة التي قدمها فيلم «الزين للي فيك» غير تقديم لقطات إباحية يمكن أن تجدها في مقاطع فيديوهات «اليوتيوب» المصورة بكاميرات خفية، الفرق بينها وبين مقاطع نبيل عيوش الساخنة هي أنها مصورة علانية تحت غطاء السينما وبرخصة من المركز السينمائي المغربي؟! صورة المغربي في فيلم عيوش يجسدها في شخصية النادل «القزم» مرتديا جلبابا تقليديا وطربوشا أحمر، وهي صورة مستفزة يحاول تصديرها إلى الغرب، فهل هناك دلالة أخرى لهذه الصورة وضرورة «إخراجية» لا توجد إلا في رأس نبيل عيوش؟ وما هي الرسائل المستوحاة من هذه المقاطع التي اختارها نبيل عيوش عن سبق إصرار وترصد لتهييج مواقع التواصل الاجتماعي؟ ومن يفسر لنا أن مهرجانا عريقا مثل مهرجان «كان» يقبل برمجة فيلم في فقرة «نصف شهرية المخرجين» اكتمل تصويره على بعد يومين من انطلاق فعاليات المهرجان؟ إنها أسئلة مشروعة يدفعنا الفضول لطرحها لمعرفة نوايا نبيل عيوش من الحكم على المجتمع المغربي بهذه القسوة من خلال فيلمه «الزين للي فيك» الذي تحول فيه من مخرج مغربي إلى جلاد، يستمتع ويتلذذ و«يستمني» بكاميراته وهو يجعل من بطلاته «قنابل» جنسية موقوتة، ويجعل من فيلمه سوقا لـ«القوادة» و«النخاسة» الرخيصة!!

«الزين للي فيك» بعيون نقاد سينمائيين شاهدوه في مهرجان «كان»

توحدت تقريبا آراء النقاد السينمائيين العرب والمغاربة، الذين شاهدوا فيلم نبيل عيوش «الزين للي فيك» في مهرجان «كان» السينمائي، واتفقوا في مقالاتهم على أن فيلم نبيل عيوش ضعيف فنيا وبعيد عن «السينما» رغم جرأته الصادمة . في ما يلي نقدم بتصرف مقاطع من هذه الآراء بعيون أصحاب الاختصاص

 

سمير فريد، ناقد مصري

فيلم عيوش.. «الزين اللى فيك»: شجاعة في التفكير وفشل فى التعبير

(...) يعانى السيناريو من الضعف الشديد في بناء الشخصيات، وكأن الدعارة قدر لا مفر منه. والشخصية الرئيسية نهى أم لطفل ولها شقيقة تخشى عليها من التحول إلى عاهرة بدورها، ولكن علاقتها مع أمها متناقضة على نحو غير مقنع، فنحن نراها معها في مشهدين: في الأول تحصل منها على المال ويبدو أنها تعرف من أين حصلت عليه ابنتها، وفى المشهد الثانى تطردها من المنزل! إنها مجرد أدوات جنسية وليست شخصيات من لحم ودم، وبالتالى لا نتعاطف معها ولا نكرهها، ورغم الأداء الجيد للممثلات، وكذلك سعيد الصامت طوال الفيلم تقريباً. وفى عالم الدعارة كل الجنسيات، ولكن الفيلم يركز على السعوديين من دون مبرر غير الاستفزاز. ولا يخلو هذا العالم من رجال الشرطة الفاسدين، ولكن الفيلم يجعل ضابط الشرطة يعاشر نهى في مكتبه على نحو أقرب إلى الاغتصاب، وهى مبالغة من دون مبرر أيضاً سوى الاستفزاز. وينتهى الفيلم بمقطع/حلم يتحول فيه التاكسى إلى سيارة فاخرة، ويرتدى فيه سعيد زياً مميزاً ويذهب مع الأربع وهن يرتدين أزياء فاخرة إلى شاطئ البحر حيث يتطلعن إلى الشاطئ الآخر. ويفتقر أسلوب الإخراج إلى الخيال الذي طالما تميز به نبيل عيوش في كل أفلامه، وحتى مشاهد مراكش في النهار وفى الليل من خلال سيارة التاكسى بدت أقل من عادية، وأكدت أن الشجاعة في التفكير وحدها لا تكفى.

بلال مرميد، ناقد سينمائي وصحافي براديو ميدي 1 تي في

الفيلم سقط في الابتذال والوقاحة

(...) العشرون دقيقة الأولى من فيلم «الزين اللي فيك»، فيها مجهود لا يمكن أن يتنكر له المشاهد العارف، وكاميرا تقترب لتصور ملامح شخصياته الأنثوية. موضوع الدعارة محرج، والإحراج يزيد بالخصوص حين نسقط في فخ تكرار نفس الفكرة، وبطريقة جد رتيبة. نبيل عيوش حاول أن يرسم بورتريهات لبطلات شريطه، لكن تلك اللحظة السينمائية التي تهز المشاهد ننتظرها ولا تأتي نهائيا. تسرع في اختيار الموسيقى، وتصنع في بعض من حوارات والوقت لم يسعف ربما مخرج الفيلم للعبور بالشكل الكافي من قاعة المونتاج. خلق وضعيات تخدم نفس القصد، ويتسلل الممل وكما قال «تود هاينز» قبل يومين هنا في «كان»: «المخرج هو من يشرح، ولا يعاود الشرح». نبيل عيوش شرح وعاود الشرح، وما تتوقعه هو ما تشاهده مثل مشهد رجل الأمن الذي يعتدي جنسيا على فتاة ليل وتستمر دقائق الفيلم في العبور إلى أن ينتهي الشريط دون أن تأتي تلك اللحظة السينمائية القوية. ما يزعج هو أن يكون الموضوع كبيرا، وينساق المخرج وراءه لأنه يرغب في تناول كل شيء ويتيه. الدعارة، ثم البيدوفيليا والمثلية والرشوة، وتختلط التفاصيل الكثيرة ويتسيد الملل. الصورة تبلغ رسالة كل مخرج سينمائي، وحين يرفقها هذا المخرج بكم كبير من كلمات لتحصل الإثارة نسقط تدريجيا في الابتذال والوقاحة مهما كانت جنسية الشريط.

قالوا عن فيلم «الزين للي فيك» لنبيل عيوش

بعد تسريب لقطات من فيلم «much loved» أو «الزين لي فيك» لمخرجه نبيل عيوش، توالت التصريحات المهاجمة للفيلم، من طرف رواد الإنترنت وبعض الفنانين والمهتمين بالمجال السينمائي. ألهبت اللقطات المذكورة صفحات المواقع الاجتماعية، وصبَّ بعض المنتقدين جامَّ غضبهم على المخرج نبيل عيوش والممثلة لبنى أبيدار إحدى بطلات الفيلم، التي ظهرت في اللقطات المسربة وهي تستعمل قاموسا خاصا بالمومسات. وكانت أبيدار قبل تسريب اللقطات قد كشفت لمحطة إذاعية أن الفيلم سيكون صادما، وأنه سيتضمن مشاهدا تدخل في خانة الأعمال الفنية المغربية التي تم تصنيفها في خانة المشاهد التي تتوسل «كشف المؤخرات» لتقديم الفرجة السمعية البصرية للمتلقي. وقد رافقت هذا الفيلم ضجة كبيرة قبل عرضه على هامش المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، في إطار فقرة «La Quinzaine des réalisateurs».

«أنفاس بريس» اتصلت فنانين ومنتجين، لتقريب وجهة نظرهم بخصوص الضجة التي رافقت تسريب لقطات من الفيلم عبر الإنترنت، وفي ما يلي رأي خاص بـ «أنس العاقل» (ممثل وباحث في المجال الفني).

ماريا الشرقاوي، رئيسة منتدى أسرة

رسالة من امرأة مغربية إلى نبيل عيوش: المغربيات عصيات على أن يكن سلعة في سوقك الرخيص

 

على إثر ردود الفعل الغاضبة التي أثارتها اللقطات المسربة من فيلم المخرج نبيل عيوش الجديد «الزين اللي فيك»، والذي عرض مؤخرا في مهرجان «كان» ضمن فقرة هامشية، توصلت «الوطن الآن» برسالة من مارية الشرقاوي رئيسة منتدى أسرة موجهة إلى مخرج هذا الفيلم، مشيرة فيها إلى أنه لطخ سمعة المرأة المغربية أمام العالم.. وأن هدفه ليس سوى جني المال وليس لفيلمه أي علاقة بالفن والثقافة.. منبهة إياه بأن المغربيات عصيات على أن يكن سلعة في سوقه الرخيص. وفي ما يلي نص الرسالة: «باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على خير المرسلين المصطفى الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. إلى من اشترى النجومية وباع عفة الأسر المغربية: إلى من فضل الثروة على سمعة المرأة المغربية : بعد لا تحية أقول لك : يكفيني مشاهدة مشهد واحد من فيلمك الرديء لأحكم على إبداعك، هل تظن أنك حققت إنجازا بفيلمك الماجن؟ لا وألف لا، فالمرأة المغربية عصية على أمثالك بان يلطخوا سمعتها أمام العالم، فإن كنت تبرر خطأك غير المغفور هذا بكونك عملت على عرض واقع معاش بالمغرب، فردي عليك أن الواقع الذي تاخترت عرضه دونا عمن سواه لا يمثل إلا نسبة ضئيلة من نساء مغربيات قدمن المثل للعالم كافة بإبداعهن ونبوغهن وعبقريتهن... عليك نبيل بقراءة تاريخنا، قراءة ما أنجزته جدات بطلات فيلمك الرديء.. وإن كانت بطلاتك قد جانبن الصواب وتخلين عن أخلاقهن وعفتهن وبعن أجسادهن للوحوش الكاسرة، ففي كل أسرة عاق.. واستثناء، والاستثناء لا يقاس عليه، كنت بحثت في تاريخنا، وسوقت للعالم صورة زينب النفزاوية، فاما، مليكة الفاسي، كنزة الأوربية، مريم شديد، وكثيرات هن المغربيات المناضلات، المثقفات والمقاومات، ولو أنني أستبعد أن تكون قد بحثت في يوم ما في تاريخ المغرب، وقرأت عن هؤلاء النساء، وعرفت ما قدمن لبلدنا الحبيب وللعالم كافة.. لذا أهديك مقال «العبقرية والنبوغ سمة نساء مغربيات رائدات بين الأمس واليوم»، فلن يأخذ من وقتك الثمين، بإمكانك قراءته وأنت تحتسي نخب إنجازك غير العظيم بالنسبة للأسر المغربية. فيا نبيل الليالي الحمراء تقضي في الجحور والظلمات، لا يعرفها إلا من يرتادها، ترى هل اعتدت على زيارتها لتستطيع نقلها للمشاهد بهده الدقة من رقص خليع وكلمات نابية لم يسبق للعديد من المغاربة أن مرت على أذانهم؟ لأنه ببساطة يا نبيل ليس كل المغاربة من مرتادي الملاهي الليلية . إلى ما رميت من فيلمك هذا الذي لا أطيق ذكر عنوانه؟ ما هدفك من تسويق سمعة غير مشرفة لصورة المرأة المغربية؟ سأجيبك أنا، هدفك من إخراجه، كونك استحضرت فكرة كل ممنوع مرغوب، وعزفت على هذا الوتر لتجذب أكثر عدد من المشاهدين.. هدفك جني المال ولو على حساب سمعة المرأة المغربية.. قلت في قرارة نفسك لتذهب المرأة المغربية وسمعتها إلى الجحيم مادام المال والثروة سيأتيان إلي كالمطر. لكن اسمع مني كلام امرأة مغربية، نحن المغربيات عصيات على أن نكون سلعة في سوقك الرخيص، نحن أنرنا العالم بنبوغنا ونضالنا وثقافتنا وعلمنا، وستنيره بإذن الله تعالى حفيداتنا، وسيبقى هذا الفيلم عارا عليك.. فاذهب يا نبيل وفيلمك إلى الجحيم . وأخيرا تحيتي أهديها إلى كل مخرج يهدف من أفلامه منح العبر وخدمة الأخلاق مستعملا الفكر لا مؤخرات النساء...».

أنس العاقل، ممثل وباحث

الضجة التي يتعرض لها فيلم «نبيل عيوش» تساهم في ترويجه

تابعتُ الضجة التي أثارتها المشاهد المسربة من فيلم «الزين اللي فيك» أو «much loved» للمخرج نبيل عيوش، واطلعتُ على المقاطع المسربة، ورأيي في هذا الصد أدرجه في ست نقط:

أولا: أنا مع حرية التعبير السينمائي بدون قيد أو شرط، ما دام أن المتفرج هو صاحب قرار حضور العمل السينمائي من عدمه، فهو يعرض داخل قاعة سينما وليس على شاشة التلفزيون.

ثانيا: إن معايير مقاربة العمل الفني هي جمالية، ولا يمكننا أن نحاكم العمل الفني إلا من خلالها، فما بين العمل الذي يتجاوز أفق توقعنا من خلال الابتكار الفني الذي يتضمنه، وذلك الذي يستجيب لأفق توقعنا أو يخيبه انطلاقا من معايير الإتقان والتفرد، التي تسمح لنا بأن نميز بين العمل الفني الرفيع والسوقي.

ثالثا: إن كل حكم على عمل فني انطلاقا من مقاطع مجزأة خارج سياقها الأصلي، هو جهل فني مركب، فهو جهل بسياق الفيلم من جهة كمن يقف عند «ويل للمصلين»، وجهل بأصول إطلاق الأحكام الجمالية. فقد تكون قبلة داخل عمل سينمائي سوقية إذا ما وضعت خارج السياق بدون ضرورة فنية، كما قد يصبح مشهد اغتصاب تحفة فنية إذا ما استجاب لضرورة فنية وتوفرت فيه عناصر الابتكار الجمالي.

رابعا: إن الضجة المفتعلة حول الفيلم هي دعاية مسبقة له لا تساهم إلا في ترويجه، وأظن بأن هذا التسريب يدخل في إطار سياسة تسويقية تستغل سذاجة من ينصبون أنفسهم حماة للأخلاق، وذلك من أجل ترويج أكبر للفيلم.

خامسا: الفيلم يعرض على هامش المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، في إطار فقرة «La Quinzaine des réalisateurs»، وهي فقرة موازية تسمح بالاطلاع على بعض الأعمال السينمائية المغايرة لمخرجين ما زالوا لم يثبتوا خطاهم في عالم السينما، ولا تخضع الأفلام المعروضة بداخلها إلى المنافسة. بمعنى أن عملا كبيرا ينتظرنا من أجل أن ننتج أفلاما تستحق على الأقل أن تعرض داخل المسابقة الرسمية، أما أن تفوز بإحدى جوائزها فأظن أن الأمر ما زال بعيد المنال.

سادسا: أنتظر مشاهدة الفيلم كاملا، وأتمنى ألا يخيب أفق توقعي كما خيبته بعض الأفلام السابقة لنبيل عيوش كفيلم «لحظة ظلام» أو فيلم «كل ما تحبه لولا». أنتظر أن أشاهد سينما بقدر شاعرية فيلم «علي زاوا» أو تتجاوزه بحكم تمرس المخرج وتطوره، وإلا فسأعتبر فيلم «علي زاوا» مجرد حظ مبتدئ...

إدريس أبو الفضل، إعلامي ومنتج تلفزيوني

لا أفهم الكتابات التي تبارك فيلم نبيل عيوش بشكل أعمى

كلامي موجه لبعض النقاد المدافعين عن فيلم نبيل عيوش «الزين للي فيك»، يجب أن يفهموا بأن هذا الفيلم حتى ولو قبل مشاهدته كاملا، وبالاكتفاء باللقطات المسربة، لا يمثلني كمواطن مغربي سينمائيا ولا فنيا ولا أخلاقيا. النقد ليس مطيَّة للحط من عمل إبداعي فني بنية سيئة، وليس وسيلة للنيل من مبدع في مجال السينما بشكل مجاني، لكن لا أستسيغ الدفاع عن شيء لا يستحق الدفاع، فقد أصبح هذا الأمر الشغل الشغال لبعض ممتهني «النقد المشوِّه والمُحرِّف للحقيقة»، وأخص بالذكر من يسخرون أقلامهم لصالح صانعي الأفلام المغربية بخلفيات معروفة، فهذه الطينة من النقاد لا تتوانى في إلصاق صفة «الجهل» بكل من يجرؤ حسب زعمهم على التحدث بسوء عن هذا مثل هذا الفيلم، سواء كانوا على حق أو على خطأ. وبخصوص الضجة التي ترافق هذا الفيلم فهي تستحق أن يوضح المسؤولون عنه وعن إخراجه للوجود غرضهم الحقيقي من وراء إنجازه وعرضه. لا يمكنني الحديث عن قيمة الفيلم إبداعيا، فأنا لم أشاهده كاملا ولم أطلع على السيناريو، علما أن سيناريو الفيلم يمكن أن يُكون نابعا من رواية أو قصة تستحق القراءة من المتخصص والمهتم والقارئ العادي على حد السواء، ولنا المثال في العديد من الروايات العالمية التي خرجت من رحمها سيناريوهات شيقة تغري بالقراءة يستمتع بها المخرج والممثل قبل أن تتحول لعمل سمعي بصري تلفزيوني أو سينمائي أو مسرحي. صحيح أن انتقاد الفيلم دون مشاهدته كاملا، يمكن أن يتحول إلى الوصف بـ «المواجهة المجانية التي تفتقد للمصداقية» كما يُمكن أن يُستثمر ذلك لتحقيق الشهرة للفيلم قبل عرضه، لكن اللقطات المسربة من الفيلم تجعلني أتساءل باستغراب كبير عن السبب في هذا التسريب ومن وراءه؟.. وهي أسئلة يمكن أن تكون الإجابة عنها، تأكيدا لخلفيات التوجه الذي اختاره نبيل عيوش الذي يوازي الاعتراف بأنه دائما يستفز بواسطة كاميرته والمواضيع التي يتناولها سينمائيا. في نظري ردود الفعل العنيفة معنويا والتي بدرت من أغلبية المغاربة لها تفسيرات واضحة، كما أن الهيجان الذي خلفته اللقطات المسربة منه «وهي لا تتعدى دقيقتين»، لها مبرراتها. المشكلة هي أننا لا نفهم أيضا الكتابات والتصريحات التي تبارك هذا الفيلم بشكل أعمى، فأصحابها أيضا لم يشاهدوه كاملا. فكيف يحرمون على الآخرين ما يسمحون به لأنفسهم؟ أظن أن بعض السينمائيين المغاربة الذين ينطبق عليهم وصف «المشاغبين» يبحثون للأسف على صناعة سينما تستهوي وتجذب مُباركة وثناء «الآخر»، وهم دون شك يحلمون بوضع الخطوات فوق «الزربية الحمراء الافتراضية» للمهرجانات، أي مايُعرف في قاموس المهرجانات السينمائية بـ tapis rouge بلغة فرانسوا هولاند. لكنهم بذلك يسقطون من حساباتهم مشروع صناعة سينما مغربية أصيلة بمجهودات إبداعية فنية حقيقية تستقطب المشاهد المغربي المتعطش لسينما راقية. في تقديري نحن لازلنا بعيدين عن ذلك بشكل كبير، وسؤالي هو لماذا لم يمتلك المركز السينمائي الشجاعة الكافية لدعم هذا الفيلم إذا كان يستحق ذلك؟! أختم بالقول ردا على من سيناور بأن دقيقتين مسربتين من الفيلم لا تكفيان للحكم عليه، ببساطة إن المغاربة المتتبعين للسينما ألفوا نوعية أفلام نبيل عيوش، وكما يقول أجدادنا «الرسالة يُمكن فهمها انطلاقا من عنوانها». ويبقى السؤال المطروح بالنسبة لي: هل سيسمح وزير الاتصال مصطفى الخلفي والمركز السينمائي المغربي بعرض هذا الفيلم بالمغرب؟!

محمد الشوبي، ممثل 

اللقطات المسربة من فيلم نبيل عيوش تستهدف الاستفزاز

في البداية أود أن أوضح أمرا مهما هو أني لا يمكن أن أناقش الفيلم عموما، لأني لم أره بعد من البداية حتى النهاية. رأيي يتمحور حول محتوى المشهد الذي تسرب بفعل فاعل إلى «اليوتوب»، ويتضمن هذا المشهد كما شاهد كل من اطلع عليه، لقطات متوسطة وأخرى عامة داخل السيارة، وكلها لقطات تستهدف الاستفزاز، لأن حركيتها بطيئة شيئا ما، لتترك للألفاظ أن تأخذ موقع الصدارة، وكل هذه الألفاظ مجانية ولا تخدم الشخصيات في شيء، بل حتى ردة فعل الشخوص الأخرى كانت باهتة، وكانت الشخصية التي تلعبها لبنى أبيدار هي الطاغية، بحكم أنها «القوَّادة» التي تأخذ البنات إلى سوق الدعارة، فلما أسكتتُ الصوت، لم يعد المشهد مهما، فهو مهم على المستوى الألفاظ الذي تضمنها وليس على مستوى الصورة، أنا أعرف حرفية نبيل عيوش وقوته في الحكي بالصورة لكن هذا المشهد أفلت منه، لأنه في نظري توخى الإثارة والاستفزاز بالكلام قبل الصورة.

زياد الخزاعي، السفير اللبنانية

فيلم عيوش: كبوة لا تغتفر

(...) توافرت الشهوة بأسلوب فجّ وإعلاني واستفزازي في جديد المغربي نبيل عيوش «الزين إلي فيك»، بجعله 4 عاهرات في مدينة مراكش عنواناً لشتم حياة داعرة، تدفع فتيات بلاده إلى بيع أجسادهنّ من عرب الخليج (السعوديين تحديداً)، وإلى التهتّك وإدمان المخدرات وارتكاب السرقات وممارسة انحطاط جماعي، يقود نهى ورندا وحليمة، بـ «قيادة» الشابة النارية سكينة، إلى رحلة كابوسية. هذا شريط تنميطي ومدّع، ذو لسان بالٍ حول بنات الهوى ولياليهنّ وضحاياهنّ ومكرهنّ. يُرجع خطاياهنّ إلى الفقر، ويتحامل على سلطات تُهينهنّ، ويغلّ في طبقة فاسدة تولّدهنّ، من دون أن يوصل مُشاهِدِهُ إلى قناعة عقلانية بأن يُحاولنّ التوبة أو الخلاص من مذلتهنّ. بدلاً من هذا، رتّب مخرج «يا خيل اللّه» (2012) رحلة استجمام لهنّ على شواطئ مدينة أغادير. عابَ الشريطَ حواراتُهُ غير المتوازنة، ومشهدياته المعمولة بعجالة واضحة. لعلّ أسوأ ما فيه هو التوليف الذي وقّعه دميان كيو، فهو لم يكن سوى ربط مقاطع ومشاهد حقّقها، برعونة سينمائية غير معهودة، مخرج متمرّس. والفيلم، بهذا المعنى، يُشكّل كبوة لا تُغتفر.

وزارة الاتصال تمنع فيلم عيوش

أعلنت وزارة الاتصال أن السلطات المغربية المختصة قررت عدم السماح بالترخيص بعرض فيلم «الزين لي فيك» بالمغرب «نظرا لما تضمنه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم و للمرأة المغربية ومس صريح بصورة المغرب». وأوضحت الوزارة في بلاغ لها توصلت به وكالة المغرب العربي للأنباء اليوم الاثنين، أنه «بعد مشاهدة فريق من المركز السينمائي المغربي لعرض فيلم تحت عنوان «الزين لي فيك» في أحد المهرجانات الدولية، فإن السلطات المغربية المختصة قررت عدم السماح بالترخيص بعرض هذا الفيلم بالمغرب، نظرا لما تضمنه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم و للمرأة المغربية ومس صريح بصورة المغرب».

فيلم «الزين اللي فيك»

السينما والرقابة.. وأشياء أخرى

 

محمد اشويكة

أعتقد أن أفظع ما يمكن أن يقوم به ناقد أو محلل هو أن يتحدث عن منتوج فني أو أدبي أو فكري لم يطلع عليه، ولكن الجدل الذي يروج حول فيلم المخرج نبيل عيوش الجديد «الزين اللي فيك»، وبعد مشاهدة المَشَاهِد واللقطات المنشورة من الفيلم، وكذا رصد جزء مما كتبه نقاد وصحافيون ومحللون يجعلنا نضع ذلك ضمن السياق العام الذي صدر فيه الفيلم، فالمغرب لم يخلص بعد من قضايا ذات حساسية بالغة كقضية الإجهاض، ومدونة القانون الجنائي، واستقالة أو إعفاء وزير ووزيرة بسبب ما راج حول علاقتهما الشخصية، وانخراط المغرب في محاربة الإرهاب والتطرف، والاستعداد لانتخابات جماعية وشيكة، وضحالة الخطاب السياسي في السنوات الأخيرة (مصطلحات إيحائية، استدعاء قاموس الحيوانات، استثمار معجم الغيب والسب).. فلا نعتقد أن الحديث عن مثل هذه المواضيع مفصول عن تناول الفيلم. يقول المتنور سلامة موسى في كتابه «تاريخ الفنون وأشهر الصور» إن الانحطاط يعتري الفنون الجميلة من جملة نَوَاحٍ، أولها المنع من الناحية الدينية.. والحاصل أن ما قاله ذات عام ساري المفعول إلى اليوم ما دامت أغلبية ردود الفعل المطالبة بالمنع والمحاكمة والشجب والاحتجاج تنم عن إيديولوجيا محافظة يغلفها الخطاب الأخلاقوي ولا تبتعد عن الاستثمار السياسوي الذي يخاطب الجماهير الانتخابية ذات الحس المجروح والمخدوش ضدا عن طبيعة العري لدى الإنسان ما دامت الوظيفة الأساسية للباس بيولوجية وقائية، وما إضفاء الطابع الأخلاقي عنها إلا تصور من ضمن تصورات أخرى للحياة؛ إذ يوجد في العَالَم اليوم ما يُضَادُّهَا من أنماط عيش في بعض المجتمعات الإفريقية والأمريكية والأسترالية حيث العري ليس عيبا ولا مثيرا للرغبات الجنسية، بل يرتبط الأمر بالاستعداد النفسي لكل شخص حسب ظروفه الاجتماعية والثقافية التي تؤثر في منظومته القيمية. ويكشف التركيز على مسائل العري والجنس بهذه الحدة عن رغبة بعض الأطراف في تعميق مظاهر التخلف السيكولوجي التي تُقَوِّي الشعور بالحرمان مما يطرح علاقتها بكثير من الأمراض الاجتماعية التي نحتاج إلى تعميق المعرفة بها، وإنضاج الأفراد للتعامل مع كافة الخطابات الرائجة في مجتمعهم. فاللقطات التي تم نشرها لا تخلو من عنف لفظي واضح وصادم لذوي الأحاسيس المنقادة والعواطف المنساقة وغير المتريثة.. وهي تأخذ من السينما الأنتروبولوجية والإثنوغرافية مباشريتها لتمرير إيديولوجيا معينة. إذن، نحن أمام إيدلوجيات متصارعة ومتصادمة، لكن المسألة الهامة في الأمر هو قدرة السينما كفن حديث وحداثي على كشف المستور، المهمش، واستدعاء الناس للنقاش حوله في أفق التأسيس الفعلي لأدبيات الحوار التي من شأنها أن ترقى بالنقاش نحو أفق ديمقراطي أرحب قد يسمح للعقل بالاشتعال العمومي دون حجر أو ادعاء بامتلاك الصلاحية. يسعفنا تاريخ الفن السابع في العودة إلى بعض الأفلام ذات الدرس البليغ في تناول تيمات تدخل في نطاق الطابو، ويحضرنا في هذا الباب مثالان مختلفان: لاقى عرض فيلم «إمبراطورية الحواس» [1976] للمخرج الياباني «نگيشا أوشيما» (Nagisa oshima) المنع والشجب ولكن العاصفة مرت وصار الفيلم علامة جمالية ومرجعا في تاريخ السينما واليابان معا؛ وفيلم «طانغو باريس الأخير» [1972] للمخرج برناندو بيرتولوتشي الذي اتهم بدوره بالبورنوغرافية والدعاية للشذوذ، فمن يستطيع اليوم إنكار قيمته الفنية وقدرته على فتح النقاش الخاص حول أهواء ونزوات الذات البشرية؟ أعتقد أن من يدافع عن صورة معينة للمغرب يقف به عند حافة الثبات، فهو مجتمع إنساني متعدد ومفتوح، له رهاناته الاقتصادية التي يصعب عزلها عن ملحقاتها، فليس هناك سياحة بدون متعة، ولا يوجد اقتصاد نظيف بالمعنى الأخلاقي، ولا يمكن فهم الجنس بمعزل عما هو اجتماعي وإيديولوجي وديني وتربوي وسياسي لأنه مُكَوِّنٌ طبيعي لدى الإنسان، ولا تستقيم الحياة بدونه، وما السكوت عنه إلا علامة من علامات الجرح الذاتي والجمعي الغائر... خاصة إن ابتعدت مقارباته عن الموضوعية؛ لذلك فصورة المغرب وهويته وثوابته متحولة ومتغيرة ومتفاعلة مع محيطها ومع الأجيال المتعاقبة لأبنائه التي تستدمج الطرائق التربوية الجديدة بأشكال واعية أو غير واعية؛ أما من الناحية السوسيولوجية، فالمجتمع المغربي ليس طهرانيا، فيه الصالح والطالح، الخير والشر، الطبيعي والشاذ، الظاهر والخفي.. فحين يعري فيلم «الزين اللي فيك» سوأته، ويسلط الضوء على مافيا الدعارة المنظمة، والسياحة الجنسية (فيلم «حَمَّام» [1997] للمخرج التركي «فرزان أوزبيتيك» [Ferzan Özpetek] نموذجا)، ويستثمر الحقل اللغوي الملتصق بالمجال السوسيوثقافي الذي تتحرك فيه الشخوص فلا يعدو الأمر إلا أن يكون محاكاة فنية للواقع مهما بالغ المخرج في نقلها، وكل محاكمة من شأنها أن تعود بنا إلى زمن محاكم التفتيش مع العلم أن صاحب الفيلم قد لا ينتبه إلى خطورة جرأته الناتجة عن دهائه أو قلة تقديره للأمور أو قصور حساباته الإيديولوجية التي تحمل من الخطورة ما يدفع البعض إلى ارتكاب عنف مادي مضاد للعنف الرمزي الصادر عن الصور الفيلمية التي يصرح البعض بأنها جارحة لشعوره، ومستفزة لقيمه، فنشر الوعي يجب أن يراعي التدرج والتوظيف المدروس لآليات السينما. وهنا لا يمكن إلا أن نشير إلى أن المَشَاهِد واللقطات المنشورة ممططة ومكرورة، ويمكن أن نسجل بأن السينما توظف الأسلوبين معا، فقد تسعف لقطة تلميحية وحيدة أو حوار مختصر في التعبير عن الموضوع بدقة، وقد يختار المخرج الإطناب فيه، ولكل توظيف تأويلاته، وها نحن اليوم أمام فورة من القراءات التي لا تخجل من استعمال قاموس مشابه لما ورد في الفيلم رغم اختلاف درجات الخطاب، واستمرارٍ لنهج المخرج الذي عهدناه في أفلامه السابقة إلا أن الحالة التي وصل إليها النقاش اليوم تعكس هيجانا ناتجا عن ضغوطات واحتقانات كثيرة، متعددة الأسباب، لكن المؤشرات تنبئ بأن القدرة على الخوض فيها لهي السبيل الوحيد للرقي بالمجتمع ما دام الصراع حيوي فيه بهذه الطريقة. لا يحل المنع مشكلة ولا يطور مجتمعا، وإنما يزيد من تأزيم الوضع، فالخطوة التي أقدمت عليها وزارة الاتصال غير محسوبة، ولم تأخذ بعين الاعتبار المساطر الشكلية الجاري بها العمل في مثل هذه النوازل مع العلم أن هذا لا يحمل في طياته أية قيمة ما دام الفيلم سيعرض على الشبكة العنكبية وسيشكل مادة تجارية دسمة للقرصنة؛ بل يضفي عليه الطابع السياسوي المنخرط في أجندة استباقية تُفْهَمُ في نطاق خروج شبيبة حزبية للتظاهر ضد الفيلم أمام البرلمان، ونعتقد أن ذلك العصف بالمنتوج الفني في مثل هذه الصراعات يؤشر على إثارة ما لا يمكن تصوره خصوصا وأن المغرب تتربص به كافة أشكال العنف الظاهرة والخفية، اللينة والسمجة.. فالإدارة الحكيمة للأزمة لا يمكنها أن تسير نحو هذا الأفق خصوصا وأنها منحت الجهات التي تقف خلف الفيلم وتروج له ما تريد بعد أن تَمَّ الحديث عن الفيلم من طرف بعض أئمة المساجد، ورفعت دعوى قضائية بشأنه، ولنا في دُرُوسٍ من هذا القبيل خير شاهد. هكذا يكون تسريب هذه اللقطات الفيلمية التي تتوفر شبكات الڤيديو العالمية على مقاطع وصور أكثر جرأة منها حول المغرب، وهي تصور أشخاصا واقعيين، وليس ممثلين يقصفهم المجتمع بشتى أنواع الإهانات والأذى ولا يفرق بين العري الطبيعي (الجسد الطبيعي) والعري الجمالي (الجسد الإستيتيقي)، قد انخرط، عن قصد أو بدونه، في خدمة أجندة داخلية وخارجية لم تفوت الفرصة لاستثماره خارج دوائر النقاش الفني والجمالي، يدعي بعضها حماية المجتمع من الأخطار المحدقة به، ويتستر بعضها الآخر خلف يافطة الحداثة.. وكلا الخطابين يسقطان في التعميم والتبسيط والمغالطة لخدمة مصالح سياسية واضحة للمحلل اليقظ، وغائبة عن عامة الناس، والحال أن الفئة الثانية هي المستهدفة لأنها وقود الإيديولوجيا التي تحمل فتيل النار في يدها، فالدور التربوي رئيس في هذا الباب لأن شبابا دون سن الثامنة عشرة شاهدوا اللقطات وهبوا للاستفسار حولها، فما الفائدة من المنع؟ أليس حريا بنا أن نسارع الزمن كي نرقى بمنظومتنا التربوية والعلمية لتساير روح حضارة الصورة؟

ناقد سينمائي