تلوّح واشنطن خطابيًا على الأقل بفكرة “استعادة” قاعدة باغرام، لكن المغزى أعمق من استعادة موطئ قدم ضائع. الدافع الأول أمني: فرع داعش-خراسان تطوّر إلى مصدر تهديد عابر للحدود. الدافع الثاني جيوسياسي: باغرام تنتصب على خط تماس تنافسي مع الصين؛ حتى الشبهات حول نشاط هندسي صيني هناك تكفي لرفع قيمة “المنع الوقائي” في الحساب الأميركي وتجعلها ترغب في استعادة القاعدة العسكرية . الدافع الثالث استخباري-عملياتي: القاعدة كانت عقدة ISR ومنصة لإجلاء الرعايا والرهائن؛ مجرد وصول محدود يعيد جزءًا مهمًا من الرؤية القريبة والجاهزية.
لكن القيود أصلب من الحوافز. طالبان ترفض بالمطلق أي عودة عسكرية، وفتح القاعدة يكلّفها رأس مالها السياسي. إقليميًا، ستقرأ بكين وموسكو وطهران وإسلام آباد أي تمركز أميركي كمقدمة لاشتباك نفوذ، فيما يظل الداخل الأميركي حساسًا لإرث 2021. أضف أن بدائل واشنطن من قواعد قريبة، وشبكات استخبار، وضربات انتقائية—توفر مكاسب مع كلفة سياسية أقل.
السيناريو الواقعي القريب ليس “استعادة كاملة”، بل توظيف فكرة باغرام كورقة ضغط: تحسين الاستخبارات البشرية، تقليص زمن الاستجابة من خارج أفغانستان، وانتقاء ضربات دقيقة عند الضرورة—مع إبقاء باب ترتيبات محدودة وغير قتالية نظريًا عبر وساطات، من دون رهانات كبيرة. القيمة المضافة هنا أن السؤال ليس “هل تعود؟” بل “كيف تستثمر فكرة العودة لإعادة ترتيب الردع والتفاوض؟”. في هذا الميزان، تبقى باغرام رمزًا ومحرّكًا تفاوضيًا أكثر منها خطة انتشار وشيكة.
امريكا لا زالت تحتفظ بورقة ضغط كبيرة تتمثل في الاموال الأفغانية المحجوزة والتي تناهز 9 مليار دولار تطالب بها حكومة كابول لحدود اليوم دون جدوى. اكيد ان قطر ستلعب دورا في صفقة محتملة بين طالبان وأمريكا لعودة أمريكية محتملة لقاعدة باغرام مقابل تحرير مليارات الدولارات التي تحتاجها حكومة كابول بإلحاح لتمويل التنمية الأفغانية.