تمكنت المتعلمات المنحدرات من العالم القروي، واللواتي تحتضنهن دار الطالبة بدار الضمانة، من تحقيق نتائج جد إيجابية، سواء من حيث عدد التلميذات الناجحات أو من حيث المعدلات المتقدمة، سواء تعلق الأمر بنتائج المستويات الدراسية الإشهادية أو العادية.
إيجابية حصيلة الموسم الدراسي التي حققتها الفتيات المقيمات بمؤسسة الرعاية الاجتماعية – دار الطالبة – يجب أن تُقرأ من زاوية تعطّش تاء التأنيث للحق في التعليم، في وطن لا تزال فيه بعض الأصوات تُغرّد خارج منطق العصر، وتُناهض تمتع الفتاة بحقها في التعلم، مرجِّحة كفة تزويجها المبكر على كفة الولوج المنصف إلى التعليم، المنتصر لمبادئ الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص.
ووفق مصادر متعددة، فإن مؤسسة الرعاية الاجتماعية دار الطالبة، التي تُسيّرها جمعية اجتماعية وتشرف على إدارتها السيدة أسماء القراري، واجهت مجموعة من التحديات والإكراهات خلال الموسم الدراسي المنقضي. وهي إكراهات كادت أن تعصف بهذا الاحتضان الاجتماعي لفتياتٍ يتمسكن بحلم تحقيق الذات، إذ لا شك أن تراكم المكتسبات في هذا المجال من شأنه أن يُحسّن موقع بلادنا في سلم التنمية البشرية، الذي يُعدّ تعليم الفتاة أحد أبرز مؤشراته.
ومن بين الإكراهات التي أفادت بها "أنفاس بريس"، نقلاً عن مصادر مطلعة على تفاصيل واقع المؤسسة، نجد ضعف الموارد المالية، والتي من دونها يبقى الحديث عن إنصاف الفتاة القروية مجرد شعارات تُضمن في التقارير الرسمية. فـ"الإجهاد المالي" والانكماش الحاصل في عدد المانحين والمحسنين أثّرا سلبًا على تدبير هذا المرفق الاجتماعي، الذي لا تقتصر أدواره على توفير الإقامة والتغذية لفتيات من أسر تعاني هشاشة اجتماعية، بل، ووفقًا للمرجعيات الوطنية والدولية ذات الصلة، تُعدّ الحياة داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية مدخلًا أساسه الوعي والالتزام باحترام حزمة من الحقوق، التي من دونها لا يمكن الحديث عن حماية كرامة المستفيدات من هذه الخدمات.
أقل من شهر ونصف يفصل المتعلمات والمتعلمين، ومن بينهن المستفيدات من دار الطالبة، عن العودة إلى فصول الدراسة لبدء موسم دراسي جديد، يتمناه المؤمنون حقًا بمشروع الدولة الاجتماعية موسمًا خاليًا – أو شبه خالٍ – من الإكراهات التي تُهدد حق تلميذات المؤسسة في التمتع برعاية اجتماعية لائقة، كما ينص على ذلك الفصل 31 من الدستور.
ولربح رهان "دار الطالبة: حاضنة للتلميذات القرويات وحامية لكرامتهن"، وتجاوز الصعوبات التي تعترض الجمعية المسيرة، فإن هذه الأخيرة مطالبة بمد جسور التواصل مع مختلف المتدخلين والداعمين من أجل احتضان هذه المؤسسة، وإطلاق تعبئة نوعية ومحكمة الإخراج والتنفيذ. تعبئة لا تقتصر على التواصل المؤسساتي وتعميم مذكرات ترافعية، بل يجب أن تمتد أيضًا إلى مراجعة طريقة التدبير الإداري والمالي والتربوي للجمعية، والوقوف عند الأسباب التي تجعل الانتساب إليها شبه منعدم، والعمل على تفعيل آليات جديدة لتطبيق المبدأ الدستوري "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، إضافة إلى تفعيل الفقرة الخامسة من الفصل 12 من الدستور، التي تنص على أن "يجب أن يكون تنظيم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وتسييرها مطابقًا للمبادئ الديمقراطية".
يدا في يد، من أجل توفير بيئة حاضنة بمستوى عالٍ من الجودة، وأجواء مشجعة على تميز متعلمات دار الطالبة.