Monday 23 June 2025
خارج الحدود

إدريس الفينة: الرد الأمريكي على طهران.. سيناريوهات مفتوحة في ظل تصعيد غير مسبوق

إدريس الفينة: الرد الأمريكي على طهران.. سيناريوهات مفتوحة في ظل تصعيد غير مسبوق خامنائي وترامب
في أعقاب الضربة الأميركية التي استهدفت البرنامج النووي الإيراني وألحقت به دمارًا بالغًا، ردّت طهران بقصف صاروخي استهدف مواقع في قطر والبحرين والعراق. هذا التطور الخطير يفتح الباب أمام سلسلة من السيناريوهات بشأن طبيعة الرد الأميركي المقبل، وموقع دول الخليج من هذا التصعيد الإقليمي غير المسبوق.

المعطيات المتوفرة تؤكد أن الضربة الأميركية لم تكن تكتيكية فحسب، بل حملت طابعًا استراتيجيًا يهدف إلى إنهاء الحلم الإيراني في امتلاك السلاح النووي. ومن هذا المنطلق، فإن المقارنة بين هذا الهجوم وبين الرد الإيراني المحدود تبدو غير متكافئة من حيث الحجم والأهداف. فالضربة الأميركية أصابت صميم الطموح العسكري الإيراني، في حين جاءت الصواريخ الباليستية الإيرانية كرد فعل رمزي، موجه بالأساس للرأي العام الداخلي، وللشارع العربي والإسلامي الذي لا يزال جزء منه يتوهم أن طهران قادرة على تحدي الغرب عسكريًا.

في السياق الخليجي، تطرح تساؤلات جدية: هل ستنجر دول الخليج إلى مواجهة مفتوحة مع طهران؟ وهل ستبادر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ردًا على هذا الاستهداف المباشر؟ أم أنها ستتريث، وتفسح المجال أمام واشنطن لتقود دفة الرد؟ من المرجح، وفق المعطيات الحالية، أن واشنطن لن تدخل في حرب شاملة ومباشرة مع طهران، بل ستعتمد على إسرائيل للقيام بعمليات عسكرية دقيقة، تستهدف شل مفاصل النظام الإيراني بشكل تدريجي، دون إثارة تصعيد إقليمي شامل في المرحلة الأولى.

الرد الإسرائيلي المرتقب – الذي تشير المؤشرات إلى أنه سيكون أكثر إحكامًا وتدميرًا – يندرج ضمن استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تفكيك تدريجي لقدرات طهران العسكرية وإضعاف بنيتها الاستخباراتية، في الوقت الذي تتجنب فيه واشنطن خوض حرب مباشرة قد تخلط أوراق التحالفات الدولية، خصوصًا في ظل حساسية الموقف على الساحة الآسيوية وأمام أعين الصين وروسيا.

يبقى السؤال المركزي المطروح اليوم: إلى أي مدى يمكن للنظام الإيراني أن يصمد أمام هذه الضربات المتتالية؟ فالواضح أن طهران تنزف. الضربات الأميركية، والمآزق الاقتصادية، والضغوط الداخلية المتصاعدة، كلها ترسم مشهدًا لنظام يفقد تدريجيًا السيطرة على أدواته الاستراتيجية.

في كلمة ألقاها أمس، بدا خطاب القيادة الإيرانية دفاعيًا، مفعمًا بالشعارات، لكنه خالٍ من أي خطة واقعية لاحتواء الأزمة. فحتى الدعوة التي أطلقها بعض المسؤولين الإيرانيين إلى “إعادة ترتيب البيت الداخلي” تعكس عمق الخلل وضيق الخيارات.

في المحصلة، يبدو أن الولايات المتحدة قد وجهت رسالة حاسمة: المشروع النووي الإيراني لن يكتمل. وإسرائيل تتحرك لتنفيذ الجزء الثاني من هذه الاستراتيجية. أما طهران، فبينما تلوّح بشعارات “الرد الحاسم”، تجد نفسها أمام واقع جيوسياسي أكثر قسوة، حيث لم تعد قادرة على التحكم بقواعد الاشتباك كما كانت تفعل في السابق.