Sunday 22 June 2025
كتاب الرأي

جمال المحافظ: مونديال2030.. حدث رياضي بحمولة ثقافية

جمال المحافظ: مونديال2030.. حدث رياضي بحمولة ثقافية جمال المحافظ

يشكل احتضان المغرب بمعية اسبانيا والبرتغال لمونديال كرة القدم 2030، فضلا عن كونه تظاهرة رياضية عالمية كبرى، فإن واقعيا، يعدحدثا ثقافيا بامتياز، يستدعى العمل على تثمين الجوانب الحضارية والثقافية والفكرية للبلاد وتقديمها بحرفية ومهنية الى العالم، الى جنبا الى جنب مع توفير البنيات التحتية التي تستجب لدفاتر تحملات الفيفا.

وتفتح مباريات كأس العالم التي لا تتعدى منافساتها الساعتين، آفاقا واسعة للتعريف بتاريخ وحضارة وثقافة البلد الذي يحتضن هذا النوع من الملتقيات الرياضية التي تتجاوز التنافس الرياضي، لتتحول الى الاستثمار الاقتصادي والتسويق التجاري والترويج السياحي، وكذلك مشتلا لإبراز التنوع الفكرى والحضاري ونقل التعبيرات المختلفة جمهور كرة القدم .

وهذا ما يقتضي اعداد استراتيجية شاملة والعمل على تأهيل مختلف وسائل الإعلام الوطنية، والتعامل مع الصحافة والاعلام كقطاع حيوي ليكون بمقدوره التعاطي مع مجتمع س العالم بأسلوب احترافي خاصة مع الألتراس الذي يعتمد طرقا مختلفة في التشجيع الرياضي، مع استحضار الأبعاد التنظيمة والأمنية والحقوقية.

لقد أصبحت الصحافة المتخصصة في المجال الرياضي حقلا إعلاميا قائم الذات واستثمارا بالغ الأهمية، وتستأثر باهتمام الرأي العام بشكل واسع، وهو ما يتطلب تحديث التصورات وتطوير الأداء الإعلامي المهني، وجعله يتلاءم مع تحديات ورهانات مونديال سنة 2030. غير أنه بالمقابل، يلاحظ أن الاعلام الرياضي الوطني يعاني - كما كان في السابق - من نظرة نمطية سلبية، بناء على يرصده عدد من المهنيين والخبراء، والهيئات الرياضية التمثيلة، الذين يعتبرون بإن المشهد الإعلامي الرياضي يجتاز حاليا واحدة من أدق وأصعب فتراته، نتيجة ما يعانيه من الهشاشة وخصاص مهول في التكوين، والتزام بقواعد أخلاقية المهنة.

إن تطور الرياضة، يرتبط في جوانب منه بوسائل الاعلام التي تقرب الجمهور عبر مختلف دعامتها من النتائج التي تحقهها الرياضة مما يجعلها تستحوذ على القلوب، والمثال الحاضر في هذا السياق، مشاركة المنتخب الوطني المغربي في مونديال قطر فيفا 2022 والدور الذي قام به الاعلام الوطني، في مواكبته اللافتة، لمختلف المراحل التي قطعها المنتخب الذي تمكن ولأول مرة التأهل لدور نصف نهاية كأس العالم، كأول منتخب افريقي وعربي يحقق هذه النتيجة، وهو ما كان له انعكاس إيجابي على اشعاع البلاد، وعلى مستوى كرة القدم الوطنية كذلك .

وإذا كانت الصحافة الرياضية، تعرف على المستوى العالمي، تطورا متناميا، يفوق في كثير من الأحيان التخصصات الأخرى في مجال الاعلام، من صحافة سياسية واقتصادية وثقافية، فإنها ظلت – كما هو شأن الاعلام بصفة عامة- في وضعية دون مستوى التطلعات والرهانات على المستوى الوطني.

وفي ظل النقص الحاصل في مجال الأبحاث والدراسات حول الصحافة الرياضية وأدائها، فإن هذا التخصص الإعلامي، ظل - ورغم بعض المجهودات المبذولة هنا وهناك- يعاني من اختلالات ومشاكل مركبة، منها عدم الالتزام بقواعد أخلاقيات المهنة، وضعف التكوين. فهذه العوامل الذاتية والموضوعية، تجعل من الصحافة الرياضية الوطنية، قاصرة عن المواكبة الإعلامية الاحترافية، ومعها تقديم صورة متكاملة، عن النتائج التي يحققها الرياضيون المغاربة من نتائج إيجابية خاصة كرة القدم.

لذا أصبح من المفروض على البحث عن السبل الكفيلة بتمكن الصحافة الرياضية المغربية، من أن ترتقي الى المستوى المنشود، لتشكل بداية لتحول ملموس، يؤهلها للإنخراط في التحضير الجيد لمونديال 2030 وقبلها بطولة افريقيا للأمم في كرة القدم التي تحتضنها المملكة ما بين 21 دجنبر 2025 و18 يناير 2026 ، باعتبار أنه هذا العرس الرياضي القاري قد يتحول إلى "بروفة" أولى لمونديال 2030 .

وفي ظل الثورة التكنولوجية الحديثة، يصبح لزاما الأخذ بعين الاعتبار انعكاسات البيئة الرقمية على الممارسة الصحافية والاعلامية، والاشكالات التي يطرحه الذكاء الاصطناعي من تحديات على مهن الصحافة والإعلام، الأمر الذي يستدعى اعتماد رؤية جديدة بمقاربة متجددة في التعامل مع ورش الإعلام قبل انطلاق المونديال 2030، وبعده.

وبخصوص كتاب "الاعلام ومونديال 2030"، مؤلفى الأخير الصادر عن دار التوحيدى للنشر، سنة 2025 والذي جرى تقديمه ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للدورة 30 للمعرض الدولى للكتاب والنشر السنة الجارية، فهو مساهمة في اثارة الانتباه لدور الصحافة والاعلام، فيظل الاستعداد لاحتضان منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم بالمغرب واسبانيا والبرتغال. ويتضمن المؤلف قسمين الأول بعنوان " هل الصحافة ستتأهل للنهائيات؟ والثاني حول " الاعلام أفقا للتفكر.."، يتناولان، بالخصوص تحديات ورهانات احتضان المغرب لكأس العالم في سنة 2030، بالاشتراك مع كل من اسبانيا والبرتغال الذين يتعين الاستفادة من تجربتها في الصحافة الرياضية، وفي استضافة التظاهرات العالمية الكبرى.

من بين المحاور التي يقاربها الكتاب، قضايا الاستهلاك الرياضي، وحاضنات للتكوين، وموقع الاعلام في السياسات العمومية، امكانيات تدشين مرحلة جديدة، من خلال استراتيجية إعلامية وطنية، متعددة الأبعاد، في ظل بيئة سليمة التي تقتضى تجاوز النظرة النمطية للاعلام القطاع الاستراتيجي، وكرافعة للتنميةن فضلا عن الحاجة إلى تطوير الإعلام والتوفر على ذراع اعلامي قوي من خلال الاهتمام بالتكوين، واطلاق برامج للنقاش.

كما تركز هذه المحاور، على أن الرياضة قوة ناعمة، وهو يقتضة التوفر على اعلام مهني محترف وصحوة إعلامية، تستند على رؤية واضحة المعالم وتطوير المهارات في مجالات متعددة منها الصحافة المتخصصة والتعليق الرياضي، الصناعة الرياضية والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة، خاصة الانترنيت والذكاء الاصطناعي، وهو ما يفتح آفاق جديدة، ويشكل فرصة حقيقية.

 

*نص المحاضرة التي نظمها ف فرع الرباط ل JCI الغرفة الفتية الدولية في 20 يونيو 2025 بمدرسة التجارة بالرباطRabat ESLSCA Business SCHOOL حول الصحافة الرياضية.