Saturday 14 June 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: رسالة من تحت مياه المتوسط من جهة الشرق: إني أغرق.. أغرق.. أغرق!!!

محمد عزيز الوكيلي: رسالة من تحت مياه المتوسط من جهة الشرق: إني أغرق.. أغرق.. أغرق!!! محمد عزيز الوكيلي
لن أبدأ بالقول والإفصاح عمّن أتحدث عنه هذه المرة أيضاً، فغالِبُ الظن أنكم أدركتم مَن هو هذا الذي أشير إليه بأصبع العجب والسخرية، قبل أن أضيف قَيْدَ أُنمُلةٍ أو قَيْدَ حرف!!
 
الصيحة القادمة من ذلك البلد الجار تُدَوِّي بنفس إيقاع رائعة العندليب الأسمر: "رسالة من تحت الماء"، إذ أنّ لسان حال نظام جيراننا هناك يقول ويردّد: إني أغرق.. إني أغرق... أغرق... وكوامن الغرق وظواهره تتواطأ مع بعضها البعض لتقدم لنا كياناً أشبه بدولة، أو بالأحرى، أشبه بدولة مستقلة، وما هي بالمستقلة، وتقول لنا تلك الكوامن والظواهر إنّ منطقتنا لن تستريح من وَعْثَاءِ المكائد والدسائس والمؤامرات الغادرة إلا بذهاب ريح ذلك النظام، بالذات والصفات، ولن يهدأ لها بال، أقصد منطقتَنا، إلا بعد أن "يحق القول عليهم، ويدمَّروا تدميراً"، لأن رب العزة قد أمّر في ذلك البلد مُترَفيه ففسقوا فيه، لتبقى مسألة إحقاق القول عليه بالدمار مجرد وقت فحسب... فما هي مكامن ذلك الغَرَق ومظاهره؟!
 
بالنسبة للمكامن، أو عِلَلِ الغرق المتناسلة في الخفاء، فتتجلّى بلُبْسٍ يكاد يجده المتتبع في ذلك الصراع المرير والقائم بين فصائل ذلك النظام، بين "غير السعيد شنقريحة" من جهة، وناصر الجن من جهة ثانية، دون إغفال حواريي كلٍّ من هذين الكائنين الغبيَّيْن، ثم بين شنقريحة وتبون من جهة ثالثة، وأخيراً ومن جهة رابعة، بين كل هؤلاء دفعةً واحدةً من جانب، وشعب الجزائر المسطول، و"المقلوبة عليه القفة"، من جانب آخر، فضلا عن تكاتُف هذه الكيانات المتناقضة والمتناحرة ضدا في الجار الغربي، المغربي، الذي لم يستطع ذلك النظام الأخرق والأهبل أن يطالَه بأي سوء يُذكر منذ أزيد من نصف قرن من المؤامرات والخُدَع الرخيصة، والاستعداءات الفاشلة، والتي بدأت تظهر مؤشراتُ فَشَلِها من أساسها، كما هو الشأن، على سبيل المثال لا الحصر،، بالنسبة للحزب الحاكم في جمهورية جنوب إفريقيا؛ الذي يبدو كما لو أنه فطن بين عشية وضحاها إلى أن الصحراء موضوع النزاع الجزائري المغربي المفتعل، هي صحراء مغربية بقوة التاريخ، وبقوة الواقع، الذي إلى غاية سنة 1969 يشهد على مغربية القطر الموريتاني الشقيق ذاتِه، فكيف تكون موريتانيا مغربية إلى غاية ذلك التاريخ، وتكون المنطقة الصحراوية الفاصلة بين المغرب وموريتانيا ذاتِها، بعد إعلان دولتها في التاريخ سالف الذكر، غير منتمية إلى نفس الوطن الأب، الذي هو المملكة المغربية بقدّها وقديدها؟!!
 
وجميعنا يعلم حق العلم أن هذا  التاريخ الملتبس لم يكن سوى أثَرٍ وذِكْرٍ سَيِّئَيْن، وبالِغَيْ أقصى درجات السوء، لاستعمار مزدوج أطلق العنان لمقصه ففعل الأفاعيل فوق رقعة خريطة المنطقة، لكن، لفائدة كيان واحد، شكّل ولا يزال، الحديقة الخلفية ماضياً وحاضراً للأسرة الحاكمة بالإليزي!!
 
عدا هذا الغَرَق المُحدِق، بل المتحقِّق، والذي أشّر عليه الانقلاب الفجائي في موقف حزب نيلسون مانديلا، نجد ضربا آخر أشّر عليه الاتحاد الأوروبي، الذي يبدو أنه أقر العزم على إذاقة نظام العساكر في الجزائر عقوبات لم تكن تدور ببال أحد منهم، ليس من أجل قضية الصحراء كما يقول معلقو ومحللو مراحيض الإعلام الجزائري، أمثال المضروب في عقله المدعو بن سديرة، وإنما اشتعلت نيران الغضب الأوروبي ضد النظام الجزائري من جراء الخسائر الفادحة والثقيلة التي كبّدها ذلك النظام لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، هي المملكة الإسبانية، التي تلقّت خسارة مفاجئة بسبب الموقف الجزائري المتهور بخصوص إقفال أنبوب الغاز الذي كان ينقل هذه المادة إلى إسبانيا عبر التراب المغربي، فضلا عن إعلان ذلك النظام الكسيح عن تجميد تعاونه الاقتصادي، والتجاري تحديداً، بين بلده من جهة، والعروس الإيبيرية إسبانيا من جهة ثانية، مما كبّد هذه الأخيرة خسارة تناهز تسعة ملايير دولار، وبطبيعة أحوال المنطقة المتوسطية، فالاتحاد الأوروبي لم يكن ليترك ذلك الاستعداء الجزائري بغير مُساءلة، وبغير عقاب، ولذلك سمعنا اليوم والأمس وقرأنا عن شروع الاتحاد الأوروبي في مؤاخذة الجزائر واعتبارها دولة غير مأمونة من جهة، وغير جديرة بأن تُولَى لها ثقة دول الاتحاد من جهة ثانية... وما زال في جعاب هذا الأخير سهام أخرى مسمومة، ستنتهي ذات مواجهة إلى اعتبار الجزائر دولة مارقة، لأنها ترعى الإرهاب، وقد تأكد ذلك عند إسبانيا التي اعتقلت قبل يومين عناصر من البوليساريو كانوا يخططون لعمليات إجرامية داخل التراب الإسباني.. وكل المعطيات الواردة علينا من الواقع المتدهور للعلاقات الأوروبية الجزائرية، ومن فضاءات الاتحاد الأوروبي، يؤكد هذا المنحى ويوثّقه!!
 
فضلا عن هذا كله أيضاً، جاء الدور على تصريحات مندوبي وممثلي كل من دول الخليج العربي عامةً، ودولة قطر خاصةً، من داخل مداولات اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، وهذه ثالثُ صفعة قوية وقاصمة يتلقاها نظام العجزة بالموراديا على مدار الأيام الأولى من هذا الأسبوع، فقط لا غير!!
 
النظام الجزائري الأخرق يغرق، يغرق، يغرق... مع الاعتذار مٌجّدَّداً لكاتب وملحن ومؤدّي رائعة  "رسالة من تحت الماء"... وهذا يؤكد بالملموس ما أشرت إليه في مقالي السابق بخصوص اقتراب موعد المواجهة المباشرة... والأيام حتماً بيننا!!!
 

محمد عزيز الوكيلي/ إطار تربوي متقاعد