في سابقة فنية مبهرة، احتضنت مدينة فاس عرضًا استثنائيًا بقيادة المايسترو المغربي أمين بودشار، المعروف فنياً بـ “بودشارت”، ضمن مشروعه الفريد “أنتم الكورال” الذي قلب موازين العروض التقليدية، ورفع منسوب التفاعل إلى قمّته، حيث لم يكن الجمهور مجرد مشاهد، بل كان هو نجم العرض وصوته الطاغي على الخشبة.
بأسلوب غير تقليدي، أطلّ بودشارت ليقود جمهورًا غفيرًا شكّل "كورالاً" جماعيًا، بعدما تدرّب المشاركون مسبقًا على باقة مختارة من الأغاني المغربية والشرقية. توصل كل فرد بكلمات الأغاني قبل الموعد، ما جعله مستعدًا لتجربة غنائية حية، جمعت بين الحماس والتناغم تحت أنغام فرقة موسيقية محترفة.
منذ اللحظات الأولى، بدا واضحًا أن فاس على موعد مع عرض غير مألوف، حيث صدحت القاعة بصوت واحد، مرددة كلمات أغاني تعيش في وجدان الجميع. لم تكن حفلة موسيقية فقط، بل لحظة وجدانية أذابت الحواجز بين الفنان وجمهوره، وولّدت طاقة استثنائية قلّ نظيرها.
مشروع “أنتم الكورال” لم يتوقف داخل المغرب، بل حطّ الرحال في عواصم العالم من باريس إلى مونتريال، ومن القاهرة إلى الدوحة، جامعًا الجاليات المغربية والعربية على حب الموسيقى والحنين للأغنية الأصلية. وقد عرفت محطة الدار البيضاء مشاركة قياسية، فاقت 6000 شخص، في أمسية خُلّدت بمقطع “جانا الهوى” الذي اجتاح منصات التواصل.
أمين بودشار، المهندس الذي تتلمذ على عشق الموسيقى، تخرّج من المعهد الموسيقي بفرنسا سنة 2020، واستطاع أن يصنع لنفسه بصمة خاصة في المشهد الفني العربي، حيث أصبح رمزًا لحفلات تتجاوز الأداء إلى المشاركة، وتحوّل الجمهور من متفرّج إلى بطل يعبّر عن صوته وهويته.
في فاس، لم تُقدّم فقط أمسية فنية راقية، بل صُنع حدث موسيقي وإنساني، أعاد صياغة العلاقة بين المسرح ومقاعده، وأثبت أن الموسيقى حين تنبع من الشغف، تصل مباشرة إلى القلب.