من مصادر متفرقة ، علمنا بموقع " أنفاس بريس" ، بأن مجلس جماعة وزان يستعد لعقد دورة استثنائية قبل حلول عيد الأضحى ، وذلك من أجل مناقشة نقطة فريدة تقدمت بها المعارضة ( أربعة أحزاب) قبل أيام ، تتعلق بمشروع تصميم التهيئة الذي أسال تعطيل المصادقة عليه الكثير من المداد ، وهذا ليس غريبا على الفرقاء السياسيين بوزان عند تعاطيهم مع الملفات الكبرى ، التي لو تم تنزيلها في حينه ، لكان لذلك آثارا ملموسة على التنمية الترابية لجماعة تتوفر على كل المؤهلات لإقلاع واعد ، بدل أن تظل سجينة دائرة المواجع والفواجع بكل أشكالها وأنواعها ومستوياتها!
قبل الانتقال لتسليط قليل من الضوء على مشروع تصميم التهيئة ، وجبت الاشارة إلى أن المعارضة ( بعيدا عن الموقف الشخصي منها) تعرضت لحيف من طرف رئاسة مجلس الجماعة الذي حرمها من نشر طلب عقد الدورة الاستثنائية على الصفحة الرسمية(فايسبوك) للجماعة، وكذلك على الموقع الالكتروني الرسمي للجماعة !
قد تبدو هذه الإشارة شكلية بالنسبة للبعض ، ما دام الطلب المذكور احتل مساحة واسعة بمنصات التواصل الاجتماعي التي تتابع شأن دار الضمانة . لكن هذه الممارسة الإقصائية التي لا ينفرد بها مجلس جماعة وزان لوحده ، حتى يتسم كلامنا بالإنصاف والموضوعية ، تتنافى مع الحقوق التي يضمنها دستور المملكة للمعارضة البناءة بالمؤسسات المنتخبة ، ولنا في القانون التنظيمي 113/14 المتعلق بالجماعات أثرا ملموسا لهذا الحق ، حيث خص المشرع المعارضة برئاسة لجنة بمجالس الجماعات. يضاف إلى ما سبق ذكره ، فإن لهذا النشر علاقة بحق الجمهور الحصول على المعلومة مؤسساتيا . نتوقف عند هذا الحد لأن للممارسة المذكورة التي لم يتصدى لها ولا طرف سياسي واحد داخل مجلس الجماعة، علاقة قوية بتملك الثقافة الديمقراطية وقيمها.
لعلم القراء ، فإن جماعة وزان تعيش بدون تصميم للتهيئة منذ أكثر من عقد من الزمن ! وهذا وضع غير طبيعي ، وغير مقبول بعد المصالحة مع دار الضمانة ، واطلاق جبرها من الأضرار التي لحقتها . ماهي الأسباب الحقيقية التي جعلت مدينة تاريخية تُدبر مجالها الترابي بدون وثيقة التعمير لحد جعلها تختنق ؟ لا نملك جوابا شافيا ، ولكن ما يعلمه الرأي العام ، هو أنه خلال الولاية الجماعية الحالية التي أفرزها سياق استحقاق نهاية 2021 ، دشن المجلس عمله بتحريك هذا الملف الذي أحيل عليه من الجهة المكلفة قانونيا بالإنجاز التقني للوثيقة .
بعد استنفاذ وثيقة مشروع تصميم التهيئة كل المراحل التي يحددها القانون، عقد مجلس الجماعة دورة صادق فيها على الوثيقة. وهنا لابد من فتح قوس واسع ، يفيد مضمونه بأن رئاسة المجلس اعتمدت المقاربة التشاركية في التعاطي مع مشروع تصميم التهيئة ، حيث تم عقد سلسلة من اللقاءات مع مختلف الفاعلين المدنيين والحقوقيين والاقتصاديين ذوي الصلة بالوثيقة والمهتمين بالشأن الترابي ، التي سترهن مستقبل المدينة لعقد من الزمن مستقبلا.
المفاجأة التي لا تتوفر فيها أي جهة على المعلومة الصحيحة - أو ربما هناك من كان يعلمها واحتفظ بها لنفسه لتوظيفها في الزمن الانتخابي القادم - ، هو أن الوثيقة لم تنشر بالجريدة الرسمية داخل السنة كما يقول بذلك القانون ، وبالتالي العودة بالملف لنقطة الصفر !
ولأن الأمر يتعلق بوثيقة حاسمة، فقد عاد مجلس الجماعة لعقد دورة قبل أكثر من سنة، للتداول من جديد في الموضوع. نفس المراحل تم قطعها قبل المصادقة وإحالة الملف على الوزارة المعنية ( وزارة اعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ) .
من جديد يعود الملف لنقطة الصفر! الأمر الذي سيفتح الباب على مصراعيه لكل القراءات والتأويلات ، فتضيع الحقيقة في كومة التراشق الكلامي . لكن هذه المرة ستنتقل ملابسات التعاطي المؤسساتي مع وثيقة التعمير إلى قبة البرلمان ، التي كان للوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري رأيا في المد والجزر الذي عرفته الوثيقة ، وذلك تفاعلا مع سؤال من نائب برلماني .
التوضيحات التي تقدمت بها الوزيرة ( المضاربة)، تفاعل معها رئيس جماعة وزان بسرعة غير معهودة، حيث أصدر بلاغا غنيا بالتفاصيل و المساطر ذات الصلة بوثيقة تصميم التهيئة. لكن هل كان ضروريا اصدار هذا البلاغ في هذا السياق ،رغم أهمية ما جاء فيه ؟ في اعتقادي( رأيي الشخصي لا يلزم أحدا) ما كان ذلك مطلوبا ، لأن رد الوزيرة بقبة البرلمان ، لم يشر لمجلس جماعة وزان لا من قريب ولا من بعيد . فلماذا لم تُقرأ رسالتها بأنها موجهة لإدارتها التي لها النصيب الأوفر في اعداد الوثيقة ، وأن أضعف حلقة في مسلسل اعداد تصاميم التهيئة هي مجالس الجماعات ؟
الجماعة الترابية وزان في حاجة ماسة لوثيقة التعمير أكثر من أي وقت مضى ، خصوصا وأن " محضر التدبير" كإجراء اداري تم اعتماده في التعاطي مع قضايا التعمير بالجماعة خلال الفترة السابقة ، تفيد بعض المصادر بأن لا قوة قانونية له، وأن الوكالة الحضرية ،،تشدد ذات المصادر ، قد أشعرت المجلس بتجميد العمل بهذا المحضر!
ما هي الخطوة القادمة التي على مجلس جماعة وزان الإقدام عليها لحلحلة هذا الملف الذي يعتبر واحدا من أمهات قضايا المدينة ؟
ليس هناك من فرصة أهم وأقوى من موعد عقد الدورة الاستثنائية التي يجب على مكونات مجلس الجماعة مجتمعة أن تشارك في أشغالها ، مستحضرة مصلحة وزان التي رفعها وتغنى بسنفونيتها كل من استعمل منصة المركز الثقافي على امتداد سنة 2024 . من يتذكر؟
وفي سياق هذه الروح ، نقترح أن يكون من بين مخرجات الدورة الاستثنائية ، تشكيل لجنة تُمثل بها كل المكونات السياسية الممثلة بمجلس الجماعة ، التي عليها صياغة برنامج ترافعي هدفه اخراج وثيقة التعمير ( تصميم التهيئة) من منطقة المطبات والرياح العاتية التي كان لها كبير الأثر في العصف بالتنمية الترابية لجماعة تئن اقتصاديا اجتماعيا. وبالموازاة مع ذلك ، فإن المجتمع المدني الجاد والمسؤول ، مطالب بدوره الدخول على خط مشروع تصميم التهيئة ، وذلك بتأسيس هيئة ترافعية تنسق خطواتها و مبادراتها مع لجنة الجماعة . هذا الترافع المؤسساتي يجب أن يعزز بموقف موحد للأحزاب السياسية بالإقليم ، يمر عبر عقدها اجتماعا مشتركا يتوج بإصداربيان واضح ، يقرع الأجراس في آذان من يهمهم الأمر.
خلاصة القول ، لقد حان الوقت لجعل ملف تعثر المصادقة على وثيقة التعمير الخاصة بوزان قضية رأي عام... وثيقة بعيدة عن المضاربة ... على بركة الله ...