Friday 25 April 2025
ONCF Voyages
كتاب الرأي

هشام رمرام: الألتراس ليست مجموعات سياسية بل ثقافة فرعية تتفاعل مع سياقها

هشام رمرام: الألتراس ليست مجموعات سياسية بل ثقافة فرعية تتفاعل مع سياقها هشام رمرام
إن‭ ‬الألتراس‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭ ‬متميزة‭ ‬عن‭ ‬المشجعين‭ ‬التقليديين‭ ‬بحبها‭ ‬الفائق‭ ‬لفريقها‭ ‬والانتماء‭ ‬له‭ ‬بتعصب‭ ‬وتطرف‭. ‬هي‭ ‬تشجع‭ ‬فريقها‭ ‬بدون‭ ‬شروط،‭ ‬لافرق‭ ‬لديها‭ ‬بين‭ ‬الفوز‭ ‬والهزيمة،‭ ‬فالتشجيع‭ ‬يظل‭ ‬مستمرا‭ ‬طيلة‭ ‬الـ‭ ‬90‭ ‬دقيقة‭.‬
هذا‭ ‬التشجيع‭ ‬يبدأ‭ ‬داخل‭ ‬الملعب‭ ‬ولا‭ ‬ينتهي‭ ‬خارجه‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاستعداد‭ ‬للمباريات‭ ‬يأخذ‭ ‬وقتا‭ ‬طويلا‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬العادية‭ ‬لهذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬المشجعين‭.‬
الألتراس‭ ‬مجموعات‭ ‬موجودة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬ولا‭ ‬ينظمها‭ ‬أي‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬ولكن‭ ‬لها‭ ‬قواعدها‭ ‬وقوانينها‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬لها‭ ‬طقوسها‭ ‬ومنتجاتها‭ ‬الخاصة‭ ‬وقواعد‭ ‬داخل‭ ‬تنظيم‭ ‬هرمي‭ ‬محكم‭.‬
هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬استطاعت‭ ‬استقطاب‭ ‬جزء‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬الشباب‭. ‬
وحسب‭ ‬دراسات‭ ‬وطنية‭ ‬ودولية‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬فإن‭ ‬الاستقطاب‭ ‬يستهدف‭ ‬أطفال‭ ‬وشباب‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬وما‭ ‬فوق‭. ‬علما‭ ‬أن‭ ‬الألتراس‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬التوجهات‭ ‬والتيارات‭ ‬والفئات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عجزت‭ ‬عنه‭ ‬التنظيمات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭.‬
في‭ ‬السياق‭ ‬نفسه،‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬تقارب‭ ‬الظاهرة‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬مداخل‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬أنها‭ ‬«ثقافة‭ ‬فرعية»‭ ‬و«ثقافة‭ ‬هامشية»‭ ‬و«قبلية‭ ‬جديدة»‭. ‬ثقافة‭ ‬الألتراس‭ ‬والخصائص‭ ‬المميزة‭ ‬لها‭ ‬جرى‭ ‬استيرادها‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬2005‭.‬
ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬كشف‭ ‬الواقع‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬خصوصيات‭ ‬الألتراس‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬التشجيع‭ ‬إلى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬مابين‭ ‬2010‭ ‬و2011‭. ‬لكن‭ ‬الألتراس‭ ‬لم‭ ‬تتحول‭ ‬أبدا‭ ‬إلى‭ ‬مجموعات‭ ‬سياسية‭ ‬بل‭ ‬ظلت‭ ‬تعبيرا‭ ‬وتفاعلا‭ ‬شبابيا‭ ‬مع‭ ‬سياقات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية‭.‬
وأكاد‭ ‬أجزم‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬تمت‭ ‬دراسة‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬بشكل‭ ‬معمق‭ ‬ومنتظم،‭ ‬فإننا‭ ‬سنفهم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬فئة‭ ‬واسعة‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬وعقليته‭ ‬وتطلعاته‭ ‬وطريقة‭ ‬تفكيره‭. ‬
وحسب‭ ‬بحث‭ ‬قمت‭ ‬بها‭ ‬أنا‭ ‬شخصيا‭ ‬مع‭ ‬مجموعات‭ ‬غرين‭ ‬بويز‭ ‬والوينرز‭ ‬والإيغلز،‭ ‬تبين‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬الألتراس‭ ‬هي‭ ‬ملاذ‭ ‬للشباب‭ ‬لتلبية‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الرغبات،‭ ‬وتمنح‭ ‬لهم‭ ‬منصة‭ ‬للتعبير‭. ‬هي‭ ‬أيضا‭ ‬فضاء‭ ‬مريح‭ ‬للتعبير‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬علاقة‭ ‬أفقية‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬نظام‭ ‬مجتمع‭ ‬يسير‭ ‬وفق‭ ‬نظام‭ ‬تراتبي‭ ‬طبقي‭ ‬حسب‭ ‬المنصب‭ ‬والسن‭. ‬
فداخل‭ ‬الالتراس،‭ ‬هناك‭ ‬التضامن‭ ‬المالي‭ ‬والعاطفي‭ ‬والسند‭ ‬والدعم‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬الشاب‭ ‬داخل‭ ‬أسرته‭. ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجموعات‭ ‬تساوي‭ ‬درجة‭ ‬العلاقة‭ ‬العائلية‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭. ‬
باختصار،‭ ‬الألتراس‭ ‬هي‭ ‬تعويض‭ ‬عن‭ ‬إحباطات‭ ‬وإخفاقات‭ ‬وتفجير‭ ‬لطاقة‭ ‬شبابية‭ ‬وتحقيق‭ ‬للذات‭ ‬وإحساس‭ ‬بالحماية‭ ‬داخل‭ ‬مجموعة‭ ‬متضامنة‭ ‬متآزرة‭.‬
 
هشام رمرام، صحافي رياضي