شهدت عمليات مكافحة المخدرات، ولا سيما الأقراص المهلوسة، تطورات ملحوظة خلال الفترة الممتدة بين 2016 و2024، حيث تعكس الأرقام المسجلة ديناميكيات متغيرة في أنشطة التهريب والترويج، وكذا فعالية التدخلات الأمنية في الحد من انتشار هذه المواد الخطرة.
وفي توثيقنا للمجهود الأمني الخاص بعمليات حجز هذه الأقراص، نجد أنه في عام 2016 تم تسجيل رقم قياسي بلغ 1.285.194قرصاً مهلوساً، بزيادة ملحوظة عن السنة السابقة، ما يعكس تنامياً في نشاط التهريب والترويج. غير أن سنة 2017 عرفت انخفاضاً نسبياً بحجز 939.424 قرصاً، وهو ما قد يُعزى إلى تكثيف الحملات الأمنية وتعزيز آليات الرصد والتتبع، خاصة بالتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
في المقابل، شهد عام 2018 انتعاشاً كبيراً في حجم المحجوزات، ليصل إلى 1.346.180 قرصاً، بنسبة زيادة بلغت 43% مقارنة بالسنة السابقة، ما يبرز تكيف شبكات التهريب مع المتغيرات الأمنية. واستمر هذا المنحى التصاعدي ليصل إلى 1.407.451 قرصاً في عام 2019، حيث برزت ظاهرة تهريب الإكستازي من أوروبا، مما سلط الضوء على طبيعة التدفقات الجغرافية لهذه المواد المخدرة لاسيما من الحدود الشرقية للمغرب.
إلا أن عام 2020 شكل استثناءً واضحاً، إذ انخفضت الكمية المحجوزة بشكل حاد إلى 476.923 قرصاً، أي بتراجع بلغ 66% مقارنة بعام 2019. قد يرتبط هذا التراجع بتداعيات جائحة كورونا وما فرضته من قيود على التنقلات، ما أدى إلى شلل جزئي في أنشطة التهريب.
مع تخفيف القيود الصحية، سجل عام 2021 عاد منحنى المحجوزات إلى الارتفاع، حيث تم ضبط 1.437.362 قرصاً، ما يمثل زيادة بلغت 201% مقارنة بالسنة السابقة. يعكس هذا الرقم ليس فقط استئناف شبكات التهريب لأنشطتها، بل أيضاً نجاعة الإجراءات الأمنية التي تم تعزيزها خلال هذه الفترة.
وفي عام 2022، استمرت وتيرة التصاعد، إذ بلغت المحجوزات 2.668.473 قرصاً، وهو ما شكل ارتفاعاً مهماً بنسبة 85% مقارنة بعام 2021، ما يدل على تنامي أنشطة التهريب وتوسع دائرة المواد المصادرة لتشمل الإكستازي والكبتاغون والأدوية الطبية المخدرة.
لكن عام 2023 شهد انخفاضاً نسبياً، حيث بلغت الكميات المحجوزة 1.223.774 قرصاً، وهو ما قد يكون ناتجاً عن تشديد المراقبة الحدودية وتكثيف التنسيق الاستخباراتي بين الأجهزة الأمنية المعنية، ما أدى إلى إضعاف بعض شبكات التهريب خاصة تلك النشيطة في الحدود الشرقية.
لكن عام 2023 شهد انخفاضاً نسبياً، حيث بلغت الكميات المحجوزة 1.223.774 قرصاً، وهو ما قد يكون ناتجاً عن تشديد المراقبة الحدودية وتكثيف التنسيق الاستخباراتي بين الأجهزة الأمنية المعنية، ما أدى إلى إضعاف بعض شبكات التهريب خاصة تلك النشيطة في الحدود الشرقية.
أما في عام 2024، فقد عادت الأرقام إلى الارتفاع مع ضبط 1.429.052 قرصاً، من بينها 773.493 قرصاً من الإكستازي. وشهدت هذه السنة أيضاً إحباط محاولات تهريب كميات كبيرة من الأدوية المخدرة المصنعة في آسيا نحو دول أفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما يشير إلى تحول في أنماط التهريب واتساع نطاقه الجغرافي.
تُظهر هذه الأرقام أن مكافحة تهريب الأقراص المهلوسة تبقى معركة مستمرة بين الأجهزة الأمنية وشبكات التهريب كما تعد دليلا صارخا على تحرش الجارة الشرقية بأمن واستقرار المغرب من خلال تسهيل وإغراق مدنه بالحبوب المهلوسة. وهو الوضع الذي تستغله شبكات التهريب التي تلجأ إلى تغيير استراتيجياتها وفقاً للمتغيرات الأمنية واللوجستية. ورغم التراجع المسجل في بعض السنوات، فإن الاتجاه العام يعكس ارتفاعاً متزايداً على المدى الطويل، ما يستدعي تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي، ليس فقط على المستوى الوطني، بل أيضاً على المستوى الإقليمي والدولي، وهو المسعى الذي ترفضه الجزائر، مما يبرز مسؤوليتها في دعم ورعاية وحماية الشبكات الإجرامية.