الجمعة 11 إبريل 2025
اقتصاد

قانون الإضراب.. هل انتهى شهر العسل بين النقابات والحكومة؟

قانون الإضراب.. هل انتهى شهر العسل بين النقابات والحكومة؟ الكونفدرالية الديمقراطية للشغل خاضت مجموعة من الاحتجاجات قبل وبعد المصادقة على قانون الإضراي
"الحكومة تتجه نحو تكريس الاستغلال، وهو ما تفسّره موجة الغلاء."
 "الحكومة قامت بتهميش الحركة النقابية، ورغم خوض مجموعة من الوقفات النضالية، فإنها لم تستجب للرسائل الموجهة إليها."
"لا يجب أن نقبل التراجع عن المكتسبات، فنحن نطالب بمقاربة تنظيمية وليس تقييدية."
 "قانون الإضراب يفرغ دستور 2011 من محتواه الديمقراطي والاجتماعي."
 
هذا ما تؤكده مجموعة من القيادات النقابية في المغرب حاليا، في صراعها الوجودي مع الحكومة.
لم يشهد المغرب توترا بين النقابات والحكومة منذ انتخابات 2021 كالذي عاشه في فبراير 2025، بسبب المصادقة على قانون الإضراب في قراءة ثانية بمجلس النواب. فقد اعتبرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والمنظمة الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وفيدرالية النقابات الديمقراطية، أن تشبث الحكومة بتمرير قانون الإضراب، رغم عدم التوصل إلى اتفاق بشأنه خلال جولات الحوار الاجتماعي، يعدّ خطوة غير محسوبة العواقب. ورأت النقابات أن الحكومة اختارت منهج الاستقواء بأغلبيتها البرلمانية لتمرير القانون، دون الرجوع إلى جلسات الحوار الاجتماعي التي كانت ترفعها شعارا في علاقتها مع النقابات خلال الشهور الأولى من تعيينها. كما أكدت أن الجلسات التي وعدت الحكومة بعقدها في شتنبر وأبريل لم تتم، مما يدل، وفق تعبيرها، على عدم حرص الحكومة على معالجة المشاكل بطريقة ودية عبر الحوار الاجتماعي، الذي يعدّ الوسيلة الأمثل لتجنب الاحتقان الاجتماعي، خاصة في ظل موجة الغلاء التي تثقل كاهل المغاربة منذ مجيء هذه الحكومة، والتي تبررها دائمًا بعوامل داخلية كالجفاف والمضاربين، إضافة إلى العوامل الخارجية كالحرب الروسية الأوكرانية.
 
ويؤكد العديد من المراقبين أن قانون الإضراب كان مجرد القشة التي قسمت ظهر البعير، إذ سبقت للنقابات الأربع أن احتجت في مناسبات متعددة على سياسات الحكومة في عدة ملفات اجتماعية.
 
وإذا كانت النقابات، وعلى رأسها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قد عبرت في مناسبات عديدة عن رفضها لسياسات حكومة أخنوش من خلال الاحتجاجات في الشارع، فإن ما أثار الجدل هو دخول الاتحاد المغربي للشغل على خط المواجهة، والتصريحات التي أدلى بها أمينه العام الميلودي مخارق حول وزير التشغيل، بالإضافة إلى إعلان النقابة مقاطعة جلسات الوزير يونس السكوري. هذا التوتر دفع رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، إلى وصف انسحاب فريق الاتحاد المغربي للشغل من جلسة المصادقة على قانون الإضراب في مجلس المستشارين بـ"الخيانة".
 
طوال الولاية الحكومية الحالية، تبنت نقابة الاتحاد المغربي للشغل نهج التهدئة في تعاملها مع الحكومة، مفضلة عدم المواجهة المباشرة. غير أن قانون الإضراب غيّر الموازين، حيث قررت النقابة الاصطفاف إلى جانب الغاضبين من هذا القانون، وأعلنت عن إضراب لمدة يومين، متجاوزة بذلك مدة الإضراب الذي دعت إليه النقابات الأربع الأخرى يوم 5 فبراير 2025.
 
المثير للاهتمام أن الاتحاد المغربي للشغل اتخذ قرار الإضراب دون أي تنسيق مسبق مع باقي النقابات الغاضبة من قانون الإضراب. كما انسحب فريق النقابة من مجلس المستشارين خلال جلسة التصويت على مشروع القانون يوم الاثنين 3 فبراير 2025، في خطوة اعتبرتها مصادر نقابية رد فعل على محاولات الحكومة تمرير القانون في ظرفية غير مطمئنة.
 
وبالإضافة إلى قانون الإضراب، تثير قضايا أخرى قلق الاتحاد المغربي للشغل، وعلى رأسها ملف إصلاح صندوق التقاعد، فضلا عن عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها المتعلقة بجولات الحوار الاجتماعي، التي كان من المفترض عقدها في شتنبر وأبريل.
 
ويذهب البعض إلى القول بأن انتفاضة الاتحاد المغربي للشغل جاءت متأخرة، وأنه لم يكن لديه تصور واضح لكيفية التعامل مع الحكومة، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان ما حدث بين النقابة والحكومة مجرد "حادث سير"، أم أن شهر العسل بينهما قد انتهى فعليًا.

والسؤال المطروح الآن: هل سيدفع هذا الإضراب الحكومة إلى مراجعة حساباتها، أم أنها ستمضي قدمًا في تمرير القوانين الاجتماعية دون اكتراث بردود فعل النقابات، مستفيدة من أغلبيتها البرلمانية؟
 
في كل الأحوال، فإن تصاعد الغضب النقابي بات واضحا، خاصة مع تنظيم الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مسيرة وطنية في الدار البيضاء يوم 23 فبراير 2025، مما ينبئ بأن التوتر بين النقابات والحكومة قد يكون في طريقه إلى مزيد من التصعيد والتوتر. وهل سيختار المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، التصعيد، أم أنه سيعود إلى الهدوء، بعدما ضمن استمراره على رأس هذه النقابة,