الجمعة 11 إبريل 2025
اقتصاد

عبد المالك بنار: هناك ثلاث آليات للتصدي للوسطاء لحماية المستهلك من "الشناقة"

عبد المالك بنار: هناك ثلاث آليات للتصدي للوسطاء لحماية المستهلك من "الشناقة" عبد المالك بنار، رئيس الائتلاف الوطني لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب
لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬ثمن‭ ‬السردين‭ ‬ثلاثة‭ ‬دراهم‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الجملة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬نقطة‭ ‬الانتقاء،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬ثمنه‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬درهما،‭ ‬ونفس‭ ‬الشيء‭ ‬بالنسبة‭ ‬لباقي‭ ‬الأنواع‭.‬

‬إن‭ ‬تقلب‭ ‬الأسعار‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬يختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬أنواع‭ ‬الأسماك،‭ ‬كالسمك‭ ‬السطحي‭ ‬والسمك‭ ‬الأبيض‭ ‬أو‭ ‬السمك‭ ‬“لونوبل”،‭ ‬بحسب‭ ‬الأنواع‭ ‬والأحجام‭. ‬فكلما‭ ‬ارتفع‭ ‬ثمن‭ ‬المنتوج،‭ ‬قلّ‭ ‬عدد‭ ‬الوسطاء،‭ ‬لأن‭ ‬الشريحة‭ ‬العريضة‭ ‬للمستهلكين‭ ‬تقبل‭ ‬على‭ ‬استهلاك‭ ‬هذا‭ ‬السمك‭ ‬السطحي‭ ‬“الماكرو“‭.‬

لا‭ ‬يكادُ‭ ‬يصدّق‭ ‬عدد‭ ‬الوسطاء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬تبتعد‭ ‬نقطة‭ ‬البيع‭ ‬للمستهلك‭ ‬على‭ ‬نقطة‭ ‬الانتاج‭ ‬“ميناء‭ ‬الصيد“‭. ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى‭ ‬ترتبط‭ ‬ببنية‭ ‬مسالك‭ ‬التسويق،‭ ‬لأن‭ ‬التهريب‭ ‬الممنهج‭ ‬لهذه‭ ‬الأسماك‭ ‬وبيعها‭ ‬خارج‭ ‬المسالك‭ ‬القانونية،‭ ‬أصبح‭ ‬ظاهرة‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬الميناء‭ ‬أكادير،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منها‭ ‬يباع‭ ‬على‭ ‬الرصيف‭ ‬خارج‭ ‬المسالك‭ ‬القانونية‭ ‬مباشرة،‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالبيع‭ ‬غري‭ ‬أغري،‭ ‬يعني‭ ‬دون‭ ‬المرور‭ ‬بسوق‭ ‬الجملة،‭ ‬بتوافق‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المُجهز‭ ‬والسماسرة‭ ‬أو‭ ‬المجهز‭ ‬والبائع‭ ‬بالجملة‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬الباخرة‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى،‭ ‬ونذكر‭ ‬التضليل‭ ‬المتعمد‭ ‬لإنجاز‭ ‬العملية‭ ‬التجارية‭ ‬القانونية‭ ‬طبقا‭ ‬لقانون‭ ‬حرية‭ ‬الأسعار‭ ‬والمنافسة،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الفاتورة‭ ‬مُغيبة‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المجهزين‭ ‬وتجار‭ ‬الأسماك‭ ‬بالميناء،‭ ‬رغم‭ ‬إلزاميتها‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المهنيين‭ ‬طبقا‭ ‬لمقتضيات‭ ‬القانون‭ ‬المذكور،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬انعدام‭ ‬مفهوم‭ ‬الفاتورة‭ ‬بالمعنى‭ ‬القانوني،‭ ‬نظرا‭ ‬لعدم‭ ‬إدراج‭ ‬الترويسة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالباخرة،‭ ‬والثمن‭ ‬الإجمالي‭ ‬وثمن‭ ‬الوحدة‭ ‬والرسوم‭ ‬وغيرها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬هناك‭ ‬وثائق‭ ‬أخرى‭ ‬للمكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للصيد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬الفواتير‭ ‬بالمعنى‭ ‬المحاسباتي‭ ‬والمعنى‭ ‬القانوني‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬منصوص‭ ‬عليه،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالممارسات‭ ‬المقيدة‭ ‬للمنافسة‭ ‬فلا‭ ‬أثر‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬المهنيين‭.‬

‮ ‬لذلك‭ ‬فهذا‭ ‬السلوك‭ ‬يُفوت‭ ‬على‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭ ‬وقيمة‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الأرباح‭ ‬الفعلية‭ ‬المنجزة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬لأنه‭ ‬عندما‭ ‬يصرح‭ ‬رب‭ ‬الباخرة‭ ‬بحمولة‭ ‬أقل‭ ‬في‭ ‬الحجم‭ ‬والنوع،‭ ‬لأن‭ ‬الضريبة‭ ‬تستخلص‭ ‬حسب‭ ‬نوع‭ ‬الأسماك‭ ‬(“نوبل”‭ ‬أو‭ ‬الأبيض‭ ‬أو‭ ‬العادي)،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فنسبة‭ ‬الضريبة‭ ‬تزداد‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬جودة‭ ‬السمك‭ ‬عالية‭ ‬والنوع‭ ‬ممتازا‭.‬‮ ‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬يجعل‭ ‬الدولة‭ ‬يفوت‭ ‬عليها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المداخيل،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬يقترن‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬الكاذب‭ ‬حول‭ ‬حجم‭ ‬ونوع‭ ‬الأسماك‭ ‬المصطادة،‭ ‬لأنه‭ ‬أحياناً،‭ ‬يصرح‭ ‬المهني‭ ‬بصيد‭ ‬عشرة‭ ‬أطنان‭ ‬بدل‭ ‬30‭ ‬طنا،‭ ‬مما‭ ‬يفوت‭ ‬على‭ ‬صندوق‭ ‬الدولة‭ ‬مبالغ‭ ‬مهمة‭ ‬بسبب‭ ‬التحايل‭ ‬في‭ ‬التصريح‭.‬

‮‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬هناك‮ ‬‭ ‬أسباب‭ ‬لوجيستيكية،‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬اللوجيستيكية‭ ‬لأن‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يبدله‭ ‬الباحثون‭ ‬المؤهلون‭ ‬خصوصاً‭ ‬لهذه‭ ‬المهنة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الصلاحيات‭ ‬الموكولة‭ ‬لهم‭ ‬بمقتضى‭ ‬القانون‭ ‬المتعلق‭ ‬بحرية‭ ‬الأسعار‭ ‬والمنافسة،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬يجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬عاجزين‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المسالك‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتسويق‭ ‬الأسماك‭ ‬بأسطول‭ ‬قوي‭ ‬وبمرتفقي‭ ‬ميناء‭ ‬أكادير‭ ‬الذين‭ ‬يتجاوز‭ ‬عددهم‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬مرتفق‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬المهنيين‭ ‬داخل‭ ‬الميناء‭ ‬لممارسة‭ ‬التجارة‭. ‬إذن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬التجارية‭ ‬تستوجب‭ ‬مخطط‭ ‬لوجيستي‭ ‬مهم‭ ‬وإمكانيات‭ ‬لوجيستية‭ ‬للمصالح‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭.‬‮ ‬

تختلف‭ ‬الحلول‭ ‬باختلاف‭ ‬القطاعات‭ ‬الاستهلاكية،‭ ‬فعلى‭ ‬مستوى‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬تكمن‭ ‬الحلول‭ ‬الأساسية‭ ‬أولاً‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لظاهرة‭ ‬الوسطاء‭ ‬لأن‭ ‬عددهم‭ ‬الوسطى‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬6‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأنواع‭ ‬الأسماك‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬إقبالا‭ ‬شديدا‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الفترات‭ ‬كشهر‭ ‬رمضان‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬المناسبات‭. ‬إذن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬التطبيق‭ ‬السليم‭ ‬لقانون‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭.‬‮ ‬

من‭ ‬منظورنا،‭ ‬ومن‭ ‬الزاوية‭ ‬التي‭ ‬نرى‭ ‬فيها‭ ‬نحن‭ ‬كمجتمع‭ ‬مدني‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬القوانين‭ ‬الطبيعية‭ ‬المنظمة‭ ‬لمسالك‭ ‬تسويق‭ ‬الأسماك،‭ ‬فيمكن‭ ‬التصدي‭ ‬للوسطاء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفعيل‭ ‬ثلاث‭ ‬آليات‭ ‬أساسية:
‬الآلية‭ ‬الأولى‭:‬ هي‭ ‬الفصل‭ ‬62‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬12-104،‭ ‬خاصة‭ ‬البند‭ ‬الثاني‭ ‬منه،‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬حيازة‭ ‬مدخر‭ ‬من‭ ‬بضائع‭ ‬أو‭ ‬منتوجات‭ ‬ما‭ ‬لأجل‭ ‬البيع‭ ‬لدى‭ ‬أشخاص‭ ‬غير‭ ‬مقيدين‭ ‬في‭ ‬السجل‭ ‬التجاري‭ ‬ادخارا‭ ‬سريا‭. ‬إذا‭ ‬تفعيل‭ ‬مقتضى‭ ‬الفصل‭ ‬62‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬جدير‭ ‬بأن‭ ‬يؤخذ‭ ‬به‭ ‬ويُفعل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التصدي‭ ‬للوسطاء‭ ‬وإثبات‭ ‬المخالفات‭ ‬في‭ ‬حقهم‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬منصوص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬المذكورة‭.‬

الآلية‭ ‬الثانية‭:‬ ‬ضرورة‭ ‬محاربة‭ ‬الاحتكار‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬أحياناً‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تجار‭ ‬الأسماك‭ ‬بالجملة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إلزام‭ ‬أرباب‭ ‬المراكب‭ ‬باخذ‭ ‬الصناديق‭ ‬بأسمائهم‭ ‬المُرقمة‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬المراكب،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يبين‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اتفاق‭ ‬ضمني‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬بائع‭ ‬الجملة‭ ‬والمُجهز‭ ‬“صاحب‭ ‬القارب“،‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬عند‭ ‬صيد‭ ‬الحمولة‭ ‬سيتم‭ ‬تفريغها‭ ‬في‭ ‬صناديق‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬نفس‭ ‬الاسم‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬هناك‭ ‬اتفاق‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬وهذا‭ ‬يخالف‭ ‬قانون‭ ‬المنافسة،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬هو‭ ‬يعتبر‭ ‬تاجر‭ ‬الجملة‭ ‬محتكر‭ ‬للمركب‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬البيع‭ ‬بمكان‭ ‬آخر،‮ ‬‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬فرب‭ ‬المركب‭ ‬مرتكب‭ ‬لمخالفة‭ ‬عدم‭ ‬المنافسة‭ ‬لكونه‭ ‬قام‭ ‬بتعيين‭ ‬الشخص‭.‬

إذن‭ ‬إذا‭ ‬كيفنا‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء،‭ ‬خصوصا‭ ‬أننا‭ ‬بصدد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬السمك‭ ‬السطحي،‭ ‬ثم‭ ‬هناك‭ ‬التفعيل‭ ‬الضروري‭ ‬للمقتضيات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالفواتير‭ ‬الإلزامية‭ ‬بين‭ ‬المهنيين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضبط‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتعدد‭ ‬الوسطاء،‭ ‬لكون‭ ‬الوسيط‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬تحرير‭ ‬الفاتورة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬صيد‭ ‬الأسماك‮ ‬‭ ‬لعدم‭ ‬توفر‭ ‬السند‭ ‬القانوني‭.‬

الآلية‭ ‬الثالثة‭:‬ تتعلق‭ ‬باقتراح‭ ‬أو‭ ‬توصية‭ ‬أخرى‭ ‬ترتبط‭ ‬أولاً‭ ‬بالاهتمام‭ ‬بجمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬باعتبارها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬نسيج‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الوطني،‭ ‬فالجمعيات‭ ‬أو‭ ‬مكوناتها‭ ‬فهي‭ ‬بمثابة‭ ‬مستهلك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات،‭ ‬لدى‭ ‬ينبغي‭ ‬إعادة‭ ‬الثقة‭ ‬وأواصرها‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬جمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والمستهلكين‭ ‬عبر‭ ‬السلطات‭ ‬العمومية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬تحسيس‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬السلطات‭ ‬العمومية‭ ‬بتعاون‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحكومية‭ ‬الأخرى‭.‬