تنشغل الأوساط السياسية في تركيا في جدل واسع حول القصر الفاره، الذي تم تشييده للرئيس التركي الجديد رجب طيب أردوغان بعدَ فوزه في انتخابات تركيا الأخيرة وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "الإندبندنت"، متفوقا على القصر الملكي البريطاني "باكنغهام بالاس" في لندن، وأيضا على قصر الإليزيه في باريس، إذ يتكون من ألف غرفة فارهة وتتجاوز تكلفته 600 مليون دولار.
ويبلغُ حجم القصر الرئاسي الجديد، الذي كانَ في الأصل مخصّصاً لإقامة رئيس الوزراء وافتتح الأسبوع الماضي، أربعة أمثال قصر "فرساي" الفرنسي الشهير وأكبر من البيت الأبيض 30 مرة.
وتم بناء هذا القصر على مساحة 289 ألف متر مربع بتكلفة 615 مليون دولار من خزينة الدولة مقارنةً بالتقديرات السابقة للتكلفة التي بلغت 135 مليون دولار، وفقًا لما ذكرته وكالة "الأناضول" الإخبارية الرسمية على لسان وزير المالي محمد شيمشك، وتم إعادة تجهيزه بناءً على مواصفات تصميمات اقترحها أردوغان، حيث تم حتى الآن إنفاق 964 مليون ليرة في المشروع الذي كانت التقديرات السابقة تشير إلى أنه سيتكلف 350 مليون دولار فقط، أي أن التكلفة النهائية ستصل إلى ضعف المقرر سلفاً لهذه الغاية.
وقالت جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية إن القصر الرئاسي لأردوغان تم بناؤه على أراضي غابات خضراء محمية، بما يشكل مخالفة للقوانين في تركيا، وهو ما دفع المنتقدين إلى اعتبار أن أردوغان يعمل على تأسيس قوة استبدادية في تركيا.
ونقلت الصحيفة عن قيادي في المعارضة التركية قوله إن "أردوغان يبني لنفسه في البلاد سلطاناً، بينما يوجد ثلاثة ملايين مواطن تركي عاطلين عن العمل"، وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كاليغدار أوغلو مخاطباً الرئيس أردوغان: "أنت تقطع مئات الأشجار من أجل أن تبني قصراً لنفسك".
وتم افتتاح القصر الرئاسي الفاره في تركيا الشهر الماضي متضمناً تقاليد العمارة التركية التقليدية، بما في ذلك العمارة العثمانية والسلجوقية.
وقال الكاتب الصحافي ميميت يلماظ في عموده بإحدى الصحف اليومية التركية: "إنه أفضل مثال على نوعية الدولة، وتحت أي نوع من الإدارة نحن نعيش ما دام قصر أردوغان غير مرخص"، مشيراً إلى أن دافعي الضرائب يريدون معرفة تكلفة الإنشاءات التي تمت في القصر من دون أن تخضع لمناقصة مفتوحة.
وأضاف يلماظ: "الفرق الأساسي بين نظام الحكم الديمقراطي وغير الديمقراطي هو الشفافية فقط"، في إشارة إلى أن شبهات الفساد تشوب عمليات بناء القصر العائد لأردوغان.
ويثير القصر الرئاسي الجديد في تركيا جدلاً واسعاً، حيث يلمح بعض المنتقدين إلى شبهات فساد مالي، بينما ينتقد آخرون إقامته على أراضي زراعية خضراء محمية بما يمثل انتهاكاً للقوانين، وانتهاكاً لقرار قضائي صادر عن إحدى المحاكم في أنقرة.
وإلى جانب القصر الرئاسي الفاره، فإن وزير المالية التركي تحدث أيضاً عن طائرة رئاسية خاصة سيتم شراؤها وتخصيصها لاستخدام أردوغان، وستكلف خزينة الدولة التركية نحو 185 مليون دولار، على أن الطائرة الرئاسية الخاصة الجديدة ستكون من طراز "إيرباص 330-200."
واعتمد رئيس الوزراء على شعبيته الجارفة التي اكتسبها بعد 11 عاماً في هذا المنصب وتمكن من زيادة النمو الاقتصادي السنوي بنسبة 5% من سابقيه، وبعد انتخابه رئيساً في أول اقتراع مباشر، وسع من صلاحياته، واعتبر نفسه بلا معارضة لدرجة إسرافه في بناء وتأثيث القصر الجديد من أموال دافعي الضرائب الأتراك. وذكرت رئيسة غرفة المعماريين في العاصمة التركية تيزكان كاراكوس كاندان أن قصر أردوغان الذي أطلق عليه "القصر الأبيض" يحتوي على ألف غرفة مطعمة بالغرانيت الأخضر ولصقت حوائط دورات المياه بأوراق حريرية، بالإضافة إلى الأشجار الناضجة في فناء القصر والتي تم استيراد الواحدة منها بمبلغ 3750 دولاراً، وماتت بعد ذلك.
ودخل القصر الأبيض موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية بعدما فاقت مساحته قصر سلطان "بروناي" الذي اعتبر الأكبر في العالم عندما اكتمل بناؤه عام 1984 وبلغت تكلفته 442 مليون دولار.
الجدير بالذكر أن أردوغان أقام أول حفل رسمي في القصر الرئاسي الجديد في 29 أكتوبر للاحتفال بيوم الجمهورية السنوي، ولكن على ما يبدو، لم تكتمل تجهيزات المبنى، وبالتالي، لا تزال جميع الفعاليات الرسمية الأخرى تجري في مقر الرئيس السابق.