الأربعاء 15 يناير 2025
خارج الحدود

معسكرات‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬بتندوف.. الجزائر تحتضن أكبر منبت لتفريخ «إرهابيي الغد»

معسكرات‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬بتندوف.. الجزائر تحتضن أكبر منبت لتفريخ «إرهابيي الغد» ‬يتم‭ ‬استغلال‭ ‬الأطفال‭ ‬وإبعادهم‭ ‬عن‭ ‬عائلاتهم‭ ‬قصد‭ ‬تجنيدهم‭ ‬والتأثير‭ ‬عليهم‭ ‬بالإيديولوجيا‭ ‬الشمولية
بينما‭ ‬عملت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمنظمات‭ ‬المدنية‭ ‬الحقوقية‭ ‬الدولية،‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الـ‭ ‬25‭ ‬الماضية،‭ ‬على‭ ‬تكثيف‭ ‬جهودها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحرير‭ ‬170‭ ‬ألف‭ ‬طفل‭ ‬من‭ ‬قبضة‭ ‬الجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المشتعلة،‭  ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬جماعة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬بإسناد‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬العسكر‭ ‬الجزائري،‭ ‬تمارس‭ ‬على‭ ‬الملأ‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬القاصرين،‭ ‬ضاربة‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬بكل‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬الملزمة‭ ‬وغير‭ ‬الملزمة،‭ ‬لا‭ ‬لشيء‭ ‬إلا‭ ‬لبناء‭ ‬"جيش"‭ ‬تغذيه‭ ‬أفكار‭ ‬الكراهية‭ ‬والحقد‭ ‬على‭ ‬المغرب‭. ‬
 
إن‭ ‬جماعة‭ ‬البوليساريو‭ ‬تعلن‭ ‬في‭ ‬بيانات‭ ‬متكررة‭ ‬عن‭ ‬تخريج‭ ‬دفعات‭ ‬من‭ ‬المجندين،‭ ‬وهم‭ ‬«كما‭ ‬تكشف‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬تعممها‭ ‬آلتها‭ ‬الإعلامية»‭ ‬مجرد‭ ‬أطفال‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬13‭ ‬و15 سنة،‭ ‬يرغمون،‭ ‬ضدا‭ ‬عن‭ ‬رغباتهم‭ ‬أو‭ ‬رغبات‭ ‬أوليائهم،‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬السلاح‭ ‬والتمرن‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬الذخيرة‭ ‬الحية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أطباق‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬تتجه‭ ‬كلها‭ ‬صوب‭ ‬الحقد‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬والمغاربة!‭ ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬لعدة‭ ‬تقارير‭ ‬أممية‭ ‬أن‭ ‬حذرت‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬عمليات‭ ‬التجنيد‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف،‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬للمغرب‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬دولية‭ ‬عدة‭ ‬أن‭ ‬فضح‭ ‬«تجنيد‭ ‬الأطفال»‭ ‬بتلك‭ ‬المخيمات،‭ ‬وأدلى‭ ‬بالأدلة‭ ‬التي‭ ‬تثبت‭ ‬ذلك،‭ ‬وقاد‭ ‬حملات‭ ‬الفضح‭ ‬ليضع‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬أمام‭ ‬مسؤولياته‭ ‬لتحرير‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬وإعادتهم‭ ‬إلى‭ ‬طفولتهم،‭ ‬وإلى‭ ‬أسرهم‭ ‬وألعابهم‭ ‬وفصولهم‭ ‬الدراسية‭.‬
 
لقد‭ ‬عمل‭ ‬المغرب،‭ ‬وعيا‭ ‬منه‭ ‬بخطورة‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة‭ ‬الماسة‭ ‬بحقوق‭ ‬الأطفال،‭ ‬على‭ ‬احتضان‭ ‬المركز‭ ‬الدولي‭ ‬للأبحاث‭ ‬حول‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬بمدينة‭ ‬الداخلة‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬مارس‭ ‬2022‭. ‬وذلك‭ ‬إمعانا‭ ‬في‭ ‬فضح‭ ‬هذا‭ ‬الانتهاك‭ ‬الجسيم‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬«البوليساريو»،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي،‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه،‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬ودول‭ ‬الساحل‭.‬
 
وتعد‭ ‬مراكز‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬التي‭ ‬تحتضنها‭ ‬تندوف‭ ‬وترعاها‭ ‬الجزائر;‭ ‬أحد‭ ‬التحديات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬إذ‭ ‬تحرص‭ ‬الجزائر‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬الوصول‭ ‬إليها،‭ ‬وتطويقها‭ ‬بعامل‭ ‬السرية،‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬يقصدها‭ ‬خبراء‭ ‬عسكريون‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬المارقة‭ ‬عبر‭ ‬العالم،‭ ‬لتجهيز‭ ‬«جيش‭ ‬نوعي»‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬تربى‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬السلاح،‭ ‬وعلى‭ ‬الطاعة،‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬له‭ ‬أصل‭ ‬واضح‭ ‬اللهم‭ ‬الولاء‭ ‬الأعمى‭ ‬لزعماء‭ ‬البوليساريو‭ ‬ولكابرانات‭ ‬الجزائر‭. ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬طرحه‭ ‬هنا‭ ‬بكل‭ ‬وضوح:‭ ‬هل‭ ‬تمارس‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬رقابة‭ ‬فعلية‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف؟‭ ‬هل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مهتمة‭ ‬بالفعل‭ ‬بإرغام‭ ‬الجزائر‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬القرارات‭ ‬الأممية‭ ‬الملزمة‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬سواء‭ ‬أتعلق‭ ‬الأمر‭  ‬بطرح‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬أو‭ ‬الدفع‭ ‬باتجاه‭ ‬تطبيق‭ ‬النظام‭ ‬الأساسي‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬أو‭ ‬توجيه‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬مختلف‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬بخصوص‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الجزائرية‭ ‬وتحت‭ ‬أنظار‭ ‬حكامها‭ ‬ومباركتهم؟‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬«تجميع»‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬عسكرية‭  ‬وتجنيدهم‭ ‬و«عسكرة»‭ ‬طفولتهم‭ ‬يشكل‭ ‬جريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وجريمة‭ ‬حرب،‭ ‬وخرقا‭ ‬للحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬للأطفال،‭ ‬وانتهاكا‭ ‬صارخا‭ ‬للقرارات‭ ‬المعتمدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭.‬
 
لقد‭ ‬أسس‭ ‬المغرب‭ ‬المركز‭ ‬الدولي‭ ‬للأبحاث‭ ‬حول‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬لدواعي‭ ‬مختلفة،‭ ‬تتصل‭ ‬كلها‭ ‬بحفظ‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬بعثاته‭ ‬الأممية‭ ‬منذ‭ ‬1960،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬سعيه‭ ‬المؤكد‭ ‬إلى‭ ‬إشاعة‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬أراضيه،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬أراضي‭ ‬الجوار،‭ ‬وفي‭ ‬أراضي‭ ‬امتداده‭ ‬الإفريقي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التزامه‭ ‬بالشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬إذ‭ ‬صادق‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬ماي‭ ‬2002،‭ ‬على‭ ‬البروتوكول‭ ‬الاختياري‭ ‬لاتفاقية‭ ‬حقوق‭ ‬الطفل‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأطفال‭ ‬المجندين،‭ ‬وهو‭ ‬ملتزم‭ ‬بتنفيذ‭ ‬مقتضياتها‭ ‬التزاما‭ ‬كليا‭ ‬وشاملا‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬اعتمد‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬«مبادئ‭ ‬فانكوفر»،‭ ‬بشأن‭ ‬حفظ‭ ‬السلم‭ ‬والوقاية‭ ‬من‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬واستغلالهم،‭ ‬وسبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬أسس‭ ‬سنة‭ ‬1995‭ ‬المرصد‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الطفل،‭ ‬كآلية‭ ‬وطنية‭ ‬لحماية‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬أشكال‭ ‬سوء‭ ‬المعاملة‭ ‬والاستغلال‭ ‬والعنف‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظمة‭.‬
 
مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬لجأت‭ ‬جماعة‭ ‬البوليساريو‭ ‬إلى‭ ‬تجنيد‭  ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬سياق‭  ‬يحكمه‭ ‬نزيف‭ ‬سياسي‭ ‬وديموغرافي‭ ‬وعسكري‭ ‬وديبلوماسي‭ ‬تعيشه‭ ‬الجماعة‭ ‬الانفصالية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬بسط‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭ ‬سيطرتها‭ ‬الشاملة‭ ‬على‭ ‬الساحة،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬الأطفال،‭ ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬والشهادات،‭ ‬هم‭ ‬إما‭ ‬أطفال‭ ‬انتزعوا‭ ‬غصبا‭ ‬من‭ ‬عوائلهم‭ ‬الفقيرة‭ ‬والمعدمة،‭ ‬وإما‭ ‬أطفال‭ ‬مشردون‭ ‬أو‭ ‬متخلى‭ ‬عنهم،‭ ‬وإما‭ ‬أطفال‭ ‬أتوا‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬آفاق‭ ‬أخرى‭ ‬مجاورة‭ ‬أخرى‭ ‬«مالي،‭ ‬النيجر‭.. ‬إلخ»،‭ ‬وإما‭ ‬أطفال‭ ‬ينحدرون‭ ‬من‭ ‬أرحام‭ ‬نساء‭ ‬مغتصبات‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬زعماء‭ ‬البوليساريو‭ ‬وعسكر‭ ‬الجزائر،‭ ‬وإما‭ ‬أطفال‭ ‬أيتام‭ ‬أو‭ ‬مختطفون‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬زعماء‭ ‬البوليساريو‭ ‬يقودون‭ ‬شبكات‭ ‬للاتجار‭ ‬بالبشر‭. ‬ويأتي‭ ‬تجنيد‭ ‬هؤلاء‭ ‬بجمعهم‭ ‬في‭ ‬مراكز،‭ ‬ومحاولة‭ ‬بناء‭ ‬شخصيتهم‭ ‬عسكرية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬«الطاعة‭ ‬العمياء‭ ‬أو‭ ‬الموت»،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتأثير‭ ‬عليهم‭ ‬مدرسيا‭ ‬وشحنهم‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬السلاح‭ ‬والمواجهة‭ ‬الحربية،‭ ‬وحشد‭ ‬رؤوسهم‭ ‬وقلوبهم‭  ‬بقدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الحقد‭ ‬والكراهية،‭ ‬بدعوى‭ ‬أن‭ ‬آباءهم‭ ‬سقطوا‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬الصحراوية‭ ‬الوهمية!‭.‬
 
ولهذا‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬البوليساريو‭  ‬تعمل‭ ‬بدأب‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬حملات‭ ‬تجنيد‭ ‬تحرم‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬حقوقهم‭ ‬الأساسية،‭ ‬وتزج‭ ‬بهم‭ ‬دون‭ ‬رحمة‭ ‬في‭ ‬أتون‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتطرف‭ ‬والاستغلال‭ ‬والتهريب‭ ‬والاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬والعنف‭ ‬الجنسي،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬المغرب،‭ ‬الذي‭ ‬يترأس‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بجنيف،‭ ‬إلى‭  ‬إرساء‭ ‬الأمن‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬وتنسيق‭ ‬جهود‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لتوفير‭ ‬بيئة‭ ‬آمنة‭ ‬للأطفال‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬النزاع‭ ‬بالعالم،‭ ‬وذلك‭ ‬وفق‭ ‬مقاربة‭ ‬مشتركة،‭ ‬عالمية‭ ‬ومحلية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬وأكاديمية‭ ‬وسياسية،‭ ‬ونظرية‭ ‬وتطبيقية،‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬مكافحة‭ ‬جريمة‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬والوقاية‭ ‬منها‭. ‬فهل‭ ‬يصعب‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬المغرب‭ ‬وما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الجزائر‭ ‬التي‭ ‬ترعى‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬فوق‭ ‬أراضيها؟
 
لا‭ ‬يطالب‭ ‬المغرب‭ ‬إلا‭ ‬بتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬ولا‭ ‬يسعى‭ ‬سوى‭ ‬إلى‭ ‬تحرير‭ ‬هؤلاء‭ ‬الرهائن‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مغتصبيهم،‭ ‬ولا‭ ‬يعمل‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬إجل‭ ‬إنهاء‭ ‬غسيل‭ ‬الدماغ‭ ‬الذي‭ ‬يتعرضون‭ ‬له‭. ‬وهذا‭  ‬ما‭ ‬يستوجب‭ ‬تدخلا‭ ‬أمميا‭ ‬عاجلا‭ ‬وصارما‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الجزائر،‭ ‬بما‭ ‬يحفظ‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬الهشاشة،‭  ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬تقارير‭ ‬دولية‭ ‬حول‭ ‬المساعدات‭ ‬الأممية‭ ‬المقدمة‭ ‬للرهائن‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬لدى‭ ‬الساكنة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الأطفال،‭ ‬‭ ‬وإذا‭ ‬أضفنا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬العسكرة‭ ‬والتسرب‭ ‬الدراسي‭ ‬والحقد‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فإننا‭ ‬نكون‭ ‬أمام‭ ‬قنبلة‭ ‬موقوتة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬من‭ ‬العسكريين‭ ‬الحقودين‭ ‬والمتطرفين‭.‬
 
ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬زعماء‭ ‬البوليساريو‭ ‬من‭ ‬انتهاك‭ ‬منظم‭ ‬لحقوق‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬التجنيد‭ ‬يستدعي‭ ‬إحصاء‭ ‬ساكنة‭ ‬المخيمات‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الاستعجال،‭ ‬ومواجهة‭ ‬كل‭ ‬ممانعة‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬عليها،‭ ‬كما‭ ‬يفرض‭ ‬بناء‭ ‬لوبي‭ ‬إعلامي‭ ‬دولي‭ ‬قوي‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬شنقريحة‭ ‬وتبون،‭ ‬وجرهما‭ ‬إلى‭ ‬القضية‭ ‬بوصفهما‭ ‬راعيين‭ ‬لها،‭ ‬وذلك‭ ‬كخطوة‭ ‬أولية‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تهدد‭ ‬أمن‭ ‬المغرب‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬تهدد‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وقد‭ ‬تتحول‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬إلى‭ ‬شوكة‭ ‬في‭ ‬حلق‭ ‬صانعها‭ ‬وممولها‭ ‬وراعيها‭ ‬بالمال‭ ‬والسلاح‭. ‬
 
إن‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬زعماء‭ ‬البوليساريو‭  ‬حاليا‭ ‬لا‭ ‬يشذ‭ ‬عما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬العصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬والإرهابية‭ ‬الأخرى،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬استغلال‭ ‬الأطفال‭ ‬وإبعادهم‭ ‬عن‭ ‬عائلاتهم‭ ‬قصد‭ ‬تجنيدهم‭ ‬والتأثير‭ ‬عليهم‭ ‬بالإيديولوجيا‭ ‬الشمولية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬سوى‭ ‬الطاعة‭ ‬العمياء‭ ‬للزعيم‭ ‬أو‭ ‬للمافيوزي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬بنت‭ ‬شرعية‭ ‬لمناطق‭ ‬النزاع‭ ‬التي‭ ‬تنشط‭ ‬فيها‭ ‬الجماعات‭ ‬المسلحة،‭ ‬حيث‭ ‬انتقلت‭ ‬نسبتهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬الحارقة‭ ‬من‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬5%‭ ‬سنة‭ ‬1990 (99‭ ‬مليون‭ ‬طفل)‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬14%‭ ‬سنة‭ ‬2020 (337‭ ‬مليون‭ ‬طفل)،‭  ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬يستغلون‭ ‬في‭ ‬75%‭ ‬من‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة‭ ‬عبر‭ ‬العالم،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬460‭ ‬مليون‭ ‬طفل‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬نزاع‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15%‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬جريمة‭ ‬تتطور‭ ‬باستمرار،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بكل‭ ‬جدية،‭ ‬وبشكل‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬التباطؤ‭ ‬أو‭ ‬التساهل‭.‬
الحسن العبدي - سعيد الجيراري
 
                       تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية " الوطن الآن"