وصلت أول دفعة من المهاجرين الذين تم توقيفهم في المياه الإيطالية إلى ألبانيا الثلاثاء 15 أكتوبر 2024، بعد أقل من عام على توقيع اتفاق مثير للجدل بين روما وتيرانا من أجل تقديم طلبات اللجوء في الخارج، في خطوة غير مسبوقة في أوروبا.
ووصلت السفينة ليبرا التابعة للبحرية الإيطالية صباحا الى ميناء شنغجين بشمال ألبانيا وكانت تقل 16 رجلا يتحدرون من مصر وبنغلادش، وعناصر من قوات الأمن الإيطالية ورجالا بلباس أبيض استغرقت رحلتهم أكثر من 36 ساعة.
وأشار صحافيو وكالة فرانس برس إلى أن نحو 15 شخصا كانوا في انتظارهم لدى وصولهم رغم الحظر الشامل على دخول الميناء.
على بعد أمتار من هناك، عند مدخل الميناء، تظاهر ناشطون رافعين لافتة كتب عليها "الحلم الأوروبي يتوقف هنا" وكذلك صورا لرئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ونظيرها الألباني إيدي راما بلباس الشرطة.
بعد نزول الرجال ال16 ومعظمهم شباب بحسب صحافيي وكالة فرانس برس، سيتم تسجيلهم وتصويرهم والتحقق من هوياتهم في هذه الوحدات السكنية الجاهزة التي نصبتها إيطاليا والمحاطة ببوابات عالية وتحرسها قوات الأمن الإيطالية.
سيتم بعد ذلك نقلهم لمسافة 20 كيلومترا إلى مخيم جادير الذي يمكنه استيعاب ما يصل الى 880 شخصا في نفس الوقت.
هناك، سيقيمون في وحدات جاهزة الصنع تبلغ مساحتها 12 مترا مربعا محاطة أيضا بجدران عالية وتخضع للمراقبة عبر الكاميرات ومن قبل قوات الأمن الإيطالية، وسيتمكنون من تقديم طلباتهم للجوء. نصبت عشر شاشات عملاقة في محكمة في روما لإفساح المجال أمام القضاة للاشراف على الجلسات. سيتواصل طالبو اللجوء مع محاميهم عبر الفيديو.
يفترض ان يتم البت بهذه الطلبات في مهلة 28 يوما، والأشخاص الذين ينتظرون قرارا بعد هذه المهلة سيرسلون الى إيطاليا. لكن هذا الفارق في الوقت يبدو من الصعب الالتزام به نظرا لبطء الاجراءات الإدارية الإيطالية.
يتم تخصيص مبنى يضم 144 مكانا لأولئك الذين تم رفض طلبهم والذين يواجهون احتمال إبعادهم. تم بناء سجن في المكان يمكنه استيعاب ما يصل الى 20 شخصا.
كلف بناء المركزين إيطاليا 65 مليون يورو، أي ضعفي الميزانية المقررة. واعتبارا من عام 2025، تقدر كلفة الاتفاق لإيطاليا بحوالى 160 مليون يورو سنويا.
وقالت إيلي شلاين زعيمة أبرز حزب معارض "الحزب الديموقراطي" في مقابلة نشرتها صباح الأربعاء صحيفة كورييري ديلا سيرا إن هذه الملايين "كان يمكن استخدامها في مجال الصحة العامة لخفض لوائح الانتظار، فيما نرميها من النافذة لترحيل مهاجرين مع الدوس على حقوقهم".
النظر في طلبات اللجوء خارج الدولة المعنية، يشكل سابقة في أوروبا وبات ممكنا بموجب اتفاق مثير للجدل وقع في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 بين رئيسة الحكومة الإيطالية اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني ورئيس الوزراء الاشتراكي الألباني إيدي راما بفعل العلاقات التاريخية التي تربط البلدين.
يتعلق الأمر فقط بالذكور البالغين الذين تعترضهم البحرية الإيطالية أو خفر السواحل في منطقة البحث والإنقاذ التي يعملون فيها ضمن المياه الدولية.
وأشادت رئيسة الوزراء الإيطالية الثلاثاء بالاتفاق "الشجاع" وقالت "أظهرت إيطاليا مثالا جيدا من خلال التوقيع على البروتوكول إيطاليا-ألبانيا" متحدثة عن اهتمام الحكومات الفرنسية والألمانية والسويدية والبريطانية بالسياسة الإيطالية لإدارة تدفق المهاجرين.
نددت عدة منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الانسان بالاتفاق ورأت انه ينتهك القواعد الدولية.
وكتبت منظمة "اس او اس هيومانيتي" الثلاثاء ان الاتفاق "ينتهك القانون البحري الدولي وقد يؤدي الى المزيد من تقويض الحقوق الأساسية للاجئين" معتبرة أن هذا الاتفاق "هو استراتيجية جديدة لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي تهدف إلى الاستعانة بمصادر خارجية لإدارة الهجرة وبالتالي إعفاء نفسها من المسؤولية في مجال الحقوق الإنسانية للاجئين".
والاثنين، كتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين التي تتعرض لضغط من عدة دول أعضاء بينها فرنسا وألمانيا "مع دخول البروتوكول بين إيطاليا وألبانيا حيز التنفيذ، سنكون قادرين أيضا على استخلاص العبر من هذه التجربة".