السبت 21 سبتمبر 2024
مجتمع

حمضي: الفنيدق.. اليوسفية.. والحريگ الجماعي.. أية علاقة؟

حمضي: الفنيدق.. اليوسفية.. والحريگ الجماعي.. أية علاقة؟ مشهد "الحريك الجماعي" نحو سبتة المحتلة ومحيط المحطة الطرقية بمدينة اليوسفية
بغض النظر عن الجهة التي وقفت وراء الدعوة إلى تنظيم الهجرة غير النظامية نحو سبتة المحتلة، فذاك من اختصاص الأجهزة الأمنية التي لا محالة ستضع يدها على الكمين، وستختار السياق الذي ستعلن فيه عن تفاصيل اللعب بالنار مع وطن من مكونات رأسماله نعمة الاستقرار.

ما يجب الاشتغال عليه كل من موقعه الخاص، هو لماذا جاء تفاعل الشباب وحتى الأطفال بهذا العدد الهائل مع دعوة ملغومة، ومجهولة المصدر؟ هل ضاق أفق الأمل ومساحة الوطن في وجه شبابه وأطفاله، ولم يبق من خيار أمامهم غير المخاطرة بحياتهم بحثا عن لقمة العيش في القارة العجوز التي ارتفع فيها منسوب الكراهية للأجانب القادمين من شمال أفريقيا وباقي الدول العربية؟ أي تفسير لتزحزح دعامة مقولة " اللهم قطران بلادي ولا عسل بلادات الناس" التي ميزتنا عن غيرنا لقرون؟ ما العمل لإعادة بناء الثقة في مؤسساتنا بعيدا عن البحث عن المشاجب؟

لندع هذا جانبا، وننتقل لتسليط الضوء على واقعة كانت المحطة الطرقية بمدينة اليوسفية مسرحا لها، في علاقة (الواقعة) بالدعوة الملغومة التي انتهت بتدفق المئات من الشباب والأطفال على منطقة الفنيدق بحثا عن عبور نحو الضفة الأخرى عبر سبتة السليبة.

تناقلت شبكات منصات التواصل الاجتماعي " فيديو" تصريحات لمجموعة من الشباب من محيط المحطة الطرقية بمدينة اليوسفية. التصريحات كشف فيها بأنهم كانوا ضمن "الحراكة" الذين توافدوا على مدينة الفنيدق، لكن بعد أن باءت بالفشل محاولات عبورهم لضفة السعادة كما يتوهمون، قامت السلطات بعين المكان (الفنيدق) بتوفير الحافلات التي من المفروض أن تنقلهم إلى مناطقهم. المفاجأة حسب تصريحاتهم الموثقة بالفيديو (تتوفر جريدة "أنفاس بريس" على نسخة منه) سيجدون أنفسهم بمدينة اليوسفية التي لم يسبق للبعض منهم أن سمع بها؟ وأضافوا بأنهم وجدوا أنفسهم مجردين من كل شيء، حتى من هواتفهم التي قد تسمح لهم بإعادة ربط الاتصال بعوائلهم؟ وحدهم شباب اليوسفية تعاطف مع محنتهم فمدوا لهم يد العون.

السؤال الكبير الذي يجب طرحه قبل أي خوض في تفاصيل حارقة هو، هل فعلا تصريحات هؤلاء الشباب التي جاءت بالفيديو المذكور نقلت معاناتهم بعيدا عن النفخ أمام الكاميرا؟ لماذا اختيار مدينة اليوسفية ل "تفريغ" شباب محبط ومشتعل، اعتقد واهما بأنه كان على مرمى حجر من الجنة والعيش الرغيد، فضاعت منهم فرصة العمر؟ لماذا لم يتم إيصالهم لمدنهم وتسليمهم لأسرهم، لربما سلوكا من هذا النوع كان سيشكل مدخلا لإعادة النظر في قرار مغادرة الوطن الذي فعلا قطرانه لا يقاس بعسل باقي دول المعمور؟   

وفي انتظار فتح الجهات المختصة تحقيقا في ما جرى بالمحطة الطرقية لمدينة اليوسفية، وتنوير الرأي العام بكل ملابسات ذلك، فالمطلوب مستقبلا تعامل مختلف الجهات مع هكذا قضايا بمنسوب عال من المسؤولية، بدل صب الزيت على كانون مشتعل.. فبعض التصرفات اللامسؤولة حتى ولو أنها غير مقصودة، تكون فاتورتها غالية على العباد والبلاد..