الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف أعمو: المطلب الوطني الملٌح هو إنجاز مشروع إصلاحي شمولي عام

عبد اللطيف أعمو: المطلب الوطني الملٌح هو إنجاز مشروع إصلاحي شمولي عام عبد اللطيف أعمو
''ومن‭ ‬هنا‭ ‬يظهر‭ ‬أن‭ ‬المطلب‭ ‬الوطني‭ ‬الملحاح‭ ‬هو‭ ‬إنجاز‭ ‬مشروع‭ ‬إصلاحي‭ ‬شمولي‭ ‬عام،‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬ترقيع‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تصمد‭ ‬أمام‭ ‬قوة‭ ‬الدستور‭ ‬وسموه،‭ ‬حاليا‭ ‬ومستقبلا‭.‬''
بعد‭ ‬اطلاعي‭ ‬على‭ ‬الأسئلة‭ ‬الخمسة‭ ‬الواردة‭ ‬علي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبداء‭ ‬الرأي‭ ‬والتحليل‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬تنشيط‭ ‬النقاش‭ ‬الدائر‭ ‬حول‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية‭ ‬الذي‭ ‬صادق‭ ‬عليه‭ ‬مجلس‭ ‬الحكومة‭ ‬مؤخرا،‭ ‬تبين‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬الأسئلة‭ ‬الخمسة‭ ‬متداخلة‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭. ‬
لذلك،‭ ‬سأحاول‭ ‬الإدلاء‭ ‬ببعض‭ ‬الأفكار‭ ‬والآراء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعادة‭ ‬تصنيفها،‭ ‬كالتالي:
 
 
•‭ ‬ملامسة‭ ‬جوانب‭ ‬رغبة‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬دور‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد
إن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬مراجعة‭ ‬قانون‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬الصعب‭ ‬بين‭ ‬شراسة‭ ‬الجريمة‭ ‬وتهديدها‭ ‬لأمن‭ ‬الإنسان‭ ‬وسلامة‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬بدنه‭ ‬وممتلكاته‭. ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬بين‭ ‬حماية‭ ‬الحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬للأفراد‭ ‬كما‭ ‬أقرها‭ ‬دستور‭ ‬المملكة‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحريات‭ ‬الأشخاص‭.‬
 
ونظرا‭ ‬لأهمية‭ ‬الموضوع،‭ ‬ولكونه‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬له‭ ‬ارتباط‭ ‬بالثوابت‭ ‬الأساسية‭ ‬ويدخل‭ ‬ضمن‭ ‬القوانين‭ ‬المهيكلة‭ ‬للفرد‭ ‬والمجتمع‭. ‬مما‭ ‬جعله‭ ‬محل‭ ‬اهتمام‭ ‬ومثار‭ ‬انتباه‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬وبالخصوص‭ ‬الفاعلين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬وجعل‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المكونة‭ ‬للمشروع‭ ‬مثار‭ ‬تساؤلات‭ ‬متعددة،‭ ‬وبالخصوص‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الحقوقي،‭ ‬ومن‭ ‬جملتها‭ ‬ما‭ ‬اعتبرته‭ ‬مقيدا‭ ‬لحق‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬تتبع‭ ‬جرائم‭ ‬الفساد،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬جرائم‭ ‬نهب‭ ‬المال‭ ‬العام،‭ ‬حيث‭ ‬أضافت‭ ‬المادة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬المشروع‭ ‬"تبليغ‭ ‬دعوى‭ ‬عمومية‭ ‬أقيمت‭ ‬يكون‭ ‬موضوعها‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬موظفين‭ ‬بمناسبة‭ ‬ممارستهم‭ ‬لمهامهم‭ ‬إلى‭ ‬الوكيل‭ ‬القضائي‭ ‬للمملكة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬“لا‭ ‬يمكن‭ ‬إجراء‭ ‬الأبحاث‭ ‬وإقامة‭ ‬الدعوى‭ ‬العمومية‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬الجرائم‭ ‬الماسة‭ ‬بالمال‭ ‬العام،‭ ‬إلا‭ ‬بطلب‭ ‬من‭ ‬الوكيل‭ ‬العام‭ ‬للملك‭ ‬(المدعي‭ ‬العام)‭ ‬لدى‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬بصفته‭ ‬رئيساً‭ ‬للنيابة‭ ‬العامة،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬إحالة‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات،‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬مشفوع‭ ‬بتقرير‭ ‬من‭ ‬المفتشية‭ ‬العامة‭ ‬للمالية‭ ‬أو‭ ‬المفتشية‭ ‬العامة‭ ‬للإدارة‭ ‬الترابية‭ ‬أو‭ ‬المفتشيات‭ ‬العامة‭ ‬للوزارات‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الإدارات‭ ‬المعنية،‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬إحالة‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للنزاهة‭ ‬والوقاية‭ ‬من‭ ‬الرشوة‭ ‬ومحاربتها‭ ‬أو‭ ‬كل‭ ‬هيئة‭ ‬يمنحها‭ ‬القانون‭ ‬صراحة‭ ‬ذلك”‭  ‬ليتبين‭ ‬أن‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬هاته‭ ‬الإضافة‭ ‬هو‭ ‬التضييق‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وإضافة‭ ‬الثقل‭ ‬على‭ ‬كاهل‭ ‬الأفراد‭ ‬بغاية‭ ‬إخضاعهم‭ ‬لسمو‭ ‬فعل‭ ‬السلطة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المواطن‭ ‬وحريته‭ ‬وحقه‭ ‬في‭ ‬إبداء‭ ‬رأيه‭ ‬تجاه‭ ‬أعوان‭ ‬السلطة‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬وجوب‭ ‬التبليغ‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬دعوى‭ ‬عمومية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالاعتداء‭ ‬على‭ ‬موظف‭ ‬عمومي‭ ‬أثناء‭ ‬ممارسته‭ ‬لمهامه‭.‬
 
مما‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬التعالي‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬وتقييد‭ ‬حريته،‭ ‬ويقوي‭ ‬من‭ ‬المركز‭ ‬القانوني‭ ‬للسلطة،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬تصرفات‭ ‬قد‭ ‬تخالف‭ ‬القانون،‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬التخويف‭ ‬وتهديد‭ ‬المواطن‭ ‬بصفة‭ ‬الوظيفة‭ ‬التي‭ ‬يحملونها‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يساير‭ ‬حق‭ ‬المواطنة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإضافة‭ ‬تستهدف‭ ‬تقييد‭ ‬دور‭ ‬جمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬ومطاردته‭ ‬بجميع‭ ‬أشكاله،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التبليغ‭ ‬والوشاية‭ ‬الصادقة‭.‬
 
وتظهر‭ ‬جليا‭ ‬خلفية‭ ‬صفة‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭  ‬التي‭ ‬وسع‭ ‬المشرع‭ ‬الجنائي‭ ‬في‭ ‬تعريفها،‭ ‬لتشمل‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬كيفما‭ ‬كانت‭ ‬صفته‭ ‬يعهد‭ ‬إليه‭ ‬بمباشرة‭  ‬وظيفة‭ ‬أو‭ ‬مهمة‭ ‬ولو‭ ‬مؤقتة‭ ‬أو‭ ‬بدون‭ ‬أجر‭ ‬يساهم‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الدولة‭ ‬(الفصل‭ ‬224‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي)‭ ‬ليتجلى‭ ‬بوضوح‭ ‬عدم‭ ‬ملائمة‭ ‬الإضافة‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬مع‭ ‬أحكام‭ ‬الدستور‭.‬
 
ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬فإن‭ ‬الإضافة‭ ‬الأخرى‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬3‭ ‬من‭ ‬المشروع‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬هيئات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬التظلمات‭ ‬والشكايات‭ ‬والوشايات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بجرائم‭ ‬الأموال‭ ‬إلى‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬(الوكيل‭ ‬العام‭ ‬لدى‭ ‬محكمة‭ ‬النقض)‭ ‬ومطالبته‭ ‬بفتح‭ ‬بحث‭ ‬قضائي‭ ‬وتحريك‭ ‬المتابعة‭ ‬والتضييق‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬المتعلق‭ ‬بمصادر‭ ‬الخبر‭ ‬والوشايات‭ ‬وحصره‭ ‬في‭ ‬الإحالة‭ ‬التي‭ ‬ترد‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬أو‭ ‬بطلب‭ ‬من‭ ‬المفتشيات‭ ‬العامة‭  ‬للمالية‭ ‬أو‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الترابية،‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬إحالة‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للنزاهة‭ ‬والوقاية‭ ‬من‭ ‬الرشوة‭ ‬ومحاربتها‭ ‬أو‭ ‬كل‭ ‬هيئة‭ ‬يمنحها‭ ‬القانون‭ ‬صراحة‭ ‬ذلك‭ ... ‬في‭ ‬حين‭ ‬يعتبر‭  ‬حق‭ ‬المشتكي‭ ‬ورفع‭ ‬التظلم‭ ‬أو‭ ‬الوشاية‭ ‬أو‭ ‬الخبر‭ ‬عن‭ ‬وقوع‭  ‬الجريمة‭ ‬حقا‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬المواطن،‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬أنه‭ ‬يمارسه‭ ‬تحت‭ ‬مسؤوليته‭ ‬ويتعرض‭ ‬للعقاب‭ ‬إذا‭ ‬ظهر‭ ‬عدم‭ ‬صحة‭ ‬شكايته‭. ‬
 
فما‭ ‬المانع،‭ ‬والحالة‭ ‬هاته،‭ ‬من‭ ‬تفعيل‭ ‬حق‭ ‬الملائمة‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬بجميع‭ ‬مستوياتها‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬موضوع‭ ‬الشكاية‭ ‬وخطورتها‭ ‬وأهميتها‭ ‬والإجراءات‭ ‬الملائمة‭ ‬لمعالجتها،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الحفظ‭ ‬أو‭ ‬الأمر‭ ‬بإجراء‭ ‬البحث‭.‬
 
لقد‭ ‬قررت‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بجمعية‭ ‬أنتكور‭ ‬ANTICOR‭ ‬في‭ ‬قرارها‭ ‬عدد‭ ‬22.83.689‭ ‬بتاريخ‭ ‬13‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬منح‭ ‬الأحقية‭ ‬الدستورية‭ ‬لجمعية‭ ‬أكور‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬الدعوى‭ ‬كمطالبة‭ ‬بالحق‭ ‬المدني‭ ‬ضد‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬أوشت‭ ‬بأنها‭ ‬انتهكت‭ ‬الأموال‭ ‬العمومية‭ ‬وخرجت‭ ‬عن‭ ‬ضوابط‭ ‬التقاضي‭. ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬أقرت‭ ‬لها‭ ‬بذلك‭ ‬الحق‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬قرار‭ ‬قضائي‭ ‬سابق‭ ‬أشارت‭ ‬فيه‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬وفقا‭ ‬للفصل‭ ‬2-23‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية‭ ‬بالسماح‭ ‬فقط‭ ‬للجمعيات‭ ‬المعتمدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬برفع‭ ‬دعوى‭ ‬مدنية‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭. ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬جمعية‭ ‬أنتيكور‭ ‬تجديد‭ ‬الترخيص‭ ‬الممنوح‭ ‬لها‭ ‬بمرسوم‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬الأول‭ ‬مؤرخ‭ ‬في‭ ‬2‭ ‬أبريل‭ ‬2021،‭ ‬والذي‭ ‬ألغي‭ ‬بأثر‭ ‬رجعي‭ ‬بحكم‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬المحكمة‭ ‬الإدارية‭ ‬بباريس‭ ‬مؤرخ‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬يونيو‭ ‬.2023‭‬
 
وكيف‭ ‬لنا‭ ‬بحالة‭ ‬المغرب‭ ‬الذي‭ ‬يشق‭ ‬طريقه‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬إصلاحي‭ ‬ضخم‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬التحديث‭ ‬ودعم‭ ‬الحريات‭ ‬وتحقيق‭ ‬مبادئ‭ ‬المحاكمة‭ ‬العادلة‭  ‬وتبسيط‭ ‬وتفعيل‭ ‬كل‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الإنصاف‭ ‬وتحقيق‭ ‬المحاكمة‭ ‬العادلة‭.‬
 
ويحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الانحراف‭ ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬تعارضا‭ ‬مع‭ ‬مبادئ‭ ‬الدستور‭ ‬وعرقلة‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬وتحييد‭ ‬تطبيق‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬القانونية‭ ‬الملازمة‭ ‬كالقانون‭ ‬رقم‭ ‬10-37‭ ‬المتعلق‭ ‬بحماية‭ ‬المبلغين‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الفساد‭ ‬واتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭. ‬وفيه‭ ‬تقليص‭ ‬لمهام‭ ‬ودور‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬والشرطة‭ ‬القضائية،‭ ‬وتوسيع‭ ‬الهوة‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬فيما‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتصدي‭ ‬لمخالفات‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي،‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬كون‭ ‬هذه‭ ‬الإضافة‭ ‬لن‭ ‬تنسجم‭ ‬ولن‭ ‬تجد‭ ‬مكانها‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬السياسة‭ ‬الجنائية‭ ‬في‭ ‬التطبيق‭ ‬أمام‭ ‬التطور‭ ‬السريع‭ ‬الذي‭ ‬يعرفه‭ ‬المجتمع‭.‬
 
أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التعديلات‭ ‬التي‭ ‬ترد‭ ‬على‭ ‬القوانين‭ ‬القائمة‭ ‬قد‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬-‭ ‬حسب‭ ‬التجربة‭ ‬–‭ ‬مخاطر‭ ‬تنحى‭ ‬نحو‭ ‬تجريد‭ ‬المجتمع،‭ ‬أفرادا‭ ‬وجماعات‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الوسائل‭ ‬السلمية‭ ‬للتصدي‭ ‬للفساد‭ ‬ونهب‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬وتفعيل‭ ‬مبدإ‭ ‬ربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الدستور،‭ ‬وإفراغ‭ ‬الحقل‭ ‬الحقوقي‭ ‬والمدني‭ ‬من‭ ‬محتواه‭.‬
 
•‭ ‬تعدد‭ ‬أدوات‭ ‬وآليات‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد،‭ ‬ومحاولة‭ ‬إفراغ‭ ‬التشريع‭ ‬
من‭ ‬محتواه 
يعتبر‭ ‬قانون‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية‭ ‬الوعاء‭ ‬القانوني‭ ‬لممارسة‭ ‬الحريات‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية،‭ ‬فأثبتت‭ ‬التجربة‭ ‬والظروف‭ ‬المعقدة‭ ‬التي‭ ‬عاشتها‭ ‬أوضاع‭ ‬الحريات‭ ‬في‭ ‬الحقبة‭ ‬السابقة‭ ‬لصدور‭ ‬ظهير‭ ‬3‭ ‬أكتوبر‭ ‬2002‭ ‬المتعلق‭ ‬بالمسطرة‭ ‬الجنائية،‭ ‬والذي‭ ‬جاء‭ ‬ليلغي‭ ‬صراحة‭ ‬مقتضيات‭ ‬ظهير‭ ‬فبراير‭ ‬1959‭ ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية‭ ‬وظهير‭ ‬28‭ ‬شتنبر‭ ‬1974‭ ‬المتعلق‭ ‬بالإجراءات‭ ‬الانتقالية‭ . ‬فتم‭ ‬بذلك‭ ‬قلب‭ ‬صفحة‭ ‬الماضي‭ ‬للتوجه‭ ‬بثقة‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل،‭ ‬يسمح‭ ‬بنمو‭ ‬هادئ‭ ‬لمجتمع‭ ‬يطمح‭ ‬للتناغم‭ ‬وتعاقب‭ ‬الأجيال‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬تحكمها‭ ‬المبادئ‭ ‬والقوانين‭ ‬التي‭ ‬تهتم‭ ‬بوضع‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬المعادلة‭ ‬التنموية،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬مرجعية‭ ‬كونية‭ ‬قوامها‭ ‬مبادئ‭ ‬الحرية‭ ‬والعدل‭ ‬والإنصاف‭.‬
وقبل‭ ‬صدور‭ ‬هذا‭ ‬القانون،‭ ‬عرف‭ ‬المغرب‭ ‬مخاضا‭ ‬داخليا‭ ‬توج‭ ‬بتصالح‭ ‬ذاتي‭ ‬عميق‭ ‬وفعال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مسار‭ ‬العدالة‭ ‬الانتقالية‭ ‬الذي‭ ‬شخصته‭ ‬توصيات‭ ‬هيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة،‭ ‬بجانب‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬الهيئات‭ ‬الحقوقية‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وكافة‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع،‭ ‬ليتم‭ ‬تتويج‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بصدور‭ ‬دستور‭ ‬يوليوز‭ ‬2011‭ ‬الذي‭ ‬فتح‭ ‬ورشا‭ ‬كبيرا‭ ‬لتنزيل‭ ‬أحكامه‭ ‬وتفعيل‭ ‬مقتضياته،‭ ‬ليبقى‭ ‬التنزيل‭ ‬الفعلي‭ ‬موكولا‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬النخب‭ ‬الوطنية‭.‬
 
في‭ ‬خضم‭  ‬هذا‭ ‬المسار،‭ ‬صدر‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية‭ ‬الذي‭ ‬أصبحت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مقتضياته‭ ‬تتطلب‭ ‬التدقيق‭ ‬والإصلاح‭ ‬والمراجعة‭. ‬لذلك،‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬المشروع‭ ‬الضخم‭ ‬للمراجعة‭ ‬والتحديث‭ ‬والتطوير،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬متطلبات‭ ‬الميثاق‭ ‬الوطني‭ ‬حول‭ ‬إصلاح‭ ‬منظومة‭ ‬العدالة‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬موضوع‭ ‬حوار‭ ‬وطني‭ ‬عميق‭ ‬وشامل‭ ‬حول‭ ‬العدالة‭.‬

وكان‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬مراجعة‭ ‬هذا‭ ‬الوعاء‭ ‬وتحيينه‭ ‬وتوسيعه‭ ‬وتقويته‭ ‬وتعزيزه‭ ‬بالمبادئ‭ ‬الدستورية‭ ‬والحقوق‭ ‬المكتسبة،‭ ‬وجعله‭ ‬يتلائم‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬الملموس‭.‬
 
وهذا‭ ‬ما‭ ‬تنبه‭ ‬إليه‭ ‬المشرع‭ ‬الدستوري،‭ ‬عندما‭ ‬أحدث‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬وأدوات‭ ‬الحكامة‭ ‬وهيئات‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والنهوض‭ ‬بها،‭ ‬ومن‭ ‬جملتها‭ ‬المجلس‭ ‬الاستشاري‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للنزاهة‭ ‬والوقاية‭ ‬من‭ ‬الرشوة‭ ‬ومحاربتها‭ ‬والهيئات‭ ‬المكلفة‭ ‬بالنهوض‭ ‬بالتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬و‭ ‬المستدامة‭ ‬و‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التشاركية‭. ‬مما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدستور‭ ‬قد‭ ‬استحضر‭ ‬خطورة‭ ‬تفشي‭ ‬ظاهرة‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬دواليب‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة،‭ ‬والتي‭ ‬تستدعي‭ ‬المحاصرة‭ ‬والتصدي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الوسائل‭ ‬المتنوعة،‭ ‬المجتمعية‭ ‬منها‭ ‬والبيداغوجية‭ ‬والقانونية‭ ‬والإعلامية‭ ‬والقضائية‭ ‬كذلك‭.‬
 
والملاحظ،‭ ‬أن‭ ‬بطء‭ ‬تنزيل‭ ‬وتفعيل‭ ‬هذه‭ ‬الآليات،‭ ‬والذي‭ ‬يستمر‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬من‭ ‬نتائجه،‭ ‬انتعاش‭ ‬ظاهرة‭ ‬الفساد‭ ‬واستفحالها‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اعتقادا‭ ‬بأن‭ ‬قوتها‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬القانون،‭ ‬وحتى‭ ‬الدستور‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يوحي‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬إرادة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إفراغ‭ ‬الدستور‭ ‬من‭ ‬محتواه‭ ‬وعرقلة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهدافه‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرسخه‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬رغبة‭ ‬الحكومة،‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية،‭ ‬في‭ ‬إقصاء‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمكافحة‭ ‬ومناهضة‭ ‬جرائم‭ ‬الفساد،‭ ‬وخصوصا‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭ ‬الذي‭ ‬يتسرب‭ ‬إلى‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الشكاوي‭ ‬وتتبعها‭ ‬والتصدي‭ ‬لجميع‭ ‬جرائم‭  ‬الفساد،‭ ‬في‭ ‬غفلة‭ ‬تامة‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬دور‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬المراقبة‭ ‬والمحاسبة،‭ ‬ودور‭ ‬المواطن‭ ‬نفسه،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وظيفة‭ ‬تربوية‭ ‬مندمجة‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬تحديث‭ ‬المجتمع‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬المواطنة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬النبوغ‭ ‬والإبداع‭ ‬والقوة‭ ‬الخارقة‭.‬

فالدستور‭ ‬هو‭ ‬ميثاق‭ ‬وترابط‭ ‬بين‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬حقوق‭ ‬الأفراد‭ ‬والجماعات‭ ‬وموقع‭ ‬السلطة‭ ‬التي‭ ‬تسمو‭ ‬بالمجتمع‭. ‬ومن‭ ‬جملة‭ ‬وظائف‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة،‭ ‬ضبط‭ ‬الإختلالات‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬النمو‭ ‬والتطور‭ ‬وتعرقل‭ ‬نهوض‭ ‬المجتمع‭.‬
 
فنظام‭ ‬الحكامة‭ ‬الجيدة‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المثلى،‭ ‬من‭ ‬جملتها‭ ‬توفير‭ ‬شروط‭ ‬المسائلة‭ ‬والشفافية‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقها‭ ‬إلا‭ ‬بمشاركة‭ ‬المعنيين‭ ‬بالأمر،‭ ‬وهم‭ ‬بالأساس‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬هيئات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬خلاياه‭ ‬التنظيمية،‭ ‬بجانب‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬والنقابات‭ ‬والهيئات‭ ‬التمثيلية‭. ‬وتبقى‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬الدولة‭ ‬اعتماد‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬وتحديد‭ ‬الأهداف‭ ‬البعيدة‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وقيادة‭ ‬معركة‭ ‬تحقيقها‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتسنى‭ ‬معه‭ ‬إغفال‭ ‬مظاهر‭ ‬الفساد‭ ‬ومخاطره‭ ‬في‭ ‬عرقلة‭ ‬مسار‭ ‬التنمية‭.‬
 
ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنظور،‭ ‬فإن‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬والرشوة‭ ‬والريع‭ ‬ونهب‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬يعتبر‭ ‬شأنا‭ ‬عاما‭ ‬يهم‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة،‭ ‬ويلعب‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والقوى‭ ‬الحية‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬دورا‭ ‬بارزا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التوعية‭ ‬بخطورة‭ ‬الفساد‭.  ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يظهر‭ ‬أن‭ ‬المطلب‭ ‬الوطني‭ ‬الملحاح‭ ‬هو‭ ‬إنجاز‭ ‬مشروع‭ ‬إصلاحي‭ ‬شمولي‭ ‬عام،‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬ترقيع‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تصمد‭ ‬أمام‭ ‬قوة‭ ‬الدستور‭ ‬وسموه،‭ ‬حاليا‭ ‬ومستقبلا‭.‬
 
كما‭ ‬أن‭ ‬التجربة‭ ‬أثبتت‭ ‬تاريخيا،‭ ‬بأن‭ ‬الدولة‭ ‬القوية‭ ‬والطامحة‭ ‬إلى‭ ‬تبوإ‭ ‬مراكز‭ ‬في‭ ‬سلم‭ ‬المؤشرات‭ ‬والترقية‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬التحايل‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬والتلاعب‭ ‬به،‭ ‬بل‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الترتيب‭ ‬والانضباط‭ ‬لسلطة‭ ‬القانون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمجالية‭. ‬أما‭ ‬الفساد‭ ‬فهو‭ ‬ينتهك‭ ‬خصوصية‭ ‬المجتمع‭ ‬وينأى‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬الأنانية‭ ‬والتفرقة‭ ‬والآمساواة‭ ‬ويقوض‭ ‬صرح‭ ‬الدولة‭ ‬القوية‭ ‬المتماسكة‭. ‬مما‭ ‬يجعله‭ ‬ظاهرة‭ ‬ذات‭ ‬تداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬المستقبل‭ ‬و‭ ‬الحرية‭ ‬والكرامة‭ ‬والعدالة‭.‬
 
•‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬له‭ ‬كُلفة‭ ‬وبسببه‭ ‬يضيّع‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬النّمو
إذا‭ ‬سلمنا‭ ‬بتقديرات‭ ‬كُلفة‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬بحوالي‭ ‬5%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬الداخلي‭ ‬الخام،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬50‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬سنويا،‭ ‬وبكلفة‭ ‬الرشوة‭ ‬والفساد‭ ‬في‭ ‬الصفقات‭ ‬العمومية‭ ‬بحوالي‭ ‬27‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المبلغ‭ ‬يعتبر‭ ‬ضخما‭ ‬وخطيرا‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للبلاد‭ ‬ويقوض‭ ‬حاجيات‭ ‬الوطن‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬النمو‭ ‬وتشجيع‭ ‬الاستثمار‭. ‬‭ ‬
 
وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المغرب‭ ‬مصنفا‭ ‬ضمن‭ ‬تقرير‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المتعلق‭ ‬بالتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬123،‭ ‬وتشير‭ ‬آخر‭ ‬الأرقام‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬تراجع‭ ‬في‭ ‬إدراك‭ ‬الفساد‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬بحوالي‭ ‬3‭ ‬مراكز،‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬تقرير‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬فيما‭ ‬يحتل‭ ‬المركز‭ ‬97‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬الشفافية‭ ‬ضمن‭ ‬180‭ ‬دولة،‭ ‬بدرجة‭ ‬38‭ ‬على‭ ‬100،‭ ‬حيث‭ ‬تراجع‭ ‬خمس‭ ‬درجات‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬الشفافية‭ ‬خلال‭ ‬خمسة‭ ‬أعوام‭.‬
 
وكان‭ ‬المغرب‭ ‬قد‭ ‬أطلق‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬بشكل‭ ‬متأخر‭ ‬سنة‭ ‬2016،‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬2015‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬2025،‭ ‬بهدف‭ ‬توطيد‭ ‬النزاهة‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬بشكل‭ ‬ملموس،‭ ‬رُصدت‭ ‬لها‭ ‬ميزانية‭ ‬ضخمة‭ ‬تقدر‭ ‬بحوالي 1,8 مليار‭ ‬درهم‭.‬
 
إن‭ ‬استمرار‭ ‬الفساد‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬توسيع‭ ‬التفاوتات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتبديد‭ ‬الموارد‭ ‬وإعاقة‭ ‬التنمية‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انتبه‭ ‬إليه‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الجديد،‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬وإحداث‭ ‬قطيعة‭ ‬مع‭ ‬الامتيازات‭ ‬هدفاً‭ ‬محورياً‭ ‬له،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬ربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة،‭ ‬خصوصا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الكلفة‭ ‬المرتفعة‭ ‬للرشوة،‭ ‬التي‭ ‬تقدر‭ ‬بخمسة‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭.‬‮ ‬‭ ‬
 
أمام‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية‭ ‬يبقى‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬أن‭ ‬يتساءل‭ ‬ما‭ ‬معنى‭ ‬وجدوى‭ ‬التشويهات‭ ‬التي‭ ‬أتت‭ ‬بها‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الغرض‭ ‬منها‭ ‬هو‭ ‬التغطية‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬وتوسيع‭ ‬مجالات‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬المسائلة‭ ‬وترسيخ‭ ‬اللآعقاب‭.‬
 
•‭ ‬المعمار‭ ‬الرقابي‭ ‬المؤسساتي‭ ‬وفعالية‭ ‬التّصدّي‭ ‬لكل‭ ‬أشكال‭ ‬الفساد
سبق‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬قلت‭ ‬بأن‭ ‬المطلب‭ ‬الوطني‭ ‬الكبير‭ ‬هو‭ ‬تنزيل‭ ‬مشروع‭ ‬إصلاحي‭ ‬شمولي،‭ ‬ظهرت‭ ‬بوادره‭ ‬في‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬منطلقا‭ ‬لها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ما‭ ‬لبثت‭ ‬أن‭ ‬تناست‭ ‬كل‭ ‬مضامينه،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يذكر‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬الفعلي‭ ‬الحقيقي‭. ‬وأكبر‭ ‬دليل‭ ‬هو‭ ‬مضامين‭ ‬المذكرة‭ ‬التوجيهية‭ ‬للقانون‭ ‬المالي‭ ‬للسنة‭ ‬المقبلة‭.‬
 
فتعدد‭ ‬الآليات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬طمس‭ ‬معالم‭ ‬الطريق‭ ‬وحجب‭ ‬المسالك‭ ‬والمسارات‭ ‬وذر‭ ‬الرماد‭ ‬على‭ ‬العيون‭ ‬وتغطية‭ ‬الشمس‭ ‬بالغربال‭ ‬(كما‭ ‬يقال)‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬يعتبر‭ ‬ضمن‭ ‬مهام‭ ‬مراقبة‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬يضطلع‭ ‬به‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬والمجالس‭ ‬الجهوية‭. ‬فكان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬توسيع‭ ‬صلاحيات‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬وتعزيزها‭ ‬لتشمل‭ ‬الافتحاص‭ ‬والتقصي‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬المالية‭ ‬ومكامنها،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬لديها‭ ‬سلطة‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬الدعوى‭ ‬العمومية،‭ ‬كلما‭ ‬ظهر‭ ‬لها‭ ‬ذلك‭. ‬أما‭ ‬بقية‭ ‬الأدوات‭ ‬من‭ ‬تقارير‭ ‬المفتشيات‭ ‬الحكومية‭ ‬وغيرها،‭ ‬فهي‭ ‬آليات‭ ‬تبقى‭ ‬وسائل‭ ‬للإثبات،‭ ‬بقيمتها‭ ‬النسبية،‭ ‬حيث‭ ‬يرجع‭ ‬تقديرها‭ ‬وتقييمها‭ ‬إلى‭  ‬المحاكم‭ ‬المالية‭. ‬ولا‭ ‬أرى‭ ‬مانعا‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬المنظم‭ ‬للمحاكم‭ ‬المالية،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬إلغاء‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الخاصة‭ ‬وإقامة‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالمحاكم‭ ‬المالية‭ ‬المحدودة‭ ‬العدد‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬ثلاث‭ ‬محاكم‭ ‬استئنافية‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المغرب‭.‬
 
لأن‭ ‬سلطة‭ ‬الرقابة‭ ‬لا‭ ‬تنحصر‭ ‬في‭ ‬التصحيح‭ ‬وإنتاج‭ ‬التوصيات،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالميزانية‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بإصدار‭ ‬قرارات‭ ‬وأحكام‭ ‬تأذيبية‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬النتائج‭ ‬الثابتة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحقيق‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭. ‬فما‭ ‬المانع‭ ‬من‭ ‬تمديد‭ ‬صلاحياتها‭ ‬إلى‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬المشبوهة‭ ‬وفحصها‭.‬
 
وقد‭ ‬يساهم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تحصين‭ ‬حقوق‭ ‬الدفاع‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وتمكين‭ ‬المعنيين‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬رسائل‭ ‬حول‭ ‬إدانتهم‭  ‬أو‭ ‬براءتهم‭. ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تلطيف‭ ‬وتنقية‭ ‬الأجواء‭  ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬فيها‭ ‬حاليا‭ ‬مساطر‭ ‬التحقيق‭ ‬والحكم،‭ ‬وأقل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬عنها‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬منسجمة‭ ‬وتفتقر‭ ‬إلى‭ ‬المنطق‭ ‬السليم‭ ‬ويغلب‭ ‬عليها‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬أو‭ ‬الإدانات‭ ‬الغير‭ ‬المبررة،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬المجالس‭ ‬الجهوية‭ ‬قد‭ ‬اكتسبت‭ ‬تجربة‭ ‬غنية‭ ‬وكبيرة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالمحاسبة‭ ‬العمومية‭ ‬وصرف‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬والتصرف‭ ‬فيه‭. ‬وهي‭ ‬التجربة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتوفر‭ ‬عليها‭ ‬قضاة‭ ‬المحاكم‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولا‭ ‬كل‭ ‬ضباط‭ ‬الشرطة‭ ‬القضائية،‭ ‬لنعود‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لنؤكد‭ ‬بأن‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬الإصلاح‭ ‬الشمولي،‭ ‬وليس‭ ‬الترقيع‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬القانوني‭ ‬المهيكل‭.‬
 
لقد‭ ‬أظهرت‭ ‬طبيعة‭ ‬الفساد‭ ‬المتعددة‭ ‬الأوجه‭ ‬والكثيرة‭ ‬التعقيد‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحلول‭ ‬الفنية‭ ‬والإجرائية‭ ‬هي‭ ‬عوامل‭ ‬تمكينية‭ ‬وتعزيزية،‭ ‬فإنها‭ ‬نادرا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬كافية‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬لاستئصال‭ ‬آفة‭ ‬الفساد‭. ‬وتبقى‭ ‬السلوكيات‭ ‬الفاسدة‭ ‬متجذرة‭ ‬بشدة‭ ‬في‭ ‬الأعراف‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والسياسية‭. ‬وليس‭ ‬غريبا‭ ‬وجود‭ ‬صلات‭ ‬قوية‭ ‬وعلاقات‭ ‬مشبوهة‭ ‬بين‭ ‬السلطة‭ ‬والسياسة‭ ‬والمال‭.‬
 
والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬بأن‭ ‬استفحال‭ ‬ظاهرة‭ ‬الفساد‭ ‬شملت‭ ‬كل‭ ‬القطاعات‭ ‬المؤثرة‭ ‬وكل‭ ‬المجالات‭ ‬الحيوية‭ ‬(سياسة،‭ ‬انتخابات،‭ ‬إعداد‭ ‬النخب،‭ ‬طلبات‭ ‬العروض،‭ ‬التشغيل،‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص،‭ ‬الكفاءات،‭ ‬الإعلام‭ ‬والصحافة،‭ ‬جمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬نفسها،‭ ‬في‭ ‬هيكلتها‭ ‬وفي‭ ‬تحديد‭ ‬برامجها،‭ ...‬)‭ ‬كلها‭ ‬مظاهر‭ ‬واضحة‭ ‬للعيان،‭ ‬ويصعب‭ ‬حصرها‭ ‬وإيجاد‭ ‬حل‭ ‬سحري‭ ‬شامل‭ ‬لها‭.‬
 
وهو‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬إرادة‭ ‬وعزيمة‭ ‬قوية‭ ‬وشجاعة‭ ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التبريرات‭ ‬والتصرفات‭ ‬الظرفية‭ ‬والانتهازية،‭ ‬والتي‭ ‬تتم‭ ‬بدون‭ ‬محاسبة‭ ‬ولا‭ ‬رقابة‭.‬
 
وأكيد‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬ملموس‭ ‬ضد‭ ‬الفساد‭ ‬قد‭ ‬يستغرق‭ ‬وقتا‭ ‬طويلا‭. ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬تحقيق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬والرخاء‭ ‬المشترك‭ ‬رهينا‭ ‬بتعاون‭ ‬الحكومة‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التصدي‭ ‬للفساد‭ ‬وآثاره‭ ‬المدمرة،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬إفساد‭ ‬الديمقراطية‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬زعزعة‭ ‬ثقة‭ ‬الناس‭ ‬وإيمانهم‭ ‬بجدواها‭ ‬وصلاحها‭. ‬
 
إن‭ ‬الرهان‭ ‬الكبير‭ ‬للنموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الجديد‭ ‬هو‭ ‬التأسيس‭ ‬لمشروع‭ ‬يمكن‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬تأسيس‭ ‬منظومة‭ ‬جنائية‭ ‬وطنية‭ ‬فعالة‭ ‬تجعله‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬تعهداته‭ ‬الدولية،‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وتمكنه،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬من‭ ‬تحسين‭ ‬مصداقيته‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬منسوب‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬خطاباته‭ ‬وسياساته،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي‭. ‬
 
وهو‭ ‬ما‭ ‬يقتضي‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬أولى‭ ‬خلق‭ ‬ائتلاف‭ ‬لهيئات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬حول‭ ‬مقياس‭ ‬مرجعي‭ ‬متفق‭ ‬عليه‭ ‬لتقويم‭ ‬تقدم‭ ‬أو‭ ‬تراجع‭ ‬الفساد،‭ ‬وأن‭ ‬تسعى‭ ‬مع‭ ‬الإعلام‭ ‬الحر‭ ‬والنزيه‭ ‬للتشهير‭ ‬المستمر‭ ‬والدائم‭ ‬بأي‭ ‬تقدم‭ ‬للفساد‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وأن‭ ‬تترابط‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الحديثة،‭ ‬وأن‭ ‬تشكل‭ ‬جماعات‭ ‬ضغط‭ ‬فاعلة‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬للتحفيز‭ ‬على‭ ‬التغيير‭ ‬الإيجابي‭.‬
 
 
عبد اللطيف أعمو/حقوقي ونقيب سابق لهيئة المحامين بأكادير وكلميم والعيون