الأحد 24 نوفمبر 2024
اقتصاد

تكلف كل سنة خسارة 600 مليار.. أي دور لعبه البنك الدولي في مواكبة المغرب للحد من الكوارث الطبيعية؟

تكلف كل سنة خسارة 600 مليار.. أي دور لعبه البنك الدولي في مواكبة المغرب للحد من الكوارث الطبيعية؟ شعار البنك الدولي و مشهد من فيضانان طاطا
 
شهد المغرب مطلع شتنبر 2024 سيولا جارفة، وفيضانات رعدية غير مسبوقة، أسفرت عن وفيات، ومفقودين، بالإضافة إلى انهيار المنازل، وخسائر مادية كبيرة، خاصة بشريط مدن وقرى الجنوب الشرقي للمملكة.
 
وبالنظر إلى توالي الكوارث الطبيعية، وتداعيات التغيرات المناخية في المغرب في السنوات الأخيرة، قام البنك الدولي بدعم استراتيجية المغرب، وتعزيز قدرته على الصمود في وجه الكوارث الطبيعية، والتأهب لمجابهتها، والتقليل من حدتها، منذ سنة 2008، إلا أن إسقاطات تلك الاستراتيجيات على أرض الواقع لا زالت تتأرجح بين النجاح، والإخفاق، في محاولات محتشمة للتحدي الحقيقي.
 
وفي هذا السياق، سبق لتقارير بنك الدولي كشف أن المغرب من أكثر البلدان تعرضا للمخاطر الجيولوجية، والمتعلقة بالمناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهو معرض على وجه الخصوص بشدة للزلازل والفيضانات، والانهيارات الأرضية وموجات الجفاف.
 
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الكوارث تكلف المغرب أكثر من 575 مليون دولار سنوياً، وبالتالي وبدعم من البنك الدولي، أكدت المؤسسة المالية أن المغرب اتخذ خطوات ملموسة من خلال التحول التدريجي من نهج ما بعد الكوارث الذي يركز على الاستجابة في حالات الطوارئ، إلى بناء القدرة المسبقة على الصمود، بما في ذلك توسيع نطاق الحد من المخاطر، والتأهب لمواجهة الكوارث، والحماية المالية.
 
 
وعلى مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، ساند البنك الدولي الحكومة المغربية في إجراء تغيير جذري في نظام تدبير مخاطر الكوارث/تمويل التصدي لمخاطر الكوارث، والتحول من أسلوب رد الفعل الذي يركز على الاستجابة اللاحقة لحالات الطوارئ، إلى نهج وقائي مسبق لبناء القدرة على الصمود.
وتشمل النتائج المحققة 5 مجالات رئيسية:
 
 
1- الحد من مخاطر الكوارث:
بين عامي 2016 و 2024، ساند البنك الدولي تمويل وتنفيذ أكثر من 230 مشروعاً للحد من مخاطر الكوارث، بقيمة 304 ملايين دولار، من خلال إعادة تصميم الصندوق المغربي لمكافحة آثار الكوارث الطبيعية، وتحويله من أداة للاستجابة في حالات الطوارئ إلى صندوق وطني لتعزيز القدرة على الصمود. وتشمل هذه المشروعات، على سبيل المثال لا الحصر؛ استثمارات في أنشطة الحماية من الفيضانات، وأنظمة الإنذار المبكر، ورسم خرائط لمخاطر الكوارث. وحتى الآن، استفاد من المشروعات المنجزة نحو 400 ألف شخص بصورة مباشرة، وأكثر من 33 مليون شخص بصورة غير مباشرة في جميع أنحاء المملكة.
 
2-تعزيز القدرات المؤسسية:
في عام 2020، أنشأت الحكومة مديرية جديدة لتدبير مخاطر الكوارث بوزارة الداخلية، وحددت مسؤولياتها بوضوح. وقد زادت القدرات المؤسسية لها تدريجياً ويعمل في المديرية الآن أكثر من 80 موظفا بدوام كامل. وفي عام 2021، اعتمدت الحكومة أول إستراتيجية وطنية لتدبير مخاطر الكوارث (2021-2030). وقد تُرجمت هذه الإستراتيجية إلى خطة عمل ذات أولوية (2021-2023) وخطة عمل تنفيذية (2021-2026) تغطي 18 برنامجاً و57 مشروعاً قيد التنفيذ حاليا (بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، حملات التوعية بالكوارث، ودعم الاستثمارات العمومية والخاصة في مجال الحد من المخاطر، وتدعيم قدرة الشبكات العمومية الحيوية على الصمود).
 
3- الحماية المالية:
في عام 2016، اعتمدت الحكومة نظاماً مبتكراً للتأمين ضد مخاطر الكوارث (القانون رقم 110-14) دخل حيز التنفيذ في يناير 2020. واستحدث هذا القانون خطة تأمين خاصة تغطي أكثر من 17 مليون شخص. واستكمالا لهذا البرنامج، أنشأت الحكومة أيضا صندوقاً للتضامن العام ضد الوقائع الكارثية لتغطية باقي السكان غير المؤمن عليهم، بما في ذلك الأسر الفقيرة والأكثر احتياجا وغير القادرة على تحمل تكاليف التأمين الخاص. ويجري تمويل عمليات واحتياطات هذا الصندوق من خلال فرض رسوم شبه ضريبية على عقود التأمين بخلاف التأمين على الحياة، وقد تم تحصيل أكثر من 90 مليون دولار في السنوات 2020-2023.
 
وفي أعقاب زلزال الحوز الذي وقع في 8 شتنبر 2023، أتاح صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية ما يقرب من 300 مليون دولار لتغطية الخسائر المؤهلة، منها 275 مليون دولار جاءت من وثائق إعادة التأمين السيادية التي تم طرحها في عام 2020 وتم تجديدها في عام 2023.
 
وفي هذا الصدد أوضح عبد الجليل الهافري، رئيس شعبة التأمين والرعاية الاجتماعية في إدارة الخزانة والتمويل الخارجي بوزارة الاقتصاد والمالية، قائلا: " أن مسيرة المغرب نحو اعتماد نهج رسمي لتمويل أنشطة الحد من مخاطر الكوارث في عام 2008، وقطعت شوطا طويلا منذ ذلك الحين، وبدعم من البنك الدولي، أنشأ المغرب برنامجه لتمويل أنشطة الحد من مخاطر الكوارث، من خلال آلية ثنائية بين القطاعين العام والخاص. هذه الآلية تعتمد على الجانب الخاص بشأن توسيع نطاق وثائق التأمين القائمة على الممتلكات والمسئولية لتشمل الحماية من الوقائع الكارثية، وبالتالي تتم تعبئة رأس المال الخاص، ويغطي البرنامج العام أي شخص غير مؤمن عليه في إطار البرنامج الخاص، وبالتالي يضمن ذلك شمول الفقراء والأولى بالرعاية والمعرضين للأخطار وغير القادرين على تحمل تكاليف التأمين الخاص. كما تعتمد هذه الآلية على صندوق التضامن لمواجهة الأحداث الكارثي بوصفه مؤسسة عمومية لتقديم الإغاثة المالية للضحايا المستحقين. وقد أدى إصدار القانون 110-14 في عام 2016 واعتماد الوثائق القانونية التنفيذية له في نهاية عام 2019 إلى وضع الإطار القانوني والمؤسسي لتفعيل هذا النهج المزدوج (الآلية المشتركة) وتحديد أساليب التطبيق بعد وقوع الكوارث. وكان زلزال الحوز أول اختبار واسع شامل لهذه الآلية: فقد استفادت جهود الاستجابة بعد الكارثة من الإرشادات الواردة في الإجراءات القانونية المحددة في القانون 110-14، مما أدى إلى الإعلان القانوني عن وقوع كارثة طبيعية من جانب رئيس الحكومة في أكتوبر 2023 وفتح الطريق لبدء عمليات التسجيل والتعويض".
 
4- التأهب للكوارث:
يعمل نظام الإنذار المبكر ضد مخاطر الفيضانات الذي تم إنشاؤه حديثاً منذ عام 2023 في أربع مناطق تجريبية (المحمدية، والغرب، ووادي أوريكا، وكلميم)، ويستفيد منه بشكل مباشر ما يقدر بنحو 240 ألف شخص. وقد دأب نظام الحماية المدنية على تعزيز موارده البشرية من خلال تحسين برامج التدريب والتعليم وزيادة عدد الموظفين.
 
وأخيرا، تم إعداد مسوّدة توجيه وطني ودليل عملي لتعزيز قدرة البنية التحتية الحيوية والخدمات الأساسية على الصمود، من خلال التعاون بين أكثر من 30 مؤسسة حكومية على مستوى الوزارات.
 
 
5- فهم المخاطر:
في عام 2012، وضع المغرب نموذجا لمخاطر الكوارث، وهو نموذج تقييم الأخطار الطبيعية، وهذا النموذج يسمح بتقدير الآثار الاقتصادية للكوارث (الزلازل والفيضانات والتسونامي والجفاف والانهيارات الأرضية). ومنذ عام 2021، يبذل صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية جهوداً إضافية لإعداد نماذج لتقدير مخاطر الكوارث، وخاصةً التكاليف المالية للزلازل والفيضانات والانهيارات الأرضية. وقامت الحكومة أيضا بإعداد دراسات تشخيصية وإستراتيجيات تجريبية لبناء قدرة المناطق الحضرية في مدن فاس والمحمدية/عين حرودة على الصمود، وهو نهج يمكن تكراره في بلديات أخرى. ويجري حاليا تدعيم مرصد وطني للمخاطر داخل مديرية تدبير مخاطر الكوارث ويعمل بشكل كامل.