الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: الفارق الكبير بين عضوية "البريكس".. وفتح حساب لدى "بنك البريكس"!!

محمد عزيز الوكيلي: الفارق الكبير بين عضوية "البريكس".. وفتح حساب لدى "بنك البريكس"!! محمد عزيز الوكيلي
عقدة الفشل في الالتحاق بمجموعة البريكس، كعضو فاعل وكامل العضوية، لم تتعافَ منها جزائر تبون الجديدة، التي كانت تعوّل على تلك العضوية للتغطية على فشلها المتعدد والمتكرر في كل مجالات السياسة والدبلوماسيا والاقتصاد والثقافة، إقليمياً وجهوياً، وقارياً وعالمياً على السواء.
 
اعتمدت جزائر تبون في رحلاتها المتكررة والمُخفِقة، باتجاه "تآلُف البريكس"، على جنوب إفريقيا وروسيا والهند والبرازيل فخذلتها هذه الدول الصديقة والحليفة بالجملة، بل وجدت الجزائر نفسها أكثر من ذلك عرضة للتشهير من لدن وزير الخارجية الروسي، الذي قال بالواضح والصريح إن البريكس لا يقبل في صفوفه سوى الدول ذات القيمة والوزن والكلمة المسموعة دولياً... فكان بذلك يوجّه ضربة قاضية للسي عبد المجيد، الذي جعل كل من يحومون حوله، وحول زبانيةِ محيطِه العسكري، يعتقدون بأن الانضمام إلى ذلك المنتدى أمر مفروغ منه، وأنه بات في حكم الواقع، وذلك قُبَيْل انعقاد دورته السابقة بأيام معدودة، وخاصة بعد أن عرض السي عبد المجيد على مجموعة البريكس مدّها بمليار ونصف المليار من الدولارات، على سبيل التحفيز أو الرشوة، أو أي شيء من هذا القبيل أو ذاك... ولذلك كانت الصدمة قوية ومدوية، وكادت تكون قاتلة، وربما كانت فعلا كذلك... ولذلك أيضا، لم يستفق منها نظام العجزة في الجزائر إلى غاية يومه... فكيف ذلك!!
 
قبل نحو يومين من زمن الناس هذا، نزل إلى ساحة الإعلام الجزائري، الموجَّه أساساً للاستهلاك الداخلي، ولتنويم وتسطيل شعب في غاية الجهل والأمية السياسية، خبر مقتضب عن قصد، يبشّر بانضمام الجزائر، "أخيرا"، إلى مجموعة البريكس، وذلك من خلال انضمامه إلى المؤسسة البنكية لهذه المجموعة. وبطبيعة الحال، وبكل مكر، وبمنتهى الخديعة المقصودة والمبيَّتة، لم يكلف ناشرو هذا الخبر الملتبس أنفسهم عناء توضيح الفارق الشاسع والصارخ بين أن تكون عضواً في "مجموعة البريكس" للاقتصاد والتنمية من جهة، وأن تنضم من جهة أخرى إلى "بنك التنمية"، التابع للمجموعة ذاتها، كممول أو عميل أو شريك أو صاحب وديعة مالية، لتستفيد من القروض التي يمكن أن يقدمها هذا البنك، تماما كما هو الشأن عند ضخِّ أيِّ دولة لأيّ قدر من المال لدى صندوق النقد او البنك الدولي، لتنضم بذلك إلى قائمة المستفيدين المحتملين من القروض التي يمنحها هذا الأخير لطالبيها، من الدول التي تكون قد فتحت لها حسابا ماليا لدى ذات المؤسسة...
 
الواقع إذَن، أن الجزائر لم تُقِمْ أيَّ علاقة عضوية بمجموعة البريكس، وإنما ضخت مبلغ مليار ونصف مليار دولار في بنك هذه المجموعة، بغية الاستفادة من خدماتها عند الحاجة.
 
والحال أن هذه الخطوة لم تكون محسوبة بهذا الشكل بالذات، وهو عين الواقع، وإنما اتخذها النظام الجزائري ذريعةً للإيحاء لمواطنيه بأنه "نجح أخيرا في الانضمام إلى البريكس نكايةً في الأعداء"، وبذلك يتسنى له أن يغطّيَ من جديد على إخفاقاته السياسية والدبلوماسية المتوالية، إزاء المغرب على الخصوص، ويموّه بالمناسبة على آخر فضيحة له بمنتدى "تيكاد" بطوكيو، ويُلهي الشعب المسطول بالمناسبة أيضا عن الالتفات والانتباه إلى الإخفاق المتوالي في فرض حضور ممثلي "جمهورية الوهم الجزائرية الجنوبية" إلى كل من المنتدى الأندونيسي الإفريقي المنعقد راهنا، ونظيره الصيني الإفريقي الذي سينعقد بعد حين...
 
وكما يعلم الجميع، فكل الدول التي لها منتديات اقتصادية وإنمائية مع إفريقيا تعمل الآن بجد وصرامة على رفض حضور ومشاركة أي دولة غيرِ معترفٍ بها دولياً وبالتالي غيرِ عضوٍ في منظمة الأمم المتحدة!!
 
نهايته... فالجزائر لكي تصبح عضوا كامل العضوية في "مجموعة البريكس" يتوجّب عليها ان تستوفيَ شروطاً اقتصادية وتنموية تعتبر بالنسبة لواقعها الاقتصادي والاجتماعي في حكم المستحيل، لأنها تظل، كما كانت دائماً، مجرد "تاجر شنطة" يبيع الغاز والنفط ولا شيء غير ذلك، بينما يظل شعبها يجرجر ذيول الخيبة والمهانة في طوابير يومية من غريب الصدف أن يكون بعضها للظفر بقنينة غاز، في بلاد الغاز يا حسرة!!!
 
ونهايته أيضاً... فإن هذا الاقتراب من مجموعة البريكس ليس سوى إيداع لمظروف مالي كبير في رصيد بنك البريكس للتنمية، طمعاً فقط لا غير، في القول "إن الجزائر استطاعت أن تنضم أخيرا إلى البريكس رغم كيد الكائدين"...
فيا لها من مغالطة، ويالها من مفارقة مثيرة للمزيد من السخرية والرثاء!!!
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي