في مقال جدير بالقراءة، لأنه حمل في طياته إفادة لمصدر رسمي حول تسمية المؤسسات الخصوصية للمدارس بأسماء أعجمية، كأن المصدر يرد على مقال سابق لي. وقد جاءت إفادته التي أثمنها، على الأقل هناك من يهتم ويتابع، في مقال تحت عنوان: "طريقة جديدة في النصب. أرباب مدارس خصوصية يطلقون أسماء فرنسية غريبة على مدارسهم لاستمالة الأسر!" نشر بـ"أنفاس بريس" بتاريخ الثلاثاء 3 شتنبر2024.
فعلا أثلج الصدر أن جهة ما رسمية تتحمل عناء الرد في مرحلة تربوية" لا تجد فيها الوقت كمدبر تربوي لـ" حك راسك"...
لكن حسن النوايا لا يبرر العجز....
ولغة الإدارة لا تدبر قضية هوياتية، لأنها تتجاوز المساطر والعقل البيروقراطي...
والرهان كان أكبر بكثير من تصريح لا يريد على الأقل الإقرار أن وزارة بنموسى عاجزة عن تطبيق القانون 00.06 ليس عجزا إداريا، بل لأن تطبيقه بصرامة غير انتقائية...يعني انهيار القطاع التربوي الخاص، وهذا ما لا تريده وزارة تخفف من تكلفة التعليم العمومي المجاني بمزيد من التنازلات...
إفادة المصدر من وزارة بنموسى حملت عدة مغالطات، وعلى ديدن بعض من يدافعون عن الاختلالات بالمنظومة، بولاء غريب، لكرسي الوزارة...
فالوزراء يتغيرون، لكن مسامير المائدة، يتم تدويرهم إداريا...
أقول: أسهب المصدر في اللغة التقنية وقصفنا بالمساطر والبرانيم...
للأسف...مازال العقل التقني الوزاري يحسب البرانيم في حد ذاته فتحا مبينا...
بسط المصدر مساطر نحن في غنى عنها في نقاش حول الهوية، ونقاش الهوية نقاش قيمي وطني يحتاج إلى إرادة سياسية تترجم مشروعا مجتمعيا تربويا، وتنقدنا من هويات بصرية ولغوية تقتات من تاريخنا ومن خصوصيتنا...
إفادة المصدر... لا تعدو كونها تبريرا ملتويا لاختلالات علينا أن نتعايش معها لنخفف ضغط النفقات العمومية...
إن لم نستطع فرض اللامجانية، فهناك مسالك متنوعة لفرضها دون " صداع الراس "...
أكد المصدر على ان اختيار أسماء مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي لا يخضع لنفس المسطرة التي يتم بموجبها إطلاق أسماء على مؤسسات التعليم العمومي بكل أسلاكه الثلاثة من الابتدائي إلى التأهيلي، مضيفا " أن اختيار أسماء بعينها لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي تتم من قبل المؤسس الذي يقترحها وينال المصادقة على الاسم، كما هو الشأن بالنسبة لمسطرة الحصول على تسمية الشركات عبر الحصول على الشهادة السلبية، ولا ترتبط البتة بالمسطرة المعمول بها في التعليم العمومي، التي تستلزم الاقتراح، ثم المصادقة عليها من قبل مصالح التخطيط والخريطة المدرسية على مستوى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، وبعدها إحالتها على مديرية الاستراتيجية والتخطيط بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ومنحها رقم GRESA".
إن كان المصدر يرد على ما جاء في مقالي حول " تهافت المؤسسات الخصوصية على تسمية المدراس بأعلام العجم"، فأنا أجد رده مجانبا للصواب، ففعليا، للمؤسس صاحب الشركة إن كان شخصا ذاتيا، أن يطلق على مؤسسته الاسم الذي حصل عليه " certificat négatif ، لكن عند تقديم ملف افتتاح مؤسسة خصوصية باسم الشركة وحتى الشخص الذاتي، فالأكاديمية تترك له الحق في اختيار اسم للمؤسسة، وهناك خانة خاصة في ملف الطلب، الذي يفرق بين الشركة صاحبة المشروع والحق في اختيار اسم آخر للمؤسسة، بغض النظر عن اسم الشركة، وهذا جار به العمل حتى في المقاولات الإعلامية والصحية والتجارية، ليس هناك ربط لزومٍ بين اسم الشركة واسم المؤسسة، ولنا نماذج كثيرة في مجموعات مدرسية كبرى خصوصية...
شخصيا أعلم ألا هناك آلية قانونية لصيانة الهوية المغربية في هذا التهافت، ولكن على بنموسى أن يجتهد، وهذا ما لا تريده وزارة بنموسى: ألا تجتهد في مجال معقد العلائق، وفي تماس مع الآخر الكوني والغربي... ومع مجال يراه مدبرو الميزانية كلما اتسع، خفف الثقل المالي عن ميزانية الدولة...
يعني... تغماض العين...ضرورة... لابد منها....
أما إفادة المصدر" أن المؤسسات الخصوصية تخضع لدفتر تحملات ومناهج ينبغي التقيد والالتزام بها، وتخضع للمراقبة الإدارية والتربوية خلال كل موسم دراسي"... فهذا ضحك على الذقون، وكلنا نعلم الخبايا، ونعلم أن هذا القول فقاعة لا غير، كأن المصدر يتحدث عن مدرسة خصوصية في بلد آخر، فكفى من الهروب من وجه الحقيقة مهما كان بشعا، ودعنا من لغة الخشب...وسأعود إلى التفاصيل في تحقيق مفصل، لنؤكد أن هذا المصدر من وزارة بنموسى إما أنه لا يعلم واقع التعليم الخصوصي أو أنه يتعايش مع واقع تربوي، صعب تغييره، لأن المنهاج الأجنبي هو مصدر جذب للتعليم الخصوصي، لكن الجميل في تصريحه لفظة" ينبغي"... وهذا مربط الفرس...