الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد الرفيع حمضي: البنك المغربي للماء

عبد الرفيع حمضي: البنك المغربي للماء عبد الرفيع حمضي

سيكون من العبث الحديث للمرة الألف، عن أهمية الماء بالنسبة للحياة، وعن خطورة الندرة المائية اليوم، أو حتى عن إشكالية الأمن المائي غدا بالنسبة لبلدنا المغرب.

 

فالأرقام أكيدة وصادمة، أما الإرادة فقوية وحاسمة أما التنزيل فيحتاج إلى انسجام البرامج وإلى ذكاء جماعي، لابتكار الحلول، وإبداع المبادرات، وتثمين الممارسات الجيدة، والبحث والتحري في التفاصيل الدقيقة التي يختفي فيها شيطان التبذير.

 

فهل نعلم كم يستهلك قوم الادارة المغربية وبناياتها من الماء الصالح للشرب؟

 

تصوروا أن أكثر من مليون ومائة ألف موظف عمومي مدني يزاولون عملهم بمرافق الإدارة المغربية بآلاف البنايات والمكاتب عبر التراب الوطني، كم يستهلكون الماء ويستعملونه في حاجياتهم الإنسانية يوميا، ودون أن تربطهم معه أية علاقة لا عاطفية ولا وجودية ولا محاسباتية، إلا من رحم ربك بضمير حي.

 

من منا لا يقف يوميا على اهتراء التجهيزات بالإدارة وضياع الماء الذي يستمر لأسابيع، وإذا أبلغت عن الأمر، يكون الجواب: "ما عليه، الاعتمادات كافية في الميزانية والحمد لله "وفي أحسن الأحوال يكون الجواب: "ماذا تريد أن نفعل؟ لم يعد بالإدارة الأعوان المكلفون بالصيانة ننتظر المقاولة المتعاقد معها.

 

في ميزانية كل القطاعات الحكومية، التي يصوت عليها السيدات والسادة البرلمانيون، وينفذها الوزراء، وغيرهم. ويراقبها قبليا وبعديا الخازن الوزاري، ويفحصها المجلس الأعلى للحسابات. فالبند المدلل والذي لا يسأل عليه أحد هو المتعلق باستهلاك الماء والكهرباء.

 

فهل يكفي أن يتم احتلال الاعلام العمومي، بحملات إشهارية أكثر منها توعوية، حتى ينخرط المواطنون في المجهود الوطني؟

 

إن سلوك الإدارة المتواتر، وممارسة رجالها ونساءها والتي يقف عليها الناس، هي الحافز الرئيسي لتغيير السلوكات اليومية للمواطنين.

فهل من الضروري أن تستمر الادارة في تحمل مصاريف استهلاك الماء لكبار المسؤولين عوض تخصيص لهم تعويض جزافي حتى يكون استهلاكهم ومحيطهم معقلن ؟

 

ماذا لو أحدث رئيس الحكومة المغربية، بنكا افتراضيا وأطلق عليه "البنك المغربي

للماء"؟ وخلال اجتماع مجلس الحكومة الأسبوعي، يطلب من جميع أعضاء الحكومة المساهمة فيه. ولكن هذه المرة السيولة ليست نقدا ولا تحويلات مالية.

 

كما حصل أيام كوفيد 19، أو زلزال الحوز. هذه المرة ستكون المساهمة بالليترات والمتر المكعب. كما أنها لن تكون شخصية، وإنما قطاعية.

 

وهكذا أتصور نزار بركة وزير التجهيز والماء يسجل الأرقام. والسيد رئيس الحكومة يخاطب كل وزير على حدة:

 

السيدة غيثة مزرور، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الادارة، ماهي خطتك لتقليص استعمال الماء، بالإدارة المغربية؟ ماهو حجم السيولة المائية التي ستساهمين به في البنك المغربي للماء، إلى غاية نهاية السنة؟

 

وأنتم سي شكيب، وزارتكم تدبر حوالي إثنى عشر ألف مدرسة 12000، ما هي وضعية تجهيزاتها التحتية؟ وما حجم مساهمتكم بالمتر المكعب في هذا البنك ?ونحن على أبواب الدخول المدرسي .

 

وفجأة يعتدل السيد رئيس الحكومة في جلسته، ويخاطب السيد وزير الداخلية: هل من برنامج لتأطير أكثر من ألف وخمس مائة جماعة ترابية 1500 ?إضافة إلى العمالات، والباشويات،والدوائر ، والقيادات والذي من شأنه انتاج فائض مائي، تساهم به "أم الوزارات "في هذا البنك النموذجي ؟

وقبل أن ينهي الاجتماع الأسبوعي، ويرفع الجلسة بعد حصر الحجم الإجمالي لمساهمة الحكومة. يقول لوزير الأوقاف والشؤون الاسلامية: “سي أحمد البركة ديالك لا بد منها. وهذا بنك بدون ربا . ووزارتكم تسير أكثر من اثنين وخمسين ألف مسجد بمرافقيه”.

 

وعندكم متحف للماء بمراكش، فإني انتظر مساهمة قيمة منكم.

انتهى كاس "اتاي "، وتوجهت إلى حمام الحي. فأمر الإغلاق لأربعة أيام في الأسبوع نافذ.