أثار خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش هذه السنة موضوع الماء وأهميته في الحياة العادية للمواطن كما هي للدولة كتحدي نحتاج فيه جميعا لخطة تتسم باليقظة والفعالية والسرعة . لقد شخص واقعا مضطربا لايعرف الاستقرار لاسيما أن المغرب كبلد فلاحي يرتكز اقتصاده بالأساس على الأمطار .الخطاب وهو يدق ناقوس الخطرعن الوضعية الحرجة التي اصبح يعيشها الوطن من قلة منسوب المياه كاحتياط بالسدود ،التي عرفت نقصا حادا يستدعي منا جميعا التعبئة اللازمة للترشيد باعتماد طرق بديلة تحد من استنزاف هذا المخزون المحدود في ظل توالي سنوات الجفاف وتبذير غير مبرر لهذه الطاقة الحيوية التي باتت تفرض نفسها بقوة وتهدد الاستقرار .
لقد كان الخطاب الملكي وهو يدقق بين التشخيص الحقيقي للوضعية المأزومة للماء مستشرفاباستراتيجية واعية تضع خططا بديلة كحل لهذا الاشكال العميق ، من خلال استكمال ورش الطرق السيارة المائية التي شرعت الحكومةفي انشائها مع بناء سدود اخرى تنقذ كثير من ثرواتنا المائية المهدورة بشكل عشوائي في مناطق المفروض فيها تأمين الاحتياط المائي مادامت تشكو القلة والخصاص وبمرجعية طبيعتها الجغرافية القاحلة أو الشبه صحراوية التي تعرف نذرة في التساقطات ومن اجل خلق كذلك توازن احتياط مائي يؤمن احتياجات كل مجال في استقلالية تامة وهي سياسة ناجعة كان السبق فيها للمغرب في عهد المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني باني السدود .
نحن لاننكر المجهود المبذول في إطار تعميم التغطية للمجال القروي بنسبة 100% في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب لكن في ظل الأزمة التي لم تكن نتيجة ست سنوات من الجفاف لوحدها فحسب بل من سوء تدبيرنا جميعا دون استثناء لهذه الثروة الثمينة التي لم نقدر قيمتها الا ونحن نعيش ازمة نقص تستفز فينا جميعا الوعي باهمية الماء والحكامة في تدبيره. مانعيشه اللحظة يوضح بجلاء عدم امتلاكنا لرؤية استباقية للحل لأن المدبر لايمتلك استراتيجية تحقق السيادة المائية ضد كل الطوارئ جعلتنا ننتقل بسرعة الى فقر مائي حاد. يندرج في هذا السياق ما اوضحته المندوبية السامية للتخطيط وهي تقف على بعض المؤشرات تنبئ بهذه الوضعية من قبيل ايقاف الفلاحة المستنزفة للمياه والتي تقدر ب 9مليار متر مكعب سنويا وعلى رأسها البطيخ الأحمر الذي يكلف كل كيلوغرام منه من 1700لتر إلى 2300لتر فيما فاكهة لافوكا يحتاج كل هكتار واحد إلى 100الف لتر من الماء . وهي محاصيل ليست ذات اولوية في ماسمي بالمخطط الأخضر والذي فشل وتمت اعادته ولادته بصيغة أخرى تحت مسمى الجيل الأخضر وهو لايحمل من الخضرة سوى ماعلق بمخازننا المائية المفرغة إلا من "خز " جعل المواطن يكتوي بلهيب مستعرة في مواد اساسية بمعيشه اليومي وفشلنا في تحقيق السيادة على عدة واجهات تتحمل فيها الحكومة كامل المسؤولية وعلى رأسها وزير الفلاحة انذاك أخنوش الذي هو رئيس الحكومة الحالي فلا تأمين غذاني حققناه ولا حيواني ولاهم يحزنون . دون أن نتكلم عن غياب المراقبة لاستعمالات أخرى لاتقل أهمية عما سبق في فوضى هدر للماء .لعل من ابرز ما يعزز هذه الارتجالية والتسيب ما تعتمده بعض وسائل الاعلام من تعتيم وعدم كشف الحقيقة .حين تسلط الضوء على بعض سلوكات المواطن البسيط و التي لاتخرج عن تدبير محدود لاننقص من قيمته لكن لايصمد امام مساحات شاسعة من الضياع الفظيع لثروة الماء من طرف مسؤولين يملكون مشاريع ضخمة ومساكن كبيرة تستنزف كميات ضخمة من الثروة المائية لاتخطئها العين وتحتاج منا جميعا لمراقبة صارمة . وليس التركيز على المواطن لوحده و الذي تم افقاره من جميع الجوانب ونحاول الآن مصادرة حقه في الماء المصدر الوحيد المتبقى بعد الخبز الذي اصبح صعب المنال ونحن نعاين مسيرات رحلة العطش في القرى والهوامش مشيا على الأقدام وعلى الدواب للمطالبة بتوفير الماء .هذا في عهد حكومة يقال عنها ياحسرة اجتماعية ..!