في إطار الاحتفالات بالذكرى 25 لعيد العرش، واستحضارا لذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب، عقدت مؤخرا النقابة الوطنية للعدول والمجلس الجهوي لعدول استئنافية بني ملال خنيفرة، لقاءات تواصلية، للنقاش حول " الدور التاريخي لمهنة العدول في الدفاع عن حوزة الوطن و الانخراط الجاد في ترسيخ دولة الحق والقانون".
وأجمع العدول وقانونيون على أهمية التوثيق العدلي في دعم المسار القانوني للمملكة، ودور التوثيق العدلي تاريخيا في صيانة المكتسبات والدفاع عن الحقوق عبر التوثيق القانوني لعقود طبعت الفعل القانوني ورسخت لدولة الحق والقانون في المملكة، مؤكدين خلال المداخلات على أن دور التوثيق العدلي في تاريخ المغرب ارتبط دوما بالسلاطين العلويين وتوجههم لإقامة دولة القانون والعدل والحق المستمدين من مبادئ إسلام الوسطية والاعتدال ، موضحين، أن جل الكتب السلطانية كانت توثق تاريخيا من طرف السادة العدول، وصولا إلى عقد البيعة بين السلطان والشعب الذي نال شرف توثيقه العدول.
ورصد العدول خلال اللقاءات التواصلية بالنقابة الوطنية لعدول المغرب دور التوثيق العدلي تاريخيا في تثبيت مبادىء دولة الحق و القانون، والحرص على تكليف السادة العدول بتوثيق عقد البيعة بين الملك والشعب، الذي يبرز أهمية التوثيق العدلي كوسيلة نابعة من تعاليم الدين الإسلامي في دعم الحياة القانونية في المملكة.
وأبرز المحاضرون خلال المناقشات أهمية التوثيق العدلي الذي عرف مسارا طويلا في الدفاع عن القضايا الكبرى للمملكة، من خلال ما ساهمت فيه عقود العدول في توثيق عقود الزواج والطلاق بالمناطق الصحراوية، والتي سجلت كوثائق قانونية ترافعية وضعها المغرب ضمن المستندات و الوثائق التاريخية في المحاكم الدولية للتأكيد على مغربية الصحراء وتقديمها كحجة قانونية وبرهان على ارتباط سكان الصحراء بالسلاطين العلويين.
واستعرض الدكتور في القانون، إدريس الطرالي، رئيس المجلس الجهوي لاستئنافية عدول جهة بني ملال خنيفرة، الدور الهام الذي يكتسي مهنة العدول على مر التاريخ في ترسيخ القواعد القانونية المنظمة للعلاقات بين الناس في المجتمع ، مستحضرا أهمية المهنة في المنظومة القانونية المغربية والتقاليد المغربية انطلاقا من ثقة السلاطين العلويين في تكليف العدول بتوثيق عقد البيعة كأسمى عقد في المملكة.
وقدم الطرالي العضو في النقابة الوطنية للعدول، عرضا حول المكانة التي أولاها السلاطين العلويين لمهنة العدول، ووضعها المتميز في الحياة الاجتماعية للمغاربة عبر التاريخ إلى يومنا هذا، موضحا قيمة المهنة ضمن مصاف المهن القانونية والقضائية التي تساهم في الحفاظ على الأمن التعاقدي و الحفاظ على الأعراض والأنساب والممتلكات ، مضيفا أن مهنة العدول تعد إحدى أهم أعمدة القضاء في المغرب، لما حملته لعقود في توثيق الأحكام القضائية.
وجاء في عرض الدكتور الطرالي، أن مهنة العدول المهنة التي تستحضر الوازع الديني و الوطني، إذ يعد العدول جنود مجندين في خدمة القضايا الكبرى للمملكة و السباقين للدفاع عن الحوزة الوطنية ، مستدلا بما عرفه الإعداد لعقود تعطي للمغرب مكانته في الحفاظ على وحدته الوطنية و الدفاع عن الهوية الوطنية ضمن تسجيل عقود اجتماعية وثقت في الأقاليم الجنوبية على مر التاريخ، ورفعت كدفوعات قانونية إستعان بها المغرب في المحكمة الدولية لإثبات مغربية الصحراء وإرتباط الصحراويين بحكم السلاطين العلويين، حيث إعتبر المحاضر، أن مهنة العدول من المهن التي لا زالت تساهم في الدفاع عن الثوابت الوطنية و الدينية، و تساهم في حماية الأمن التعاقدي للمغاربة.
و سلط الدكتور الطرالي الضوء على فترة ما بعد الاستقلال، موضحا أن منافسة الريع التشريعي ساهم في التشريع لفترة معينة على حساب العدول ، موضحا، أن الترسانة القانونية التي تستمد منها مرجعية مهنة العدول ترجع في أغلب نصوصها الى مرجعية إسلامية قانونية ودينية، و التي تدعو في عمق ممارستها القانونية و الاجتماعية إلى ترسيخ العدل واجتناب الكبائر و التقوى من السقوط في الصغائر.